هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
نشرت منظمة اليونيسيف تقريرا حول وجود ثغرات كبيرة في التمويل تهدد المساعدات التي يتلقاها 9 ملايين طفل من سوريا ودول الجوار. وتقول المنظمة، التي تدعم برامج تخدم أكثر من 9 ملايين طفل داخل سوريا ودول الجوار، إن برامجها على وشك أن تتوقف بسبب وجود ثغرة كبيرة تبلغ 220 مليون دولار من الدعم الأمريكي للمنظمة.
ربما بسبب مجموعة من اتفاقيات الهدنة بين المتمردين والجيش السوري التي تبدأ في 19 يوليو، واحتمال تحرير مناطق جديدة يحتلها تنظيم داعش، ستكون هناك حاجة أكبر للتمويل لتأمين الاحتياجات الضرورية لسكان تلك المناطق خلال الأسابيع القادمة.
وفي الوقت الذي يطالب فيه العالم كله الولايات المتحدة بالتراجع عن قرارها بتقليص تمويل الأمم المتحدة، أعتقد أن هناك تساؤلات أكثر أهمية حول مسؤولياتنا في المنطقة تجاه هؤلاء الأطفال والصراع بشكل عام.
إن على كثير من دول المنطقة، والتي تعتبر بعضها طرفاً في الصراع في سوريا، أن تتحمل مسؤولياتها عن دورها في هذه الأزمة وتقدم التمويل الذي تطالب به اليونيسف لسد الثغرة المالية التي تؤثر على المنظمة. من إيران إلى السعودية وقطر والكويت، وحتى بعض الدول البعيدة عن المنطقة مثل روسيا، جميع هذه الدول متورطة في الصراع وهي بالتأكيد قادرة على سد الثغرة التي تحدث عنها تقرير يونيسيف.
السيد جيرت كابليري، المدير الإقليمي لليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال إن "هذه أكبر فجوة تمويل واجهتها اليونيسيف منذ بدأنا نستجيب للأزمة في سوريا –وهي من أكبر العمليات الإنسانية في تاريخ المنظمة. الاحتياجات الإنسانية مستمرة في النمو يوماً بعد يوم داخل سوريا وفي دول الجوار، فيما تهدد الضغوط على المجتمعات المضيفة الكريمة بشكل جدي قدرتها على تغطية النفقات."
دول الجوار التي تتحدث عنها منظمة اليونيسيف هي الدول التي توجد فيها معظم مخيمات اللاجئين السوريين. تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين على أراضيها –معظمهم داخل مخيمات-. كما يستقبل الأردن ولبنان أعداداً كبيرة من اللاجئين الذين يعتمد أطفالهم على كرم الدول المضيفة وعلى المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة. إن من الصعوبة بمكان على الدول المضيفة الاستمرار في تقديم المساعدات للاجئين دون مساعدة الأمم المتحدة، ومن الصعب بالطبع على اللاجئين أن يجدوا طرقاً أخرى تساعدهم في البقاء على قيد الحياة.
نقص التمويل الذي يتلقاه ملايين الأطفال السوريين يمكن أن يسبب كوارث أخرى، بما في ذلك الاتجار بالبشر والزواج المبكر ودعارة الأطفال، وصولاً إلى تجنيد الأطفال من قبل منظمات إرهابية.
في الوقت الذي تتقلص فيه قدرة الأمم المتحدة على تقديم التمويل اللازم لمساعدة اللاجئين السوريين، ربما تتقلص أيضا قدرة الدول المضيفة على الصبر على تحمل تداعيات هذه الحرب الأهلية المستمرة منذ سبع سنوات دون وجود آفاق حل قريب.
لكن النقص في تمويل مساعدات اللاجئين وبوادر نفاد الصبر من قبل الدول المضيفة يجب أن تكون سبباً في الضغط على الدول المتورطة في الصراع ومطالبتها بتحمل مسؤولياتها ووضع حد لهذه الأزمة الإنسانية الكبيرة.
هناك مثل شهير في إيران يقول إن "الضيف مثل النَّفَس، فهو يسبب الاختناق إذا جاء ولم يغادر." لقد آن الأوان ليغادر الضيف بأمان ويعود إلى بلاده.
(المحادثات السورية التالية من المقرر أن تتم في أستانة في 4-5 يوليو ، وبعد ذلك ستستضيف الأمم المتحدة أطراف الصراع في جنيف في 10 يوليو.)