هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
يوم الأحد الماضي، صادق البرلمان الإيراني على مشروع قانون تاريخي يتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب، والقانون هو واحد من أربعة مشاريع قوانين تقدمت بها الحكومة الإيرانية لتلبية شروط "مجموعة العمل المالي" (غافي)، الهيئة الحكومية الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، التي أمهلت إيران حتى أواخر الشهر الحالي لتشديد قوانينها ضد تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
مشروع القانون هذا، الذي سبق أن عارضه المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي، تمت مناقشته مرة أخرى في البرلمان وحصل على المصادقة من قبل غالبية الأعضاء في الوقت الذي كانت فيه جماعات معارضة لمشروع القانون تتظاهر ضده خارج مبنى البرلمان.
من المثير للاهتمام أن الذين كانوا قلقين من القانون كانوا يتساءلون حول كيفية الاستمرار في دعم حزب الله وحركة حماس وميلشيات ومنظمات أخرى إذا تمت المصادقة على هذا القانون وتطبيقه. التناقض هو في ملاحظة أن هؤلاء يعرفون أن هذه الجماعات مرتبطة مع الإرهاب العالمي، وهو اعتراف يتوافق مع ما يعتقده غالبية الشعب الإيراني.
بعد ذلك تم تقديم عدة تفسيرات في الصحف الإيرانية تشرح ضرورة هذا القانون وتؤكد لأصدقاء حزب الله وحماس وغيرها بأنه سيكون بإمكانهم إرسال المال النقدي لأصدقائهم ولكن ليس شيكات بنكية.
وتساءل الكثير من رجال الدين في إيران في أسئلتهم المفتوحة عما إذا كان قانون مكافحة تمويل الإرهاب سيمنعهم من تمويل الميليشيات الأجنبية، ولكن على ما يبدو فإن وزير الخارجية الإيراني السيد جواد ظريف قضى وقتاً لا بأس به ليقنعهم أن هذا القانون يتعلق بغسيل الأموال ومراقبة النظام البنكي، وهو الأمر الذي سيساعد على تقليص الفساد في المجتمع.
ولكن يبدو أن اقتراب موعد العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي ستبدأ في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، والتي يتوقع أن تؤثر بشكل كبير على صناعة النفط في إيران، جعل الطريقة الوحيدة الباقية ليقنع النظام الإيراني أصدقاءه في الاتحاد الأوروبي بمساعدته هي في أن يقوم بإجراء إصلاحات على النظام البنكي والانضمام إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب. هذا الانضمام يعطي إيران عاماً للرد على الاتهامات الموجهة ضدها دون وضعها على اللائحة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية، والتي كانت قد أعطت مهلة لإيران تنتهي في 14 أكتوبر/ تشرين الأول.
وقبل وضعها على اللائحة السوداء وبدء عقوبات ترامب الأخيرة على صناعة النفط الإيرانية، جاءت هذه الخطوة كحد أدنى لما يمكن أن يفعله الرئيس حسن روحاني لمساعدة أصدقائه في الغرب على فتح قناة بنكية أخرى منفصلة عن النظام البنكي الأمريكي لإدارة بعض العمليات البنكية من أجل إيران. ولولا هذه الخطوة ربما أدت نتائج تطبيق العقوبات في ظل عدم وجود نظام بنكي دولي إلى شل الاقتصاد الإيراني بحلول منتصف نوفمبر/ نشرين الثاني.
التحدي الذي يواجهه النظام في طهران الآن لم يعد الحفاظ على قيم الثورة. لكن هذه القيم لا تزال هامة في بعض النواحي، مثل عدم إجراء مباحثات أو علاقات مع الولايات المتحدة، ولكن من أجل استمرار النظام والثورة هناك أولوية تقضي بتلبية الحد الأدنى من احتياجات الشعب الإيراني، حيث أن الاقتصاد الإيراني السييء ضايق الإيرانيين لأنه أثّر كثيراً على أسلوب حياتهم ودفع بهم إلى الجوع بسبب الاستراتيجية الدولية للنظام. هؤلاء الناس الغاضبون يمكن أن ينتفضوا مرة أخرى ضد النظام الإيراني، وهذا ما فهمه القادة والسياسيون في إيران.
إن انضمام إيران إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب ليس نابعاً من رغبتها في ذلك، وإلا لكانت انضمت إلى الاتفاقية في 2015 عندما وقت الاتفاقية النووية، لكنها الآن في حاجة ماسة للاستمرار وسط الغضب الشعبي، وهذا بالتأكيد ما دفع خامنئي للسماح للبرلمان بالمصادقة على مشروع القانون.
لنرى الآن ما الذي سيصادق عليه المرشد الأعلى في المرة القادمة!