CNN CNN

CNN مع "أطباء دمشق".. لكي يعرف العالم

الأحد، 07 آب/اغسطس 2011، آخر تحديث 14:00 (GMT+0400)
متظاهر سوري معرض سقط خلال حملة القمع التي تواجه المتظاهرين
متظاهر سوري معرض سقط خلال حملة القمع التي تواجه المتظاهرين

(شاهد التقرير)

دمشق، سوريا (CNN)-- يجازف عدد من الأطباء بأرواحهم ومستقبلهم، ولكنهم يريدون من العالم أن يعرف.. إنهم يمارسون واجبهم الإنساني في ظل الخوف.. ولكن الواجب الإنساني أكبر من الخوف الذي يتملكهم.

إنهم أطباء سوريا "الثائرون" الذين يعملون سراً لإنقاذ أرواح الجرحى والمصابين الذين يسقطون يومياً في ساحات وميادين وشوارع العديد من المدن السورية منذ نحو 100 يوم.

لسلامته، تم إخفاء هوية الطبيب، فهو يخشى على حياته إذا ما اعتقله أعوان النظام السوري، ويخشى أن يعذب ويقتل، لكنه مع كل هذه الخشية يجازف بالحديث إلى CNN.. فقط لكي يعرف العالم.

إنه مؤسس شبكة الأطباء السريين، الذين يطلقون على أنفسهم "أطباء دمشق"، وقاموا بتأسيس صفحة لهم على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، وهدفهم ليس إنقاذ الأرواح فحسب، بل لكشف جرائم النظام.

لقد قاموا بتأسيس عيادات سرية في الأحياء التي تشهد مظاهرات، ولكنهم يغيرون من أماكن ومواقع تلك العيادات باستمرار، وحتى الطبيب نفسه لا يعرف أين سيكون موقع عيادته في اليوم التالي.. فهم لا يسعهم أن يجازفوا بمثل هذا الأمر.

وتضم شبكة الأطباء السريين قرابة 60 طبيباً محترفاً يقومون بأدوار عديدة، فبعضهم يوفر الرعاية الميدانية، والبعض الآخر يساعد في توفير الأدوات والأدوية، وقسم ثالث لديه عيادات خاصة يتم نقل المصابين إليها في الأحيان التي يكون فيها الوضع آمناً.

ويوضح الطبيب أن "الناس يرفضون التوجه إلى المستشفيات الحكومية لأنه سيتم اعتقالهم، وإذا ماتوا فإنه من الصعب استرداد الجثة."

ويزعم أن العائلات والأسر لا تستطيع استرداد جثث أحبتها إلا بعد التوقيع على وثيقة تفيد بأنهم قتلوا على أيدي الجماعات المسلحة.

وتصر الحكومة السورية على أنها لا تستهدف المتظاهرين المدنيين، وتلقي باللائمة في العنف على العصابات المسلحة التي تستهدف المتظاهرين، وتستغلهم بهدف إقامة نظام على غرار الخلافة الإسلامية في سورياً.

وفي مستشفى دمشق العام، تحدثنا إلى الطبيب أديب محمود، الذي قال إن المتظاهرين يخشون ألا يتم العثور عليهم، وقال " نحن نقبل كل الحالات بصرف النظر عن كيفية الإصابة التي وقعت أو أين حدثت."

ويصر أديب على أن الزاعم بأن على الأسر أن توقع على وثيقة مزورة هو أمر لا أساس له من الصحة.

وفي المستشفى، التقينا برجل قال إنه أصيب برصاصة في ساقه عندما فوجئ بمظاهرة معادية للنظام، وتمت معالجته في واحدة من العيادات السرية، غير أن الجرح لم يلتئم.

وقال إنه كان خائفاً من التوجه للمستشفى في البداية بسبب ما سمعه، مضيفاً "ولكن ليس لدي مشكلة."

ومع ذلك مازال هناك العديد من المتظاهرين المعارضين للنظام يخشون من التوجه للمستشفيات العمومية زاعمين أن المعارضين للنظام يحرمون من العلاج ويقيدون بالأصفاد في أسرتهم ويتعرضون للضرب والاحتجاز أو بكل بساطة يختفون.

ولذلك فإنهم يتوجهون إلى العيادات السرية للحصول على العلاج وكذلك إلى المستشفيات الميدانية.

وفي إحدى العيادات السرية، في غرفة وضيعة، لا تحتوي إلا على اسطوانة أكسجين ومستلزمات بسيطة وأساسية.

وقال الطبيب السري إنه شهد وفاة عدد من المتظاهرين المعارضين جراء تعرضهم للنزيف حتى الموت، لأنه لم يكن لديهم أي وسيلة لإنقاذهم.

وقال: "لقد قضينا معظم حياتنا نساعد الناس، وإنه لمن المؤلم حقاً أن نراهم يحتضرون ويموتون دون أن نتمكن من مساعدتهم."

والتقينا بعدد من المرضى الذين عولجوا في العيادات السرية، ومن بينهم طفل أصيب بشلل جزئي بعد أصيب برصاصة في صدره استقرت قرب العمود الفقري.

وقال الطبيب إنه شهد الكثير من الدماء والكثير من الألم ولكنه شهد أيضاً الكثير من الأمل، فهم حتى في أسوأ ظروفهم كانوا يهتفون للحرية ويصرون على مواصلة النضال.

ولاحقاً، كتب الطبيب رسالة لي قال فيها: "باسم الإنسانية، ليعلم العالم أننا نعاني من أجل حريتنا."