هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، كاتبة وصحافية ورئيسة تحرير الاندبندنت باللغة الفارسية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأيها، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لقد مرّ أكثر من شهر منذ أن غاص العالم في أزمة فيروس كورونا وأجبر الناس في العديد من المدن والقرى على البقاء في منازلهم. حدث كل هذا بينما كنت أفكر في كتابة مقال عن حقوق الحيوان.
أردت أن أكتب عن حق الحيوان في الحياة واحترام الحياة البرية والتحدث عما فعلته البشرية للمخلوقات الأخرى على هذه الأرض.
مع توسع المدن وزيادة الكثافة السكانية، تصبح البيئات الحيوانية أصغر وأقل أمانًا بشكل متزايد. تقترب المدن من مواطن الحياة البرية وتستمر التجارة المربحة بالحيوانات.
ماذا كسبت الحيوانات من العيش مع البشر؟ أصبحت حدائق الحيوانات الضيقة والسيئة مملوءة بالحيوانات ويتم تدريبها (ربما من الأفضل القول معاقبتها) لاستخدامها في الترفيه والتسلية في السيرك.
هل شاهدتم الفيديو المؤلم الذي يتم فيه تقييد قرد ويعاقبه مدرب صيني لتعليمه كيفية ركوب الدراجة؟ وهل رأيتم الدببة المكتئبة، التي تعاني من حالة تعرف باسم متلازمة حديقة الحيوان، بوجوهها القلقة وهي تتسلق بلا توقف صعودًا ونزولًا مجموعة من السلالم؟ أو طيور البطريق البريئة، التي تشعر بالسرور عندما تشاهد تساقط الثلوج الاصطناعية وهي في الأسر، لمجرد أنها كانت تحصل على القليل من الكرامة الاصطناعية من البشر؟ حتى ذلك الثلج الاصطناعي لم تكن الغاية منه جعل الحيوانات الأسيرة سعيدة، بل لتصوير فيديو ممتع يمكن أن ينتشر بنجاح على الإنترنت.
هل رأيتم الأسود الجائعة لدرجة أن عظامها أصبحت بارزة بوضوح في حديقة حيوان الخرطوم في السودان؟
نشرنا مؤخرًا مقالًا باللغة الفارسية في صحيفة (الاندبندنت) الفارسية، مترجمًا من الإنجليزية، عن تدريب الفيلة على من أجل استخدامها للسياح في تايلاند وحدائق الحيوان. اخترت المقالة للترجمة، لكن قصتها عن تجربة الفيلة الصغيرة في الأسر كانت حزينة ومؤلمة لدرجة أنني لم أتمكن من قراءتها حتى النهاية. كانت زميلتي تشرف على نشر المقال وأخبرتني عن الألم الذي عانته عند تحريره ونشره. لساعات بعد ذلك، كان عليها أن تتعامل مع زيادة ضربات القلب وعقل مليء بالأفكار حول القمع الذي يحدث ضد العديد من الكائنات الحية.
تحدث المقال عن الجوع الذي تعيشه الفيلة الصغيرة حتى يتم ترويضها للبقاء في أقفاصها؛ وعن شد أرجلها لكسر إرادتها وإخماد غضبها حتى تصبح مطيعة للمدربين في المستقبل.
نحن البشر لدينا الحكمة والكرامة والرحمة. لدينا قلوب وعقول قادرة على الحب والعطف. ولكن ماذا فعلنا للحيوانات؟ تضم هذه الصناعة القذرة مهربين وتجار لا تعرف قلوبهم السوداء سوى المال. لكنها تضم أيضًا مشاركة الأشخاص الذين يساعدون العرض على الاستمرار. أولئك الذين يصطفون بانتظار دورهم لركوب الفيلة أو إعطاء الجزر للقرود. أولئك الذين يذهبون إلى السيرك لمشاهدة الأسود والثعالب والنمور وهي تقفز من أطواق النار؛ أو لرؤية القرود والكائنات الحية الأخرى تمشي على الحبال. هل يعرف هؤلاء طبيعة العنف الذي يستخدم في تدريب هذه الحيوانات؟
السيرك وحديقة الحيوانات جانب واحد من القصة. الجانب الآخر من هذه التجارة الخسيسة هو أكل هذه الحيوانات. تُسرق الحيوانات البرية من بيئتها وتُباع في أسواق على بعد آلاف الكيلومترات، كما لو كانت قطعة خشب أو قطعة سجادة.
إن شر انتهاك حقوق الحيوانات وتجاهل حقها في الحياة هو الآن أكبر تحد يواجه البشرية منذ الحرب العالمية الثانية. لقد أمضينا وقتًا كافيًا في منازلنا وقرأنا ما يكفي لنعرف أن حيوانات غريبة لا يمكن تصورها يتم تناولها كطعام في آسيا.
إن تجارة وتناول الخفافيش والثعابين السامة والطيور والزواحف البرية لا يرجع إلى الجوع أو نقص الغذاء بل إلى المغامرة والتفاخر بالقدرات المالية أمام أولئك الذين لا يملكون المال الكافي لشراء وتناول أطباق مثل حساء الخفاش.
أنا لست فيلسوفة، لكنني أعتقد أن الخروج بمثل هذه الابتكارات الخسيسة في عادات الأكل كطريقة للتفاخر بالمنزلة الاجتماعية للمرء يظهر فراغ البشرية وتراجعها الأخلاقي، كما أنه يظهر الانفصال عن القيم الإنسانية وثقافة السعي إلى التفوق الكاذب على الآخرين.
نحن نشهد الآن جميعًا انتقام الطبيعة؛ أو ربما كما يقول علماء الفيزياء "كل فعل له رد فعل!" تم انتقال فيروس كورونا للبشر من الكائنات الحية البرية. يمكن للعلماء أن يخبرونا كيف حدث ذلك بالضبط. لكن هناك حقيقة يمكننا التحدث عنها: السلوك السيئ للإنسانية تجاه الكائنات الحية على هذه الأرض يظهر نقص البصيرة والأخلاق مما أدى إلى المعاناة والموت للملايين.
إن سرقة الحيوانات، وتدمير الحياة البرية، واستغلال الكائنات الحية، والأكثر دناءة أكلها، تسبب الآن بإرباك وتوريط البشرية جمعاء.
بعد انتهاء فترة الحجر الصحي وعودتنا جميعًا إلى الحياة الطبيعية (وهو أمر يبدو بعيداً جدًا حاليًا) ستشهد الحياة البشرية العديد من التغييرات.
ستتغير القيم والاجتماعات البشرية وطريقة الاتصال ببعضنا البعض إلى الأبد.
لكن دعونا نرى النصف المليء من الكأس. دعونا نأمل أن يكون جيلنا هو آخر من شاهد حديقة حيوانات على الإطلاق؛ وآخر من سمع عن الحيوانات البرية التي تم أسرها في أقفاص المنزل كحيوانات أليفة. فلتكن كورونا نقطة تحول، نهاية للقمع اللاأخلاقي للكائنات الحية. يمكن للحكومات إجراء التغييرات اللازمة من خلال القانون.
يجب أن تكون المحطة الأولى تجريم تجارة الحياة البرية وقتل الحيوانات. يمكن أن يصبح كسر هذه الحلقة أكبر انجاز للبشرية في فترة ما بعد فيروس كورونا المستجد.