الرباط (CNN)— بعد اعتقال ناصر الزفزافي، أشهر وجوه حراك الريف شمال المغرب، ونقله إلى الدار البيضاء لأجل التحقيق، ظهر اسم نوال بنعيسى، سيدة مغربية بارزة في الاحتجاجات داخل الحسيمة، وكذا في فيسبوك عبر بثها فيديوهات مباشرة تدعو من خلالها سكان الإقليم للاستمرار في الضغط على السلطات لأجل إطلاق سراح المعتقلين والاستجابة للمطالب التي يرفعها الحراك منذ حوالي سبعة أشهر.
ولم يبزغ نجم نوال بنعيسى خلال الأيام الأخيرة فقط لعملها الميداني أو تلقيبها من لدن الإعلام بخليفة الزفزافي، بل لأنها إحدى زعامات الحراك في منطقة محافظة، إذ لم تظهر كثيرا أسماءٌ أنثوية في الاحتجاجات خلال الأشهر الماضية، ممّا جعل من نوال، حديث العامة والخاصة، لا سيما وأنها لم تأتِ من حزب أو جمعية، بل تشرّبت لغة الاحتجاجات بشكل عفوي دون سبق إصرار وترصد.
عبر حوار أجرته معها CNN بالعربية عبر الهاتف، تتحدث بنعيسى عن نفسها وأسباب تنظيم مسيرات نسائية ومصير الحراك وكذا ثقتها في الملك بالاستجابة لما يرفعه المحتجون من مطالب.
من هي نوال بنعيسى؟
أنا ابنة الريف، لم أكمل دراستي إذ توقفتُ في مستوى البكالوريا، لظروف مادية ولأن أغلب العائلات في المنطقة محافظة ولا تفضل السماح لبناتها بالدراسة خارج مدينة الحسيمة التي لا تتوفر على نواة جامعية. بعد خروجي من الدراسة تزوجت، وأنا اليوم ربة بيت، أم لأربعة أولاد، ليس لديّ انتماء حزبي ولا جمعوي.
كيف انضممتِ إلى حراك المنطقة؟
جاء ذلك بشكل عفوي، وتحديدا يوم مقتل الشهيد محسن فكري في شاحنة أزبال، فبعد معرفتي بالأمر عبر فيسبوك، خرجتُ أنا وزوجي للاحتجاج على ما جرى، وكان ذلك اليوم نقطة فاصلة في حياتي، إذ قرّرت حينئذ الاحتجاج على ما نعانيه من تهميش في إقليم الحسيمة ومنطقة الريف عموما. وكما هو معلوم، اتفق معنا سكان خارج المنطقة في المطالب واحتجوا كذلك على وضعهم بما أنهم يعيشون الإقصاء ذاته.
هل تتفقين مع وصفك بـ"خليفة الزفزافي"؟
الحديث عن أنني خليفة الزفزافي أو حتى قائدة الحراك أمر مجانب للصواب ولا أتفق معه، فلسنا هنا في قطيع حتى نحتاج لقائد، أنا إنسانة عادية، كل كلامي يأتي غيرة على الحراك وعلى الريف. يمكن أن يقال عني إنني وجه بارز في الحراك لأنني كنت أشارك المنصة مع ناصر الزفزافي ومحمد جلول، لكن ليس قائدة الاحتجاجات.
لاحظنا مؤخرا أنك شاركت في تنظيم مظاهرة نسائية داخل الاحتجاجات، ماذا كان الهدف منها؟
هذه ليست المرة الأولى، فقد نظمنا يوم 8 مارس الماضي مسيرة نسائية شاركت فيها آلاف النساء لأجل التنديد بالأوضاع التي تشهدها منطقة الريف وليس احتفاء بعيد المرأة. بخصوص أوّل أمس السبت، فقد اقترحت عليّ والدة ناصر الزفزافي أن ننظم مسيرة نسائية بمدينة الحسيمة تحضر فيها قريبات المعتقلين، والهدف منها إعطاؤهن الكلمة، كما نظمنا مسيرة أخرى مشابهة بمدينة إمزورن لأجل إبراز الصوت النسائي.
ألا تتخوفين من انتقاد هذه المسيرات بأنه نوع من "تأنيث النضال"؟
لست ضد الانتقاد، لكن هذا الأمر غير صحيح، فنحن لا نفرق بين الجنسين أبدا، هناك أشكال احتجاجية مشتركة بين الجميع ستستمر.
تُحقق النيابة العامة مع 20 معتقلا من الحراك بتهم ثقيلة منها "محاولة القتل العمد، والتحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة، والمس بسلامة الدولة الداخلية"، كيف ترينَ هذه التهم؟
هذه تهم جاهزة، لا يمكن للمعتقلين أن يقوموا بهذه الأمور. مثلا كيف يمكن لهم المسّ بالوحدة الترابية للمملكة وهم يصرخون منذ 7 أشهر بأنهم جزء من هذا الوطن ويريدون حقهم داخله؟ أكرّر هذه تهم جاهزة.
إلى أين يمكن أن تصل احتجاجاتكم؟
كلّما أخرج إلى الشارع، يؤكد لي السكان أنهم لن يتوقفوا عن الاحتجاج حتى إطلاق سراح من أسميهم أنا بالمختطفين، ولو اقتضى ذلك أن يسلّم السكان أنفسهم واحدا واحدا. احتجاجاتنا كانت سلمية وستبقى سلمية رغم كل استفزازات الدولة. مطلبنا الآني هو إطلاق سراح جميع المختطفين.
والمطالب الأخرى؟
صحيح أن الدولة قامت بالاعتقالات حتى تغيّر مجرى الحوار إلى التركيز على إطلاق سراحهم، لكن هذا لا يعني أننا سنتنازل عن الملف الحقوقي بعد 7 أشهر من الاحتجاج، فلن نتراجع أبدا عن بقية المطالب الأخرى. وعموما فلدينا الثقة في شخص الملك. نحن ننتظر ولدينا الأمل، بل نحن متفائلون، رغم كل ما يجري من قمع، بتدخل الملك لأجل الاستجابة لمطالبنا.