هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، وقبل توقيع الاتفاق النووي الدولي مع إيران، كان الكثير من الأصدقاء والمحللين السياسيين والصحفيين في المنطقة يسألونني إذا كان الاتفاق النووي الإيراني سيتم في النهاية. كان جوابي دائماً هو "نعم". كنت أؤمن بذلك من خلال متابعتي المكثفة للمحادثات وتحليلي للمفاوضات بين إيران والدول الأخرى التي أطلق عليها مجموعة 5+1 (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا.)
كان تقديري للموقف نابعاً من معرفتي الوثيقة ببلدي الذي وُلدت فيه، إيران، وحكامه الذين كانوا يعيرون الاتفاق النووي أهمية كبرى لأنه بالنسبة إليهم يعني اعتراف العلم بالنظام في الجمهورية الإسلامية. بالطبع كان الجميع يفاوضون للوصول إلى أفضل حل ممكن بالنسبة لجميع الأطراف، ولكن من وجهة نظري كان الهدف الرئيسي لطهران هو الوصول إلى الاتفاقية من خلال الدبلوماسية لإثبات قدرة النظام على معالجة القضايا من خلال مفاوضات سلمية.
بشكل أساسي، كان إرضاء الشعب الإيراني المستاء من ظروف المعيشة والصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد يشكل أحد الأهداف الرئيسية لهذه المفاوضات بالنسبة للطرف الإيراني. ومن ناحية أخرى، كان النظام الإيراني يحاول تجنب المواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها.
بالنسبة للمواطن الإيراني العادي، كان الاتفاق النووي يعني أن الاقتصاد سوف يتحسن وأن البلد سيخرج أخيراً من العزلة الدولية المفروضة عليه منذ سنوات طويلة. كان الهدف الأول بالنسبة لمعظم الإيرانيين هو العودة إلى ما كان عليه الوضع في إيران قبل الثورة الإسلامية. كان الإيرانيون يتوقون إلى رؤية بلدهم يعود غنياً يتمتع باحترام عال في المنطقة والمجتمع الدولي، لكن من الواضح أن تلك الأماني لم تتحقق بعد توقيع الاتفاق.
شاه إيران السابق، محمد رضا بهلوي، توفي في مصر في 27 يوليو 1980 –منذ 37 عام تقريباً. أما الاتفاق النووي فتم التوصل إليه في 14 يوليو 2015 –أي أن هناك فجوة بحوالي 35 سنة للوصول إلى اتفاقية أساسية يعِد من خلالها المجتمع الدولي بتقديم الدعم الاقتصادي لهذا البلد وتحسين العلاقات معه إذا توقفت إيران عن تطوير البرنامج النووي. لكن إزالة عقود من عدم الثقة والعداء والخلافات بين المجتمع الدولي وإيران في مرحلة ما بعد الثورة أمر صعب جداً إن لم يكن مستحيلاً.
مرّت سنتان على توقيع الاتفاقية، وأجرت إيران انتخابات رئاسية جديدة أعاد فيها الشعب الإيراني انتخاب حسن روحاني في شهر مايو السابق. لم تتغير الكثير من الأمور، لكن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ليس راضياً عن الاتفاقية النووية مع إيران، وهناك تقارير بأنه يبحث عن طريقة يحاول من خلالها إلغاء الاتفاقية.
هناك حالياً حالة من القلق بين الشعب الإيراني مرة أخرى على مستقبل الاتفاقية النووية، والمنطقة مضطربة بسبب القلق من رد الفعل الإيراني على الاستفزازات الأمريكية المستمرة.
ماذا سيحدث لإيران إذا ألغت الولايات المتحدة الاتفاقية النووية؟ هذا هو السؤال الجديد الذي أسمعه باستمرار مؤخراً، وجوابي هو أنه حتى لو انسحبت دول 5+1 واحدة تلو الأخرى من الاتفاقية، فإن النظام الإيراني سيبقى ملتزماً بها، وعلينا أن لا نقلق كثيراً من الجانب الإيراني. رجال الدين الإيرانيون أذكياء ويفهمون أن هذه الاتفاقية وفّرت لهم قارب نجاة، ولن يتم استفزازهم بسهولة حتى لا يعرضوا مكانتهم للخطر. لذلك علينا أن لا نقلق كثيراً لأن النظام في طهران دائماً يجد طريقة للاستمرار والنجاة والوصول إلى اتفاق مقبول.