واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- لفت الهجوم الذي أسفر عن مقتل أربعة من عناصر القوات الخاصة الأمريكية في النيجر على يد مجموعة تابعة لتنظيم داعش انتباه الناس، ويعود ذلك جزئياً إلى خلاف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع عائلة أحد الجنود القتلى، الرقيب لاديفيد جونسون. وتثبت الحادثة مدى انتشار حرب مكافحة الإرهاب منذ هجوم 11 سبتمبر.
تشير خريطة للمركز الأمريكي الوطني لمكافحة الإرهاب لعام 2016 إلى وجود أفرع رسمية لداعش في 18 دولة مختلفة، و"فروع تحت الإنشاء" لمجموعات إرهابية في ست دول أخرى.
ومن أشهر تلك المجموعات الإرهابية فرع منشق عن جماعة بوكو حرام في نيجيريا والنيجر، حيث قُتل الجنود الأمريكيون الأربعة في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول.
يعود سبب وجود القوات الخاصة الأمريكية في دول عديدة حول العالم إلى الطبيعة العالمية المتزايدة لنشاط داعش والمجموعات التابعة له. ووفقاً لبيانٍ للبنتاغون في شهر يوليو/تموز الماضي، يوجد حولي ثمانية آلاف جندي من قوات العمليات الخاصة الأمريكية في 80 دولة حول العالم. ولا يتضح العدد المحدد للقوات الخاصة من ضمن 800 جندي أمريكي في النيجر.
ورغم أن باراك أوباما قد انتُخب لتعهده بإنهاء الحروب الكبرى في العالم الإسلامي، إلا أنه لجأ لاستعمال القوات الخاصة والطائرات بدون طيار لمحاربة المجموعات الإرهابية. واتخذ الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، نفس السياسة.
يعد الدور التقليدي للقوات الخاصة الأمريكية هو العمل "بجانب ومع ومن خلال" القوات المحلية. عملياً، تقدم الوحدات الخاصة النصيحة للقوى العسكرية المحلية والشبة عسكرية من موقعها على الأرض لتشكل قوى دعم مضاعفة للوحدات الكبرى.
ومن أمثلة نجاح هذه الاستراتيجية هي التغلب على طالبان في أفغانستان عام 2001، والذي تم من خلال تحكم 100 من جنود القوات الخاصة على الأرض بالضربات الجوية الأمريكية. كما تعاونوا مع آلاف من عناصر الميليشيات الأفغان لهزيمة طالبان.
تعد سياسة أوباما وترامب في الاعتماد على الوحدات الخاصة والطائرات بدون طيار سليمة في العديد من الحالات. فليس لدى الشعب الأمريكي الرغبة في شن حروب برية ضد داعش أو تنظيم القاعدة، فهذه الحروب تستنفد المال والدم، غير أن هذه التدخلات الهائلة ليست بضرورية للتغلب على الجماعات الإرهابية الصغيرة نسبياً.
وعلى سبيل المثال، فقد ساهمت القوات الخاصة الأمريكية في عملية استعادة السيطرة على مدينة مراوي في جنوب الفليبين الأسبوع الماضي، بعد أن استولى عليها مسلحون تابعون لتنظيم داعش.
كما أرشد 300 من جنود القوات الخاصة الأمريكية في سوريا ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" المحلية، التي سيطرت على الرقة، العاصمة السورية الفعلية لداعش، هذا الشهر.
وعلى الرغم من جميع مزايا القوات الخاصة، كخفة حركتهم ومرونتهم العملية، فإن قدراتهم المحدودة في حالات تبادل إطلاق النار، كما حدث في النيجر، تعد من أكبر عيوبهم.
تعتمد الحروب السرية للقوات الخاصة في أنحاء العالم على سياسة "ترخيص استخدام القوة العسكرية" الذي شرعه الكونغرس الأمريكي بعد هجوم 11 سبتمبر بأيام قليلة، والذي سمح للرئيس السابق، جورج بوش، باستخدام "القوة اللازمة والملاءمة ضد الدول أو المنظمات أو الأشخاص المؤكد أنهم خططوا أو رخصوا أو ارتكبوا أو عاونوا على تنفيذ الهجومات الإرهابية التي حدثت يوم 11 سبتمبر، أو آووا تلك المنظمات أو الأشخاص..."
ولا تزال هذه السُلطة، التي استُخدمت لإرسال القوات الخاصة في عمليات عسكرية إلى غرب أفريقيا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وجنوبي شرق آسيا، بيد رئيس الولايات المتحدة. ومن الواضح أنه لا علاقة لمعظم تلك العمليات بهجوم 11 سبتمبر.
فلم يكن من المتصور أن تصبح هذه السياسة الإذن القانوني للعديد من العمليات العسكرية ضد مجموعات الإرهاب الجهادية حول العالم من بعد تمريرها بـ16 عاماً.
ولابد من أن يبحث أعضاء الكونغرس نطاق هذه العمليات بدل من جعل الرئيس مطلق التصرف. لكن معظمهم ليسوا على استعداد لطرح هذه المسألة للتصويت. وهكذا تستمر حروب الولايات المتحدة الطويلة بدون نقاش مع الكونغرس.
ولم يكن بعض من أعضاء مجلس الشيوخ على علمٍ بتمركز مئات من الجنود الأمريكيون في النيجر إلا بعد الهجوم الذي شن على جنود القوات الخاصة. (وقد تم إعلام الكونغرس، لكن البيان كان روتينياً وحظي باهتمام ضئيل.)
فرصة استرداد الكونغرس لصلاحياته المتعقلة باستخدام القوة العسكرية ضئيلة جداً. ولم ينس أعضاء الكونغرس ثمن تصويت هيلاري كلينتون لصالح حرب العراق عام 2003 وأنه كلفها طموحاتها الرئاسية عندما ترشحت بعد ذلك ضد باراك أوباما في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.