واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- سيجتمعان أخيراً!
كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين يدوران حول بعضهما، مفتونان ببعضهما ولكن عن بعد، منذ أن أعلن قطب العقارات السابق ترشحه لسباق الوصول إلى المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.
هذا الأسبوع سيلتقيان وجهاً لوجه في أحد أكثر الاجتماعات التي طال انتظارها بين رئيسين منذ سنوات. سيكون اجتماعاً غنياً بالسيناريوهات السياسية والجيوستراتيجية والشخصية.
إذ في قمة مجموعة العشرين في ألمانيا سيرحب ترامب بالرجل الذي تعتقد وكالات الاستخبارات الأمريكية أنه كان وراء مؤامرة استخباراتية لعرقلة الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضي، ومساعدته في تولي السلطة.
وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، أثنى ترامب بسخاء على بوتين، الذي تنظر إليه معظم واشنطن كعدو لأمريكا. وقال ترامب إن الزعيم الروسي كان "لطيفاً جداً" معه ونفى ادعاءاته السابقة بأنهما تقابلا في السابق.
ووصف بوتين، وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات الروسي "KGB" يحاول عبر سياسته الخارجية إعادة تأكيد النفوذ الروسي على حساب الغرب، ترامب بأنه "لامع وموهوب". لكنه حذر من أن أمريكا تعيش حالة "انفصام سياسي" حول مزاعم أن ترامب شارك مسؤولين روس بمعلومات استخباراتية سرية.
وستجذب الظروف الاستثنائية والآثار السياسية لاجتماعهما في هامبورغ الذي سيُعقد في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وأي لقاء بينهما أمام الكاميرات في لحظات أقل رسمية خلال قمة مجموعة العشرين، أنظار العالم.
ولكن هناك بُعد إضافي للقاء لأنه بين بوتين وترامب.
إذ يُعرف الرجلان بـ"التبختر بالرجولة" خلال الظهور في المناسبات لتخويف المعارضين وتقديم صورة تُظهر القوة، لإدراكهما بدور لغة الجسد المحوري في خلق الروايات السياسية.
وقال ديريك تشوليت، وهو مسؤول سابق في الأمن القومي في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، ويعمل الآن مع "صندوق مارشال الألماني": "أتوقع أن يكون هناك مستوى أولمبي من استخدام لغة الجسد لإرسال رسائل ضمنية من قبل هاذين الزعيمين، اللذين يفهمان أهمية الرمزية ومظاهر القوة."
ويواجه ترامب ضغوطاً سياسية شديدة لتناول قضية التدخل الروسي المزعوم في انتخابات عام 2016.
كما يجب عليه تجنب أي تفاعل مرتجل مع بوتين من شأنه أن يعزز من مزاعم خصومه بأنه يقع تحت تأثير الزعيم الروسي في وقت يقوم فيه محام خاص بالتحقيق فيما إذا كان هناك أي تواطؤ بين مساعديه والمسؤولين الروس قبل الانتخابات.
ولطالما استخدم بوتين المظاهر ليعرب عن استيائه من الرؤساء الأمريكيين. في عام 2013، على سبيل المثال، كانت التوترات بينه وبين الرئيس أوباما آنذاك واضحة، بينما جلس الاثنان أمام الصحفيين بتعابير متحجرة خلال اجتماع في إيرلندا الشمالية. وفي وقت لاحق، علق أوباما على أن بوتين في بعض الأحيان جلس مترهلاً "كطفل يشعر بالملل في فصل مدرسي."
وحتى من دون قضية الانتخابات، فإن الاجتماع بين ترامب وبوتين هو مفتاح لمستقبل أوروبا والشرق الأوسط. إن مسألة العقوبات الأمريكية ضد روسيا لتوغلها في شبه جزيرة القرم ومستقبل سوريا بعد السقوط الوشيك المتوقع لتنظيم "داعش"، وكيفية منع القوات الأمريكية والروسية الناشطة في الدولة من الاشتباك واستعداد الولايات المتحدة للوقوف إلى جانب حلفائها في "الناتو" كلها معلقة في الميزان.
من لديه اليد العليا؟
في بعض النواحي، سيدخل ترامب الاجتماع بوضع سيء بعض الشيء. إذ يواجه ضعفاً في أمريكا، منتقلاً من عاصفة سياسية من صنع يده إلى أخرى، مما ترك مجالاً محدوداً للمناورة في السياسة الخارجية.
بوتين، الذي ليس لديه داع للقلق من الضوابط التي تقيد ترامب، عزز مكانته باعتباره قوة عالمية رئيسية، ولعب بخبرة رغم ضعف موارده لإعادة تأكيد نفوذ روسيا في أوروبا والشرق الأوسط.
وأي محاولة للتبختر أو التباهي من قبل الزعيمين ستستحوذ على العناوين الرئيسية.
إلا أن المحادثات لها غرض استراتيجي حاسم أيضاً، إذ أنها تحدث في وقت العلاقات فيه بين روسيا والولايات المتحدة في أكثر الحالات خطورة منذ الحرب الباردة.
وقال ماثيو روجانسكي، مدير معهد "كينان" في مركز "وودرو ويلسون": "زخم العلاقات بين القوى النووية الكبرى في العالم أصبح الآن سلبياً جداً، وحان الوقت لوقف أي شيء يشبه المزيد من التصعيد أو التدهور." مضيفاً: "هذا أمر ممكن فقط على مستوى الرئاسة."