رأي.. بشار جرار يكتب عن أولى المناظرات الانتخابية بين ترامب وبايدن: من ربح النزال؟

العالم
نشر
6 دقائق قراءة
رأي.. بشار جرار يكتب عن أولى المناظرات الانتخابية بين ترامب وبايدن

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

يا لها من متعة أن تتابع النزال الأول بين المتنافسين على الرئاسة الأمريكية دون منغصات دعائية أو صيحات الاستحسان والاستهجان من الجمهور. لكن "يا فرحة ما تمت"! ما هي إلا بضع دقائق حتى بدأ الرئيس دونالد ترامب بمقاطعة خصمه مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن ليقاطعه مرات بأشبه ما يكون لكمة مقابل لكمة، فوق الحزام وتحته، مما أحال المناظرة إلى حلبة أفقدت المحاور المخضرم كريس والاس ابتسامته اللطيفة المعتادة، مضطرا أكثر من مرة للتوجه بالرجاء لكليهما بالكف عن المقاطعة، وتذكير ترامب أنه هو من خرق ما اتفق عليه كمحاور مع حملتي الطرفين فيما يخص قواعد المناظرة.

لم يأت رد الطرفين حاسما، في القضايا الرئيسية الست التي تم طرحها وقد تصدرتها قضية ملء المقعد التاسع في المحكمة العليا، واختتمتها قضية قد تصل إلى القضاء وهي نتائج الانتخابات في ظل التراشق حول مسألة نماذج الاقتراع "غير المطلوبة" (أن سوليسيتيد) بريديا وهو أمر مختلف عما يعرف باقتراع الغائبين (الأبسينتييز).  تمكّن والاس من انتزاع تعهد من الجانبين ليس فقط بقبول النتائج وإنما بالطلب من مؤيديهما الهدوء وعدم القيام بأي أعمال شغب أو عنف في حال تعذر الوصول إلى نتيجة قطعية رسمية تفيد باسم الفائز في انتخابات ٢٠٢٠.

ولم تكتمل سعادة والاس بهذه الخاتمة لمناظرة تجاوزت وقتها بست دقائق، حيث رفض بايدن إدانة (أنتيفا) وهي حركة يسارية متطرفة معادية للفاشية اتسمت تظاهراتها بالعنف، مقابل رفض ترامب قبول مجرد اتهامه بأنه يدعم أو يحرض دعاة تفوق العرق الأبيض (وايت سوبريماسيست).

بذلك لم تحقق المناظرة أهم أهدافها المرجوة على الأقل في نظر الناخبين المتأرجحين والمستقلين واللا أباليين (غير المتحمسين للتصويت أو اليائسين من نتائجه أو القائلين بسوء كلا المرشحين): لم تخفف من حدة الانقسام بين مؤيدي الطرفين. لم تغير من قناعات القاعدة العريضة لترامب وبايدن. ولم تحسم نقاط الضعف الأساسية التي بدا واضحا استهدافهما من قبل الحملتين.

أبرز الأمثلة فيما يخص ترامب، لم يتمكن – رغم استفزازاته المتعمدة والقاسية أحيانا – لبايدن من إظهاره بمظهر غير اللائق صحيا إثر التشكيك بقدرته على الصمود 90 دقيقة دون استراحات وفي غياب "برومبتر" يعينه على قراءة نص معد سلفا. رغم بعض العثرات وزلات اللسان والاضطراب النفسي-العاطفي في بعض المواقف خاصة تلك المتعلقة بولديه الراحل "بو" و"المتواري عن الأنظار" "هنتر"، "أين هنتر؟!" بات شعارا حماسيا انتخابيا لترامب يكيل فيه اتهامات الفساد لنجله الذي قال بايدن إنه تعافى من الإدمان وإنه لم يطرد من الخدمة العسكرية جراء تعاطيه الكوكائين.

ترامب بدوره صمد أمام اتهامات بايدن له في أكثر من ملف وبخاصة كورونا والتوتر العنصري والنجاح الاقتصادي، وبدا متماسكا في روايته وبالأرقام لحد ممازحته مضيفهما والاس بأن المناظرة في حقيقة الأمر كانت معه وليست مع بايدن! وخلافا لما كان متوقعا، لم يتمكن بايدن من استفزاز ترامب بالتلفظ بكلمات نابية أو غير لائقة، فيما دفعه ما بدا "تنمرا" لطالما اتهم به ترامب، إلى وصفه بـ “البهلوان أو المهرّج" و"الكاذب" و"العنصري" حتى بلغ الأمر باستخدامه كلمة "اخرس"..

لم يفلح لا بايدن ولا والاس في "إسكات" ترامب، لكن كلا منهما صرعه في أشبه ما يكون بضربة قاضية: ترنّح ترامب وازداد احمرار وجهه – الذي يوصف بالبرتقالي أو المشمشيّ – عندما تلقى سؤالا مباشرا وآخر تعزيزيا من والاس حول الفضيحة المدوية التي فجرتها صحيفة نيويورك تايمز بخصوص تهرب ترامب الضريبي والذي يصل بحسم المزاعم "الموثقة" إلى درجة التلاعب والتزوير. ترامب نفى صراحة تلك المزاعم جملة وتفصيلا وأصر على قيامه بدفع الملايين من الضرائب وليس الـ750 دولارا سنويا منذ توليه الرئاسة.

أمام إلحاح بايدن ودخوله على خط الاستنتاج المنطقي الذي رسمه والاس، بدا ترامب غير مقنع في دفعه للتهم. وقد كانت "ضربة معلم" لبايدن ونائبته كامالا هاريس عندما قاما وزوجاهما بتقديم كشوفاتهم الضريبية كاملة للرأي العام من خلال الصحافة فيما لجأ ترامب الذي يزعم أنها ما زالت قيد التدقيق والمراجعة المالية من قبل مصلحة الضرائب الفدرالية إلى مقولة "إن شاء الله" وفق المعايير شرق الأوسطية التي تفهم من الصحافة الغربية بأنها تسويف يحمل نية الإهمال بعد انقضاء محنة المواجهة أمام الرأي العام الذي حفظ بايدن تماما الكاميرا الخاصة به أثناء المناظرة عندما توجه إلى "دافع الضرائب الأمريكي" مرارا كلما ارتفعت وتيرة تشويش ترامب "الصوتي" عليه. 

كانت المناظرة الأولى بحق، "ميسي" ليس نجم كرة القدم العالمي، وإنما "خبصة" باللهجة العربية المحكية أو "هرجا ومرجا" في الفصحى. هاشتاغ "ميسي" تعبير استخدمه عبر حسابه على تويتر، زميل والاس، بيل هيمير أحد نجوم فوكس نيوز محطة ترامب المفضلة أو بالأصح الوحيدة!