الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
لا يمكن للناظر إلى أوضاع أسعار النفط اليوم أن يدرك بأن العالم لم يتجاوز بالكامل الأزمة المالية وما يزال في منتصف الطريق للخروج منها، فبرميل "الذهب الأسود" اقترب من عتبة 80 دولاراً، ما يعني أنه أعلى من المستويات المتوسطة التي سجلها طوال العقدين الماضيين بأكثر من 60 دولاراً.
وتبدو هذه التطورات مناسبة للغاية بالنسبة للدول العربية المنتجة للطاقة في الخليج، التي تشكل العامود الفقري لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك،" التي يصفها البعض بأنها "نادي التحكم بالمعروض من النفط."
فعودة أسعار النفط للارتفاع مجدداً بعد موجة تصحيحات قوية قادتها خلال سنة من مستويات 147 دولاراً إلى حدود 35 دولاراً للبرميل تجعل المنتجين يفكرون في السبل التي يجب إتباعها لإدارة ثروة الأصول التي بحوزتهم.
وقد حظيت قبل فترة بفرصة ذهبية للقاء كبار الشخصيات المؤثرة في عالم النفط، من وزراء وخبراء ومدراء في الشركات الأساسية بالقطاع، وذلك خلال مؤتمر "المال والنفط" الذي استضافته العاصمة البريطانية لندن، وتذكرت كيف كانت الأحوال قبل عام، عندما شكك البعض في قدرة المصارف المركزية حتى على مواصلة العمل بذروة الأزمة العالمية.
ولكنني أظن أن عودة أسعار النفط إلى هذه المستويات ليس أمراً غير منطقي، لأن الخطوات التي أقدمت عليها "أوبك" لجهة خفض الإنتاج تساعد على حصول هذا، إلا أن البعض قد يسأل، هل من عوامل أخرى تحرك السوق؟ خاصة وأن عودة النمو لم تشمل كافة النظم الاقتصادية العالمية، فالأسواق الشرقية تشهد فترة انتعاش، في حين أن اقتصاد الدول الغربية ما يزال ضمن دائرة الخطر.
وهذا يتطلب جواباً من شقين، الأول يتعلق بتحديد القدرة على الوصول إلى أحواض النفط العملاقة، في حين يرتبط الثاني بحالة عدم الاستقرار السياسي التي تسود دولاً منتجة للنفط، أبرزها نيجيريا وإيران وفنزويلا.
ويقول جوناثان ستيرن، المحلل لدى مركز أكسفورد لدراسات الطاقة: "ما نراه اليوم (لجهة ارتفاع أسعار النفط) متعلق بالتكلفة المرتفعة للإنتاج، لأن استخراج النفط لم يعد رخيصاً، لذلك فلا بد من الحديث عن مستويات سعرية تتراوح بين 40 و50 دولاراً للبرميل على الأقل كي يتمكن المنتجون من الحصول على أرباح."
ومع أن أسواق الطاقة شعرت بالتفاؤل مؤخراً حيال مستقبل احتياطيات النفط العالمية، بعد الحديث عن اكتشاف أحواض ضخمة في خليج المكسيك، وكذلك قبالة سواحل البرازيل وفي كازاخستان، ولكن ذلك لم يحجب الأنظار عن حقيقة أن مخزون الآبار القديمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتناقص بسرعة، في حين ترتفع كلفة الاستخراج منها.
وبموازاة الحديث عن اكتشافات النفط المهمة العام الماضي، تراجع القلق حيال احتمال وصول العالم إلى نقطة يعجز عندها المنتجون عن تلبية الطلب على الطاقة، إلا أن أسعار النفط عند مستويات 80 دولاراً تشير بالتأكيد إلى أننا على أبواب مرحلة جديدة.
ويشرح فاهين زانويان، كبير مدراء "مصرف الطاقة الأول" في البحرين طبيعة هذه المرحلة الجديدة بالقول: "لقد جرى قطف الثمار الدانية، وبعد 40 عاماً لم يعد أمامنا سوى الثمار الصعبة المنال" في إشارة منه إلى انتهاء عصر النفط الرخيص.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.