نقاش بالمغرب: اعتداءات جنسية أبطالها مراهقون.. أيّ أسباب وأيّ حلول؟

العالم
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير اسماعيل عزّام
نقاش بالمغرب: اعتداءات جنسية أبطالها مراهقون.. أيّ أسباب وأيّ حلول؟
Credit: Abderrahim Abat

الرباط (CNN)—   لا يزال الرأي العام بالمغرب يعيش على وقع صدمة فيديو الاعتداء الجنسي التي تعرّضت له فتاة من لدن بضعة مراهقين داخل حافلة بمدينة الدار البيضاء، فرغم إعلان السلطات الأمنية اعتقال المشتبه بهم، وفتح شركة النقل لتحقيق داخلي، لا تزال المطالب قوية داخل وسائل التواصل الاجتماعي بمعالجة أنجع لظاهرة الاعتداءات الجنسية التي يقوم بها القاصرون، وسط دعوات لاحتجاجات في الميدان خلال الأيام القادمة.

وليس تلك الفتاة هي الضحية الوحيدة لاعتداءات من هذا النوع، فقط استيقظ الرأي العام قبل أيام على خبر غريب وصادم يكمن في إصابة أطفال بالمرض نتيجة ممارستهم الجنس على أتانٍ، كما قام قاصرون بتكوين عصابة، قبل سنتين، واغتصبوا طفلا بمدينة أكادير، جنوب المغرب، وقرب المدينة ذاتها، وقبل خمس سنوات، اغتصب قاصرون شابة بشكل جماعي لما كانت عائدة من عملها بضيعة فلاحية.

يرى رشيد الجرموني، أستاذ جامعي في شعبة السوسيولوجيا، أن أسباب مثل هذه الاعتداءات تتمثل في ثلاثة محاور كبرى: الأولى الواقع الاجتماعي الصعب لفئات عديدة بالمغرب، ومن ذلك الفقر وغموض المستقبل والهدر المدرسي. الثاني هو وجود مشكل جنسي حقيقي بالمغرب، خاصة لاستمرار الطابوهات الدينية والتراثية والقانونية، فأضحت الاعتداءات الجنسية تحدث في فضاءات متعددة من لدن أشخاص من كل الفئات العمرية.

أما السبب الثالث، حسب تصريحات الجرموني لـCNN بالعربية، فيتعلق بنفسية مثل هؤلاء المراهقين، فهم في فورة جنسية، وفي لحظة اكتشاف جنسي لم تصاحبها تربية جنسية داخل مجتمع يشوبه العنف، ممّا يجعلهم يمارسون العنف على من هم أقل سلطة، كالمشردين في الشارع.

ويرى الجرموني أن الحل لمثل هذه الظواهر يجب أن يتركز حول التفكير في مشروع مجتمعي جديد بالبلاد، ومن ذلك محاربة الفقر والهشاشة الاجتماعية والهدر المدرسي، وبعد هذا يمكن تقوية برامج التربية الجنسية، إذ لا يمكنها لوحدها حلّ مثل هذه المعضلة، خاصة وأن المجتمع المغربي بدأ يتخلى خلال السنوات الأخيرة عن الوازع القيمي، وصار ينتج الكثير من الظواهر السلبية، وفق قوله.

من وجهة نظر سيكولوجية، اعتبر الأخصائي النفسي رضا امحاسني في تصريحات لـCNN بالعربية، أن أسباب الظاهرة متعددة، ومنها غياب الإحساس بالندم لدى المراهقين رغم الوعي بخطورة الفعل الجرمي إن خلق ردود أفعال كبيرة، وعدم تقمص المراهقين لنفسية ضحاياهم، فضلا عن هشاشة سلطة الأسرة وضعف التربية على المسؤولية، زيادة على الإحساس بالنبذ الاجتماعي.

ويتابع امحاسني أن أصحاب مثل الاعتداءات يرغبون بالهيمنة وإثبات السلطوية التي تمارس عليهم عبر تطبيقها على من يصنف أضعف منهم في المعايير المجتمعية، كما أن الاعتداء الجنسي لدى المراهق مختلف تماما عند البالغ، فعند هذا الأخير يكون الاغتصاب آلية اعتيادية لإشباع رغباته الجنسية، ممّا يجعل علاجه أمرا صعبا.

من الفكرة السابقة يقدم امحاسني ما يراه الحل الأفضل للتعامل مع المراهقين المعتدين، فإن لم يستبعد المتحدث ضرورة معاقبتهم، مادامت فكرة العقاب ضرورية في مثل الحالات، فإن التركيز عليه بشكل مطلق لا يعطي أيّ مفعول، بينما تبين الإحصائيات أنه يمكن للعلاج النفسي أن يبعد المراهق عن دائرة الاعتداءات الجنسية، إذ لا تتجاوز نسبة عودة المراهقين إلى مثل هذه الجرائم بعد علاجهم سوى 7 بالمئة، ويركز امحاسني في العلاج على الجانب الجنسي وعلى الاحتضان الاجتماعي أكثر من أيّ شيء آخر.