هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
انتظر العالم بتشوّق ظهور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة الماضي من أجل سماع قراره حول الاتفاق النووي مع إيران والاستراتيجية الجديدة التي ستنتهجها إدارته مع ذلك البلد. الولايات المتحدة أهم وأقوى دولة في العالم، وأي قرار يتخذه الرئيس الأمريكي سيؤثر بلا شك على مناطق كثيرة من العالم. وبما أنه سيتحدث عن إيران، فإن لذلك أهمية خاصة. فإيران بلد كبير وعدد سكانه كبير ايضاَ، وهو موجود في منطقة هامة تضم مصالح الدول العظمى ، لذلك فإن قرار الرئيس الأمريكي تجاه هذا البلد ستكون له تداعيات كثيرة ولن يكون بالأمر السهل.
إيران كانت دولة صديقة للولايات المتحدة قبل الثورة. لكن الأمور تغيرت بعد الثورة الإسلامية في 1979 وتحوّلت إيران من دولة صديقة وحليفة للولايات المتحدة إلى دولة عدائية تسبب معظم المشاكل للأمريكيين في المنطقة. ولذلك فإن علاقات واشنطن مع طهران شهدت الكثير من التقلبات منذ تلك الفترة.
وفي كل حملة انتخابية رئاسية في الولايات المتحدة أو في إيران، تكون إحدى أهم الأمور المطروحة في البرنامج الانتخابي كيفية إدارة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. أحياناً يتمكن رئيس إصلاحي في إيران، مثل الرئيس السابق محمد خاتمي أو الرئيس الحالي حسن روحاني، من تحقيق قليل من التقدم في العلاقات بين البلدين، لكن رؤساء جمهوريين من أمثال ترامب لا يقبلون بمثل هذا "القليل" ويطالبون بالمزيد. الرئيس ترامب يعتقد أن إدارة أوباما قدمت الكثير لإيران من خلال التوقيع على الاتفاقية النووية، وفي المقابل فإن إيران لم تغير سلوكها حتى ولو بشكل قليل رغم وجود الفرصة المناسبة لذلك.
وفي قلب المواجهات الخطابية بين البلدين، والتي يعتقد البعض أنها يمكن أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية إذا انهارت الاتفاقية النووية، هناك عبارة يرددها الإيرانيون كثيراً: "الموت لأمريكا". في بداية الثورة، كان هذا الشعار طويلاً ويضم عدداً من الدول مثل الاتحاد السوفيتي، أمريكا، إسرائيل، بريطانيا، عراق صدام حسين، بالإضافة إلى "المنافقين" الذين كان يقصد بهم جماعة (مجاهدين خلق) الإيرانية المعارضة. ومع مرور السنين وتغير الظروف الدولية، بدأت تلك القائمة تتقلص إلى أن بقي فيها الولايات المتحدة فقط. المتشددون الإيرانيون لا يتخلون عن هذا الشعار في صلوات الجمعة وحولوه إلى جزء من التاريخ لأن السياسة الإيرانية تتطلب وجود عدو خارجي بشكل دائم، وكلما كان العدو كبيراً وقوياً كلما كان ذلك أفضل. هذه السياسة حافظت على صورة إيران الثورية رغم مرور حوالي أربعة عقود على الثورة.
عندما توصلت حكومة الرئيس روحاني إلى الاتفاق النووي التاريخي مع الولايات المتحدة والقوى الغربية في 2015، حاول الرئيس الإيراني حسن روحاني في أحد خطاباته العامة أن يشجع الناس على التخلي عن هذا الشعار المعادي لأمريكا، لكنه فشل في تحقيق ذلك. ففي صلاة الجمعة التالية، قال خطيب الجمعة أحمد خاتمي أن شعار "الموت لأمريكا" سوف يستمر إلى أن تغير الولايات المتحدة سلوكها وسياستها تجاه إيران. وفي الحقيقة فإن هذا الشعار يستخدم كأداة من أدوات الضغط ضد الرئيس روحاني لتقويض محاولاته لتخفيف التوتر مع أمريكا والحد من نفوذ المتشددين داخل إيران.
وفي يوم الجمعة الماضي، عندما بدأ ترامب بالحديث عن قراره بخصوص الاتفاقية النووية مع إيران، قال أن استمرار استخدام شعار "الموت لأمريكا" في إيران يبين أن الاتفاقية النووية لم تنجح في تقليص عداء إيران تجاه الأمريكيين، لكن ترامب ترك تقرير مصير الاتفاقية النووية للكونجرس الأمريكي.
في المقابل، رد الرئيس الإيراني حسن روحاني على ترامب قائلاً إن شعار "الموت لأمريكا" لا يستهدف الشعب الأمريكي، لكنه في الحقيقة شعار ضد السياسة الأمريكية تجاه إيران.