هذا المقال بقلم کاملیا انتخابي فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
في الوقت الذي كانت وسائل الإعلام العالمية تسلط الضوء فيه على النشاطات الروسية والإيرانية في أفغانستان، وعلى علاقة البلدين مع طالبان، قامت الولايات المتحدة يوم الأربعاء الماضي بقصف منطقة (آشين) في مقاطعة (نانجهار) بأقوى قنبلة غير نووية في ترسانة الجيش الأمريكي، والتي يطلق عليها اسم "أم القنابل". هذه القنبلة، التي تملك قوة تدميرية هائلة وصوتاً يشبه صوت القنبلة النووية وتسبب هزة أرضية هائلة، والتي لم تستخدمها الولايات المتحدة من قبل في الأعمال القتالية، استخدمها الجيش الأمريكي لقصف مقر جديد لتنظييم داعش الإرهابي في أفغانستان.
جاء ذلك الحدث قبيل عقد اجتماع دبلوماسي بين روسيا الصين وإيران في موسكو يناقش الجوانب الأمنية المتعلقة بحدود هذه البلدان الثلاثة مع أفغانستان والمحادثات التي أجرتها هذه الدول مع طالبان حول هذه القضية. ولأنها تعرف العداء المتمكن بين تنظيم داعش وحركة طالبان، استغلت الدول الثلاث قوة طالبان ضد تنظيم داعش الإرهابي لضمان إغلاق حدودها أمام التنظيم. لكن الولايات المتحدة رأت الأمور من منظار آخر، حيث أدركت أن تصاعد نفوذ هذه الدول الثلاث في أفغانستان قد يأتي على حساب مصالحها ونفوذها في المنطقة. ومع أنه من غير الواضح الشروط التي وافقت على أساسها طالبان على التفاوض مع روسيا وإيران، إلا أن بعض المراقبين يتوقعون أن ذلك تم بناء على اتفاق بتزويد طالبان بالسلاح والذخيرة، لكن إيران وروسيا وطالبان نفت هذه الادعاءات وأصرت أن هذه الإجراءات تم اتخاذها لأسباب دبلوماسية.
ومع هزيمة داعش الوشيكة في العراق وسوريا، هناك احتمال بأن يحاول التنظيم الإرهابي تأسيس خلية في أفغانستان تعمل على تسهيل دخول المقاتلين الهاربين من سوريا والعراق، بالإضافة إلى تجنيد متطوعين جدد. أفغانستان تملك المقومات التي تؤهلها لتصبح ملاذاً آمناً للإرهابيين إذا لم ينتبه العالم إلى ما يحدث ويمنع الخطر قبل وقوعه.
ومن الواضح أن "أم القنابل" ألقيت في منطقة جبلية نائية تكثر فيها الكهوف ويختبئ فيها عدد من مقاتلي داعش، فيما يصعب على الجنود الأمريكيين الوصول إليها. وحسب مسؤولين أفغان، فقد أدت "أم القنابل" إلى مقتل حوالي 100 مقاتل من تنظيم داعش. لكن الأهم من عدد القتلى هي الرسالة التي بعثها استخدام القنبلة بأن الولايات المتحدة لن تسمح بإنشاء خلية جديدة لتنظيم داعش في أفغانستان، بالإضافة إلى الخوف الذي بثته القنبلة في نفوس الفصائل المختلفة على الأرض.
بالنسبة لمقاتلي داعش الذين نجوا من المعارك في سوريا والعراق، وخاصة أولئك القادمين من آسيا الوسطى، تعتبر أفغانستان المكان المثالي لتنفيذ عملياتهم، خاصة في إيران وروسيا الجارتين. ومع احتمال تلقي الدعم من باكستان، حسب ما يقول مسؤولون أفغان، فإن بإمكان التنظيم أن يكون متفائلاً إلى حد ما. لكن الرسالة التي بعثتها "أم القنابل"، بأن أمريكا مستعدة لاستخدام القوة القصوى، ساهمت في تقليص هذه الآمال إلى حد كبير.
على هذه الخلفية، وصل الجنرال ماكماستر، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى كابول يوم الأحد 16 ابريل لعقد "مباحثات هامة جداً حول التعاون المشترك،" حسبما ذكر في تغريدة على تويتر.
من ناحية ثانية، بعثت "أم القنابل" رسالة أخرى إلى اللاعبين الإقليميين والدوليين بأن الولايات المتحدة جادة في مكافحة الإرهاب.
من جانبها، رحبت الحكومة الأفغانية باستخدام القنبلة الأمريكية واعتبرت ذلك عملاً ضروريا وجاداً في مكافحة الإرهاب. وسائل الإعلام الاجتماعي في أفغانستان عبّرت عن الأمل قائلة بأن استخدام "أم القنابل" يبين أن أمريكا لم تتجاهل البلد وأن أفغانستان لن تخضع لهيمنة قوة شريرة أخرى.
القصر الرئاسي في أفغانستان رحب بالمسؤول الأمريكي البارز بتغريدة على تويتر: "أهلا بك في كابول #جنرال ماكماستر وشكراً لدعمك المستمر."