الرباط (CNN)— رغم أجواء الحرارة، وتزامن المظاهرة مع نهارٍ في شهر رمضان، إلّا أن ذلك لم يمنع عشرات الآلاف من المغاربة، من الاحتجاج في مسيرة ضخمة بالعاصمة الرباط، تضامنا مع حراك مدينة الحسيمة بمنطقة الريف، ومطالبةً بإطلاق سراح جميع معتقلي الحراك الذين يعدّون بالعشرات.
المسيرة التي انطلقت من ساحة باب الأحد في تمام منتصف النهار لليوم الأحد، شكّلت سلسلة بشرية واحدة امتدت حتى النافورة المقابلة لمحطة القطار الرباط المدينة، قبل أن تنتهي في حوالي الساعة الثانية.
وحملت المسيرة شعارات متعددة من بينها "المخزن يطلع برا.. والمغرب أرضي حرة.. والحسيمة أرضي حرة"، و"أنا مغربي أنا.. بالهوية والسلالة.. استحالة استحالة أرضى أنا بالمهزلة"، و"عاش الشعب"، و"علاش جينا واحتجينا.. والكرامة لي بغينا"، "يا المخزن عيّقتي.. شحال وشحال قمعتي".
كما شهدت المسيرة ترديد عبارة "طحن مو" كلازمة في أغنية صدحت بها حناجر العشرات من المتضامين، وهي العبارة التي قيل إن أحدًا قد نطق بها لأجل الإجهاز على بائع السمك، محسن فكري، في شاحنة نفايات، أكتوبر الماضي، قبل أن تنفي الشرطة بشكل قاطع وجود أمر بهذا النوع. وحضر العلم الأمازيغي بقوة في المسيرة، إلى جانب علم حركة 20 فبراير، كما حمل عدة متظاهرين العلم المغربي.
وانقسمت المسيرة إلى مجموعات يتقدم كل منها منسق أو منسقة توجد شعار المجموعة، وكان واضحا الحضور القوي للنساء في المسيرة، فإلى جانب وجود مجموعات من المتظاهرين الرجال والنساء، شكّلت الكثير من المتظاهرات مجموعة واحدة في منتصف المسيرة، كما كان جليا حضور الكثير منهن رفقة أطفالهن.
وشاركت في المسيرة جماعة العدل والإحسان، وهي جماعة إسلامية معارضة، إذ حضرت بثقل قوي إن على مستوى الشعارات أو على مستوى عدد المتظاهرين، كما شاركت فيها فدرالية اليسار الديمقراطي، وحزب النهج الديمقراطي، والعديد من الجمعيات الأمازيغية والحقوقية.
ورغم عدم تبنيها بشكل رسمي من أحزابهم، حضر أعضاء من أحزاب "الاستقلال" و"العدالة والتنمية"، و"الاتحاد الاشتراكي" في المسيرة، كما شارك في المسيرة عدد من أسر معتقلي حراك الحسيمة، ومنهم والدي ناصر الزفزافي، وأفراد من أسرة محمد أصريحي ومحمد جلول.
في الجانب الآخر، حضر بضعة أفراد مناوئين للمسيرة، وحملوا صور الملك والرايات المغربية، وحالت عناصر الأمن دون وقوع مناوشات بينهم وبين المتظاهرين، إذ لم يُسمح لهم بالدخول إلى المسيرة، وبقوا في جانب قريب يرّددون شعاراتهم التي ترمي المتظاهرين بمحاولة إيقاع الفتنة في البلاد.
وفي الوقت الذي تشير فيه تقديرات المتظاهرين أن عدد المشاركين في المسيرة قد يصل إلى مئة ألف، خاصة وأن مسيرة اليوم الأحد تعدّ إحدى أكبر المظاهرات الاحتجاجية بالرباط في السنوات الأخيرة، قالت وكالة الأنباء الرسمية "و.م.ع"‘ إن العدد كان ما بين 12 و15 ألف، فيما يظهر بشكل واضح أن عدد المتظاهرين يقدّر بعشرات الآلاف.
وقال بيان عن المسيرة، تلاه من كانوا يرفعون الشعارات، إن شعارها هو "وطن واحد، شعب واحد، ضد الحكرة"، مشيرًا إلى أن "الاستجابة التلقائية والقوية للشعب المغربي، بكل قواه الحية، بالمشاركة الكثيفة في هذه المسيرة، تأتي في سياق تكامل كل ربوع الوطن، في مواجهة الاختيارات المخزنية الأمنية أمام تصاعد الاحتجاجات السلمية، في مناطق المغرب، وبالخصوص إقليم الحسيمة".
وتابع البيان أن المسيرة "الناجحة" تطالب بـ"إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم معتقلي الحراك"، وأنها تشيد بـ"الاستماتة النضالية لأسر معتقلي الحراك واستعداد الشعب المغربي لاحتضان معركتهم"، كما أنها تدعو جميع المغاربة بـ"التكاثف لتحصين المكاسب الديمقراطية والاجتماعية".