هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
رحّبت حركة طالبان أفغانستان بالهدنة التي اقترحها الرئيس الأفغاني أشرف غني لمدة ثلاثة أيام بمناسبة عيد الفطر المبارك. الرئيس غني، الذي أمر الشرطة الوطنية بالالتزام بالهدنة حتى ولو من طرف واحد، فوجئ بقبول طالبان أفغانستان ببادرة حسن النية هذه والتزامها بالهدنة خلال عيد الفطر. لكن المفاجأة الأكبر جاءت عندما دخلت مجموعات من طالبان إلى المدن الأفغانية على دراجاتهم النارية وهم يحملون أعلام طالبان، وفي بعض الأحيان يحملون حتى أسلحتهم على أكتافهم.
في مدن كابول وجلال آباد ونانكرهار وخوست، اجتذبت مجموعات طالبان التي دخلت إلى هذه المدن الكثير من الاهتمام فيما كان الناس يراقبونهم بعيون مفتوحة من الدهشة وعدم التصديق بأن هؤلاء المتمردين ذوي الشعر الطويل كانوا يتبادلون التحية مع الشرطة في الاحتفالات الخاصة بالعيد. سكان كابول، الذين قتل منهم أعداد كبيرة في هذا العام أكثر من أي وقت مضى، لم يكونوا يشعرون بالراحة وهم يرون عناصر من حركة طالبان المسلحين يحملون أعلام الحركة ويدخلون المدن الأفغانية. ولم يكن من الواضح بالنسبة للناس ما هو الدافع من وراء السماح لعناصر مسلحة من طالبان بدخول المدن إذا كانت الهدنة مؤقتة!
لكن الأمور لم تمر بسلام في كل مكان مع الأسف. ففي مقاطعة نانكرهار تمكّن انتحاري من قتل 25 شخصاً وجرح 54 آخرين يوم الجمعة في تجمع يضم عناصر من طالبان ومن الشرطة المحلية. الضحايا كانوا من الجانبين، لكن بعض التقارير ذكرت أن الحادث وقع بسبب انفجار سترة ناسفة كان يرتديها أحد عناصر طالبان، وأن الانفجار كان حادثاً غير مقصود.
ووقعت حادثة ثانية عندما كان 300 عنصر من طالبان يزورون محافظ نانكرهار يوم الأحد، وفي طريقهم لمغادرة مكتبه وقع انفجار أدى لمقتل 18 شخصاً وجرح 49 آخرين. ومع أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن الحادث، إلا أن من الممكن أن تكون طالبان وراء الانفجار لأن نانكرهار لا تزال تعتبر أحد المعاقل القوية للحركة.
بعض عناصر طالبان الذين تحدثوا مع المدنيين عبّروا عن تعبهم من القتال وأنهم لا يعرفون حتى هويات قادتهم الذين يقودونهم في هذه الحرب.
ورغم كل الأدلة، لايزال بعض السياسيين الأفغان لا يريدون الاعتراف بشكل علني أنه لا يوجد فرق بين حركة طالبان الأفغانية وبين تنظيم داعش الأفغاني.
كانت الحكومة الأفغانية ترغب في تمديد هذه الهدنة القصيرة، لكن المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، أعلن عن رفض الحركة تمديد الهدنة. وصرح مجاهد لتلفزيون (بي بي سي) بأن قادة طالبان ليست لديهم أي خطة لتمديد هذه الهدنة. كان الانفجاران اللذان وقعا خلال هدنة الثلاثة أيام محاولة لخرق السلام الهش، وهما دليل على أن مقاتلي طالبان مغسولو الدماغ ويقاتلون مثل الرجال الآليين، حتى أنهم لا يعرفون قادتهم الذين يحركونهم بأجهزة تحكم عن بعد.
كثير من مقاتلي طالبان الذين دخلوا إلى المدن عبروا عن رغبتهم بأن يعيشوا حياة هادئة مسالمة. ولكنهم كانوا يبدون وكأنهم قادمون من كوكب آخر، يرتدون ثياباً مختلفة ويبدون مختلفين إلى حد كبير عن السكان المحليين. كانت الأيام القليلة التي قضاها بعض مقاتلي طالبان في المدن الأفغانية كفيلة بأن تكشف مدى جهلهم ومدى استغلال قادتهم لهم لأهداف سياسية.
صور "السيلفي" التي التقطها مقاتلو حركة طالبان مع سكان كابول والمدن الأفغانية الأخرى تبدو بالنسبة لي مثل صور أشخاص جاؤوا إلى كوكبنا من كواكب أخرى وأعجبوا بالنساء الجميلات ولم يفوتوا الفرصة ليلتقطوا بعض الصور التذكارية معهن. لكن الرئيس الأفغاني سيكون ساذجاً جداً إذا كان يعتقد أن السلطات الباكستانية سوف تترك هؤلاء المقاتلين يفلتون من تحت سيطرتهم.