رأي.. بشار جرار يكتب عن لعبة "الحرب الأميركية الصينية" الراهنة ولغتها

العالم
نشر
5 دقائق قراءة
رأي.. بشار جرار يكتب عن لعبة "الحرب الأميركية الصينية" الراهنة ولغتها
Credit: JASON LEE/AFP via Getty Images

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأميركية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

ما نحن فيه، قد يراه البعض لعبة، "لعبة شطرنج أو بوكر في نظر هذا أو ذاك، لكنها حتما ليست لعبة داما (تشكيرز)!" هذه هي اللغة التي استخدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أول لقاء مفتوح "عبر منصات التواصل" من داخل الصرح التاريخي للرئيس الأمريكي الراحل أبراهام لنكولن في قلب العاصمة واشنطن.

ترامب عدّد كثير من الشواهد على اندلاع هذه الحرب الخفية قبل عقود من الحرب الراهنة التي تخوضها بلاده والبشرية كلها مع "العدو الخفي" – كوفيد-19. من سرقة للملكية الفكرية الصناعية إلى تلاعب في تخفيض قيمة العملة الصينية، بما يمكنها من تحقيق فارق سعري يسقط قيم الشرف والأمانة والعدالة عن التنافس الطبيعي الحر، وبالتالي الانتخاب الطبيعي الحر، فالبقاء للأصلح في سوق العرض والطلب.

تفاخر ترامب بأنه الوحيد بين رؤساء أمريكا السابقين من الحزبين، حتى وإلى ما قبل سلفه الجمهوري جورج بوش، الذي ردّ ماليًا واقتصاديًا على الاستغلال الصيني لبلاده ولدول غنية وحلفاء كبار، حيث لم يعد توفير الحماية العسكرية بالمجان! الوفر جلب مئات المليارات، ومنهم جميعا بلا استثناء..

قالها ترامب صراحة ولثالث مرة في غضون 3 أيام، إن الفيروس - طبيعي وغير مُخلّق - لكنه خرج قطعًا من مختبر الأبحاث الفيروسية في مدينة ووهان بشكل ما. هذه أول مرة يتحدث فيها ترامب واصفا ما جرى بمثابة "حريق" اندلع جراء خطأ أو حادث ما، لكن الصين انتابها "الخزي" جراء ذلك، ومن ثم "الارتباك" فوقعت في سلسلة من الأخطاء كالتعتيم وتكميم الأفواه وتدمير الأدلة ومنع أي أطراف خارجية من الوصول إلى مسرح الكارثة (المختبر)، بمن فيهم الأمريكيون وحتى خبراء منظمة الصحة العالمية رُغم انحيازها الواضح لبكين.

لم يكشف ترامب عن جميع أوراقه، فترك الأمر لتقرير استخباراتي أمريكي يحمل، كما وعد، "دليلا أو أدلة قطعية الثبوت" على خروج كوفيد-19 من مختبر ووهان، مُلمحا أن التقرير سيتضمن تسلسلا زمنيا للأحداث يثبت مسؤولية الصين الكاملة عما جرى أمام البشرية كلها، وليس بلاده فحسب. الدليل الصارخ الذي لم تستطع وسائل الإعلام حتى المعادية لترامب وأمريكا دحضه هو: ما الذي يفسر قيام بكين بإغلاق ووهان أمام الصين كلها فيما أبقت على حركة الطيران من ووهان إلى العالم كله؟

وإزاء توقع ترامب وصول بلاده إلى لقاح ضد كوفيد-19 قبل نهاية العام الحالي، والسباق بين بلاده ودول أخرى في العالم، بينها الصين، لطرح مطعوم آمن صحيا ومتاح تجاريًا لمئات الملايين من البشر في أكثر من 180 بلدًا، فإن الجولة الأولى لهذه الحرب الصينية الأمريكية ستكون لصالح القادر على إنتاج المطعوم، فيما قد تكون الضربة القاضية ومن الجولة الأولى، في حال تمكن أجهزة الاستخبارات الأمريكية من إدانة بكين أمام الرأي العام العالمي بأنها قامت، عن قصد أو غير قصد، بالتلاعب بالأحداث والأدلة في محاولة للتهرب من تبعات فيروس كورونا المستجد، وهي التي - كما وصفها قبل يومين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو- معروفة لدى الدنيا كلها بأنها المصدر الأول للفيروسات عالميًا جراء سوء مرافقها المختبرية، تجهيزًا وإدارة.

صدق ترامب. هذه قطعًا ليست لعبة داما القائمة على القفز وراء الخصم في الخانات الفارغة، ولا هي في نظري لعبة شطرنج تقليدية قائمة على الفعل ورد الفعل والتفكير مراحل متقدمة إلى الأمام إلى ما وراء تخطيط الخصم، هذه لعبة بوكر يفاخر ترامب بإتقانها كلما تحدث عن الأوراق التي يحسن إخفاءها وإظهارها وخلطها في الوقت المناسب لتحقيق النتائج المرجوة. يبقى أن نذكر جميعًا أن أهم ميزة للاعب البوكر هي امتلاك اللاعب ما يعرف بالوجه الذي لا يمكن قراءة ملامحه (بوكر فيس)! البعض يظن خطأ ومنذ دخول ترامب عالم السياسة أنه يملك وجها شفافا انفعاليًا فيه لسان تفلت منه كلمة هنا وتعبيرات أخرى بعضها شائك ومحرج هناك. إنها الحرب يا سادة، فقربوا أوراقكم إلى صدوركم!