دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
وفي هذا الأسبوع، يكتب جون زاويته حول أزمة الطاقة وأسعار النفط، التي تؤثر فيها عوامل مرتبطة بالأزمة المالية العالمية الحالية، ما قد يشكل عثرة أمام زيادة الإنتاج بالقدر الذي يحتاجه العالم مستقبلا.
بعد ارتفاع أسعار النفط إلى ما يفوق 147 دولاراً في يوليو/تموز الماضي، اندفع عدد من قادة العالم لإثارة قضية "أمن الطاقة" حيث تزايدت الحاجة إلى تحقيق ما اصطلح على تسميته بـ"الاستقلال بمجال الطاقة."
وكان في مقدمة أولئك القادة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي وضع هذه القضية على رأس أولويات حملته الانتخابية، وبعد دخوله البيت الأبيض، تعهد بضخ مليارات الدولارات لتعزيز "الطاقة المستدامة" فارتفعت الاستثمارات في هذا القطاع الذي يفترض به أن يخلق وظائف جديدة، وفق مقتضيات خطة الإنقاذ الاقتصادي الذي تجاوزت قيمتها 800 مليار دولار.
وبالطبع فأنا أقف مع الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، وخاصة مسألة خلايا الوقود، وذلك باعتبار أن هناك من يقول بأن شركات النفط لا تستغل - بالتقنيات المستخدمة اليوم - كل الطاقة التي يمكن الحصول عليها من النفط.
وخلال المؤتمر الدولي الرابع الذي عقدته منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في قصر "هوفبيرغ" المهيب في فيينا، ناقش وزراء المنظمة أفضل الخطط الممكن اعتمادها على الأجلين القصير والمتوسط.
وفي مقابلة أجريناها معه، قال علي النعيمي، وزير النفط في المملكة العربية السعودية، التي تعتبر أكبر دولة مصدرة للذهب الأسود، إن الأسواق اقتربت من نقطة التوازن، معرباً عن اعتقاده بأن "أوبك" قامت بخفض الإنتاج بما يكفي، في رسالة سيراها خبراء الاقتصاد في العالم على أنها كفيلة بطمأنة الدول المستهلكة التي كانت تخشى المزيد من التخفيضات الهادفة لرفع الأسعار في ظل الأوضاع الراهنة.
وقد كان لرئيس أوبك السابق، وزير النفط النيجيري ريلوانو لقمان، خلال المؤتمر تصريح يلخص بالفعل الشعور العام لدى الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء حيث قال: "علينا أن نعرف أين سنذهب بحق الله."
ولكنني، وبعد أن حضرت المؤتمر، وتحدثت إلى الوزراء على هامش اللقاء، خرجت بانطباع يشير إلى أننا نفتقر للتخطيط المناسب.
وبصرف النظر عن تطورات الأمور، فإن أوبك تأمل في أن تعود أسعار النفط للارتفاع قبل نهاية العام الجاري، وفي مطلق الأحوال، فقد نرى مستويات المائة دولار مجدداً عام 2013.
ورغم أن الأرقام التي توفرها المنظمات المسؤولة عن مراقبة الطاقة والنفط حول العالم تؤكد بأن أسعار النفط الحالية، التي تتراوح بين 40 و50 دولاراً تساعد في إنقاذ الاقتصاد العالمي من خلال توفير ترليون دولار على المستهلكين، مقارنة بأسعار عند 100 دولار للبرميل، غير أنها بالمقابل تضعف قدرة الدول المنتجة على الاستثمار في حقول الإنتاج.
وقد قال الأمين العام لأوبك، عبدالله البدري، خلال مقابلة أجريتها معه مؤخراً، إن دول المنظمة عاجزة حالياً عن ضخ استثمار لزيادة طاقة الإنتاج.
وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن الأموال المطلوبة لرفع الإنتاج العالمي إلى 64 مليون برميل يومياً، وهو ما سيحتاجه العالم عام 2030، تفوق 26 ترليون دولار، وأن ذلك سيترافق مع نمو كبير في دول مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل، ومنطقة الخليج.
ولكن بانتظار حصول ذلك، فإن الأزمات على المدى القصير ستظل حاضرة، وفي مقدمتها البحث في كيفية توفير 26 ترليون دولار خلال هذه الفترة، بل وحتى ربع هذا المبلغ خلال الأعوام الخمسة المقبلة، إذا استمرت المصارف في الامتناع عن الإقراض، وزادت الشركات الوطنية المنتجة للنفط من سيطرتها على الحقول.
ويقول غيروين فان ديفير، المدير التنفيذي لشركة "شل" النفطية، إن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من التعاون بين الشركات المنتجة الحكومية والخاصة، وكافة أطراف دورة النفط التجارية من مستهلكين ومنتجين، متحدثاً عن "قوانين جديدة للعبة."
ولكن، ورغم الحديث عن "القوانين الجديدة" لا يمكن سوى ملاحظة أن الكثير من الدول المنتجة للنفط تتفاعل مع أخبار الأسعار يومياً، وقد شاهدت بأم العين الحبور الذي عبّر عنه خمسة من وزراء النفط لدى تلقيهم خبراً يفيد بارتفاع سعر البرميل في بورصة نيويورك إلى 49.70 دولارا.
وفي واقع الأمر، فإن ارتفاع أسعار النفط كان بالتزامن مع تحسن البورصات في الولايات المتحدة، الأمر الذي يعني أنه رغم الاتساع الظاهري في الهوة بين الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة، فإن ضرورة التكاتف بينها تبرز اليوم أكثر من أي وقت مضى.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.