الرباط (CNN)— أثار تقرير خبرة طبية أنجزها طبيبان لصالح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة دستورية أنشأتها الدولة المغربية، حول تعذيب مفترض لعدد من معتقلي حراك الريف بشمال المغرب، ضجة واسعة، أدت إلى توضيحات من لدن المجلس الذي اعتبر الخبرة "وثيقة داخلية"، وكذا إلى تصريحات رسمية من الأمن ووزارة العدل والحريات.
تقرير الخبرة الطبية الذي جرى تسريبه لعدد من وسائل الإعلام أمس الاثنين، يصل إلى 35 صفحة، هو خلاصة عمل فريقين بإشراف من طبيبين مغربيين، كلفهما المجلس بالتحري في مزاعم تعرض بعض الموقوفين على خلفية حراك الريف للتعذيب حسب ما نقله عنهم محامو الدفاع، وأجرى الفريقان فحوصات على 19 معتقلا بالدار البيضاء و15 معتقلا بالحسيمة وآخر في حالة سراح، كما أجرى لقاءات معهم.
وخلص التقرير في بعض مضامينه أن عددا من شهادات الموقوفين بشأن تعرضهم للتعذيب والمعاملة السيئة خلال التوقيف والاعتقال في مراكز الأمن بالحسيمة "لديها مصداقية عموما بالنظر لانسجامها وتماسكها ووجود أعراض جسدية ونفسية"، كما أبرز أن هناك احتمالا، في عدد من الحالات، لـ"خرق الضمانات الدستورية والقانونية التي يفترض أن يتمتع بها الموقوفون".
أولى ردود الأفعال على هذه الخبرة الطبية، جاءت من المجلس نفسه، إذ أصدر بلاغا توضيحا أشار فيه إلى "استغرابه" من عملية التسريب الجزئي للتقرير الذي كان موجها حصريا إلى الجهة المعنية (أي وزارة العدل والحريات)، متحدثا عن أن "الاستغلال الأحادي لبعض الشذرات من وثيقة داخلية قد أدى إلى استنتاجات لم يخلص إليها العمل المنجز من قبل الخبيرين المكلفين"، مبرزا أن هذه الخبرة الطبية "ليست تقريرا نهائيا يمثل موقف المجلس"، الذي "لا يمكن له التطاول على اختصاص السلطة القضائية".
كما تدخلت المديرية العامة للأمن الوطني على الخط، وأعلنت "رفضها القاطع للمزاعم الخطيرة الموجهة لمصالحها وموظفيها، والتي أوردها البعض بصيغة الجزم والتأكيد"، مؤكدة في بلاغ لها "حرصها على صون حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها وطنيا ودوليا، واحترام ضمانات الحرية الفردية والجماعية خلال ممارسة الوظيفة الشرطية"، متابعة أنها "ستجيب على جميع الادعاءات الواردة في الوثيقة حال التوصل بها رسميا من الجهة التي أعدتها".
كما قالت وزارة العدل والحريات إنها أحالت تقرير الخبرات الطبية المنجزة فور توصلها بها على الوكيلين العامين للملك بمحكمتي الاستئناف في الدار البيضاء والحسيمة، لأجل "ضم هذه الخبرات لملفات القضايا المعروضة بعضها على قاضي التحقيق والبعض الآخر على المحكمة لاتخاذ المتعين قانونا"، متحدثة عن أنه سبق للنيابة العامة أن التمست من قاضيي التحقيق إجراء خبرة على كل من ادعى التعذيب".