أنجلينا جولي تكتب لـCNN عن معاناة امرأة من زمن الحرب

العالم
نشر
3 دقائق قراءة
أنجلينا جولي تكتب لـCNN عن معاناة امرأة من زمن الحرب
Credit: AMEL EMRIC/AP

هذا المقال بقلم أنجلينا جولي، الممثلة والمخرجة والمبعوث الخاص لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

من آلام سربرنيتسا نتذكر قوة حياة امرأة واحدة

(CNN)-- أتى خبر وفاة، المرأة التي نجت من الحرب في البوسنة وقادت جمعية "أمهات سربرنيتسا"، خديجة محمدوفيش، في إحدى مشافي مدينة سراييفو.

تعرفت على خديجة قبل 4 سنوات، أثناء زيارتي للنصب التذكاري للحرب في البوسنة، حيث حدثت أسوأ مذبحة على الأرض الأوروبية منذ الهولوكوست.

أتذكر اللقاء بشكل واضح، حين كانت جالسة بهدوء وبكرامة وسط دائرة من الأمهات الثكالى والأرامل في سربرنيتسا، وهي تخبر قصتها.

لقد رسمت صورة للحياة قبل الحرب مع زوجها عبد الله وابنيها أزمير وألمير، اللذين كانا في الـ21 والـ18 من العمر، كما وصفت الأيام المريعة في شهر يوليو/ تموز من سنة 1995، عندما فرقت عن عائلتها التي أرسلت لملاقاة حتفها برفقة 8 آلاف رجل وولد بريء على الأقل.

حرص الأشخاص الذين نفذوا الإبادة الجماعية على إخفاء أو تدمير جثث الضحايا، ولكن خديجة ظلت تبحث عن بقايا جثث أهلها لمدة 15 عاماً، فقد كانت من أوائل الأشخاص الذين عادوا إلى سربرنيتسا، حيث عاشت ثكلى ووحيدة بينما واجهت التهديدات والتخويف في جو من محاولات إنكار الإبادة الجماعية.

من آلام سربرنيتسا نتذكر قوة حياة امرأة واحدة
Credit: ELVIS BARUKCIC/AFP/Getty Images

قالت لي إنها وجدت جثة زوجها وولديها، وكان كل ما تلقته من جثة ابنها ألمير مجرد عظمتي رجل صغيرتين، لكنها، بدلاً من التقوقع في الألم الكبير في تلك اللحظة، أخبرتني ببساطة كم هي محظوظة، فبعض الأمهات لم يحصلن على هذا العزاء الصغير.

ذكرتني خديجة محمدوفيش بالنساء البوسنيات الأخريات اللواتي نجين من الحرب واستطعت لقاءهن، بطريقة جمعها بين القوة الجبارة وقدرتها على التحمل والتسامح والتواضع ورفضها الخضوع للكراهية، ولكنها كانت أيضاً استثنائية، فقد بحثت عن الحقيقة والعدل لمدة 23 سنة دون كلل أو ملل.

لم تزعم أبداً أي مكانة خاصة، إلا أنها تحدثت بالنيابة عن جميع أمهات سربرنيتسا، دون أن تميز بين الضحايا، فقد اعتبرت أن جميعهم يستحقون الكرامة والتقدير. وحتى حين تدهورت صحتها، عملت خديجة على تنظيم قوافل المساعدات لنقل الطعام والدواء إلى اللاجئين في سوريا.

لقد توفيت قبل أوانها، بعمر يناهز 65 عاماً فقط، ومن المؤكد أن الأحداث التي تحملتها عجلت موتها، ولكنها شهادة لعمق جروح البوسنة، وبالرغم من أنها لم تعش لرؤية نهاية المعركة للحرية والأمان للناجين من سربرنيتسا، يتوجب على آخرين اليوم حمل العبء الذي تحملته هي لسنوات عديدة.

ستعيش خديجة كنموذج في ذكريات كل من عرفها وفي القصص، التي يتوجب علينا أن نقصها، أينما عشنا حتى لا تتلاشى ذكرى سربرنيتسا أبداً.