هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأميركية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
من أجمل المقولات الأمريكية: تقدّم (Move on).. وبحسب سياق هاتين الكلمتين تكتسب معاني أخرى، من أبرزها ما يمكن إيجازه في عالم الترجمة بكلمتين أيضا: تجاوز عمّا مضى، لكن استفد من الأخطاء وتعلّم ..
بصرف النظر عن السجال الذي بلغ في حدته حد المهاترات التي تنم عن تعصب وحنق يحد من القدرة على الرؤية والرؤيا، فإن أخطر ما ورد من تعقيب على المشاهد الصادمة المخزية المدانة بالمطلق ودون أي تبرير الأربعاء الماضي، جاء على لسان رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي السابق (بعد خسارة الجمهوريين للأغلبية) والحليف السابق أيضا للرئيس المنتهية ولايته في ظهيرة العشرين من يناير - ويصادف أيضا يوم أربعاء - عضو مجلس الشيوخ المخضرم لندسي غراهام.
"عشرون عاما مرت على الحادي عشر من سبتمبر"، يحذر غراهام متسائلا في مؤتمر صحافي الخميس كيف تمكّن المقتحمون من أن يعيثوا فسادا في الكونغرس حاملين حقائب على ظهورهم كان من الممكن أن تكون "متفجرات أو مواد كيميائية" يستخدمها إرهابيون؟
المفارقة المرعبة، سلطات نيويورك للمراقبة الجوية تم اختراقها قبل أيام من قبل "هاكرز" بثوا رسالة تحذير صوتية توعدت بـ “الثأر" من أمريكا في الذكرى الأولى لتصفية الجنرال الإيراني قاسم سليماني.
ما جرى وبصرف النظر عن كل ما قيل من اتهامات متبادلة زاد من حدتها إغلاق حساب دونالد ترامب الذي ما زال رئيسا للبلاد بانتظار حلول الأربعاء قبل الأخير من الشهر الجاري أو استجابة الكونغرس لوعيد رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بعزل أو خلع ترامب كونه في نظرها يشكل "خطرا حقيقيا" بسبب شخصية "غير المتزنة".
في تقديري، ستهدأ النفوس أو تنجح الضغوط ويتمكن دعاة التهدئة من التوصل إلى تفاهمات ولو غير معلنة، تتفادى خياري العزل و"الخلع" (التعديل الدستوري الخامس والعشرين) حرصا على "التقدم" بالبلاد ورأب الصدع.
لكن "التعلم" من الأخطاء لا يبدو الخيار المفضل أو الحقيقي لأطراف الانقسام في أمريكا. المسألة لم تعد ديمقراطيا مقابل جمهوري، ولا حتى ليبراليا أو يساريا مقابل محافظ أو يميني. ما ينذر بالخطر هو انقسام أمريكا بين من يرون أنفسهم دعاة حق وخير، مقابل من يعتبرونهم أهل الباطل والشر! وقد قام الآتون من خارج "المؤسسة" أو "نادي واشنطن" أو كما يحلو للبعض تسميتها بـ “الدولة العميقة" بتوظيف قيم وقضايا حساسة في صراعات الطرفين السياسية وربما الاقتصادية لكسب مزيد من المؤيدين. بالأرقام وبعيدا عن كل ما قيل حول مدى نزاهة أو تزوير الانتخابات، فإن الرئيس المنتهية ولايته والرئيس المنتخب حققا أرقاما قياسية في التصويت والتأييد، الفارق هو 5 ملايين صوت ظاهريا لكن هناك ملايين لم تقم بالتصويت أو ترى أن تسارع الأحداث يشي بما هو أدهى وأمرّ.. كتساؤل غراهام مثلا عمن يقود تويتر في ظل حجب ترامب وبقاء خامنئي الذي منع استيراد اللقاح الأمريكي أو الأوروبي لإيران ويدعو بالموت لأمريكا وإسرائيل؟
نصلي دائما وأبدا أن يمنح الله القادة في العالم كله - الحكمة والشجاعة والمحبة التي تصون المنجزات وتعلي البناء وترسي المزيد من قواعده في الميادين كافة. هكذا فقط تتحقق المقولة الأمريكية الرائعة (موف أون)، تقدّم.. الأربعاء قبل الأخير في يناير سيكون أبيضا بعون الله..