CNN CNN

وفاة أردني أضرم النار في جسده أمام الديوان الملكي

الخميس ، 09 شباط/فبراير 2012، آخر تحديث 21:00 (GMT+0400)

عمان، الأردن (CNN)--حملت عائلة الأردني أحمد المطارنة (52 عاما) الذي قضى مساء الاثنين عقب إقدامه على إضرام النار بجسده أمام مقر الديوان الملكي، بالعاصمة عمان، مسؤولو الدولة الأردنية، مسؤولية موته، داعين العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بإنصاف قضيتهم.

وتعالت أصوات البكاء من منزل احمد المطارنة الكائن في حي بجبل التاج، أحد أحياء العاصمة الشرقية الفقيرة، وسط حالة من الصدمة والذهول من هول الحادثة التي تعد الأولى في البلاد، ومحاولة الانتحار الثالثة التي قام بها المطارنة نفسه خلال أقل من عام، احتجاجا على قرار إحالته إلى الاستيداع من وظيفته قبل سنوات قليلة من تقاعده وتخفيض راتبه إلى أقل من النصف.

وقالت زوجة المطارنة، أم علاء، التي لها 9 من البنات و4 من الأبناء بصوت متقطع لمندوب موقع CNN بالعربية لدى زيارتها بالمنزل، إنها تحمل "المسؤولين الفاسدين في البلاد" موت زوجها.

وأضافت قائلة:" لقد حاول أبو علاء الانتحار مرتين في وقت سابق، ولم نعلم بما أقدم عليه سوى بعد وفاته .. ظلم المسؤولين والفقر هو ما دفعه للانتحار.. لقد اعتاد العودة الى البيت بعد نوم الاولاد لانه لم يكن يحمل ثمن رغيف خبز لهم."

وتجمهر العشرات من جيران أبو علاء في المنزل المستأجر، فيما تكدس أبناؤه في  غرفة المعيشة ذات الإضاءة الخافتة والمقاعد البالية، حيث رفضت عائلته التقاط أو نشر صور لأي منهم.

وكان المطارنة، بحسب عائلته، يتقاضى من عمله في أمامة عمان الكبرى ( البلدية)قبل قرار الاستيداع نحو 400 دينار أردني ( 560 دولار أمريكي)، فيما بات يتقاضى منذ يوليو/ تموز من عام 2010، ما يقارب 110 دنانير ( نحو 150 دولار أمريكي).

 واعتبرت زوجة المطارنة أن انتحار أبو علاء،  تسبب به المسؤولون في الأمانة، مؤكدة ان مطالبه احتجاجا " على تجني الفاسدين عليه"، وإحالته على الاستيداع بعد 22 عاما من الخدمة في بلدية أمانة العاصمة، مشيرة إلى ان الحديث عن تقاضيه لمبالغ  مالية من الأمانة كقروض ذهبت على مصاريف تعليم 3 من البنات في الجامعات، الى مشروع محل تجاري لم ينجح وتسبب بتراكم الديون عليه.

من جهتها، قالت ولاء 22 عاما، أحدى بنات المطارنة، إنها " لن تترك المسؤولين " الذين أوقعوا ظلمهم على والدها.

وأشارت إلى أن والدها ترك رسالة حصلت CNN على نسخة منها، كان قد كتبها لرفعها الى العاهل الاردني، تتضمن فيها قائمة بأسماء متنفذين أسهموا في إحالته الى الاستيداع، عدا عن إشارته لوقوع تجاوزات إدارية ومالية في العمل.

وتضمنت رسالة المطارنة للديوان الملكي عدة مطالب، بدأها بالقول:" أرجوك يا جلالة الملك أن تأخذ بحقي من الفاسدين في أمانة عمان الكبرى ..."

وأشارت العائلة الى عزمها دفن جثة المطارنة الاربعاء، بعد رفضها مسبقا تسلم جثمانه من مستشفى البشير الحكومي.

وقال شاهد عيان طلب عدم الكشف عن اسمه من جيران العائلة، لموقع CNN بالعربية، إنه تواجد في موقع الحادثة بعد إضرام المطارنة النار بجسده.

وأشار شاهد العيان إلى أنه رأه ممد على الارض المقابلة لبوابة الديوان، وهو متفحم ومغطى بغطاء، وكان يردد " يالله يالله أبنائي أمانة في أعناقكم .."، لافتا إلى ان بعض عناصر الشرطة أحاطوه، دون السماح لأحد بالاقتراب منه.

وأضاف أن سيارات الدفاع المدني استغرقت فترة  من الزمن حتى وصلت الى مكان الحادث، على حد قوله.

من جابنها، أفادت مصادر طبية مطلعة لموقع CNN بالعربية، إلى أن المطارنة أقدم على إحراق نفسه، بمادة "التينر" سريعة الاشتعال.

وفيما لم تصدر ردود فعل حكومية تعليقا على الحادث، إلا أن الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن العام محمد الخطيب، أكد في تصريح لموقع CNN بالعربية إلى عدم تأخر الدفاع المدني في إسعاف المطارنة، مشيرا إلى أنه لم يكن معتصما أمام الديوان بل مارا بالقرب منه، فيما سارعت الاجهزة المختصة إلى إسعافه عند رؤيته، معبرا عن أسفه لوفاته.

وكانت أمانة عمان، التي عمل بها المطارنة أمين مستودع، قد قالت في بيان رسمي صدر عنها الثلاثاء، إنه (المطارنة) كان موظفا لديها وانه تم استدعاؤه في وقت سابق عند محاولة سابقة للانتحار، وقدموا له قرضا ماليا بقيمة 30 ألف دينار .

وأشارت إلى أن المطارنة احيل الى الاستيداع بموجب قرار للجنة شؤون الموظفين هو وعدد من الموظفين، كما أكدت أنه حصل على تعويض من صندوق الضمان الخاص بموظفي الامانة، لافتة إلى أنها نظرت في عدة مطالبات له سابقة.

هذا، وقد احتلت قضية المطارنة صدارة تعليقات موقع التعارف الإجتماعي (الفيسبوك وتويتر)، فيما دعا العشرات من الناشطين إلى تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مقر الديوان الملكي، مطلقين مسمى " بوعزيزي الأردن" على المطارنة.

وقالت إحدى الناشطات معلقة على موقع الفيسبوك:" مش بس الانتحار حرام .. القمار كمان أكبر حرام."

وقالت مشاركة أخرى تدعى هبة محمود على صفحة: وقفة غضب | الظلم والفقر والفساد حرق احمد المطارنة: "لست أنا برب العالمين لأقرر إن كان سيغفر له أم لا ! أنا كإنسانة لا استطيع إلا أن اشعر بالشفقة والرحمة تجاهه ... وكذلك اللوم والقهر أيضا حيث انه قنط من رحمة الله وترك أهله وحدهم الآن!! كيف يقنط الإنسان من رحمة الله ... ولكن مازلت أدعو له أن يغفر له الله ويرحمه... وزاد بقلبي الغضب تجاه نظام الظلم .. أيجب أن يقتل أو ينتحر أهل الأردن جميعا لنرى أن التغيير حان؟!! كفى فسادا !"

وشهدت البوابة الرئيسية من الديوان الملكي مؤخرا،  تنفيذ جملة من الاحتجاجات ضمن الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح، ومحاربة الفساد في البلاد.

ورغم تضارب نسب الفقر المعلنة رسميا في البلاد، لتتجاوز في بعض تقديراتها 34 % ، إلا أن عدد جيوب الفقر زاد من 22 جيبا في العام 2006 إلى 32 جيبا في 2008، بحسب تقارير.