الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وفي هذا الأسبوع، يكتب جون زاويته حول قمة مجموعة الثماني التي عُقدت في إيطاليا، مشيراً إلى عجزها عن حل مشكلات العالم الاقتصادية بسبب تبدل موازيين القوى في العالم.

أسفر اجتماع مجموعة الثماني في تلال إيطاليا عن اتفاقات بالحد الأدنى تهدف إلى الإيحاء بوحدة الموقف، ولكنها في الواقع تشكل نقطة تحول في مسيرة هذه المؤسسة التي تعاني الإرهاق.

فهذه المجموعة تحمل شعارات مضللة سواء على مستوى الاسم أو المضمون، فالدول المشاركة فيها لم تعد الأكبر على المستوى الصناعي الدولي، مع حلول الصين في المركز الثاني بين اقتصاديات العالم، إلى جانب أن تلك المجموعة عاجزة عن إيجاد حلول حقيقية للمشاكل الراهنة.

وفي الواقع، كان هناك اتفاق محدود بين الدول الأساسية في المجموعة على سبل مقاومة الركود الحالي، الذي يعتبر أسوأ ما شهده العالم منذ ستة عقود، وقد دعت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى البحث عن إستراتيجية للخروج من عجز الموازنة في الدول الكبرى والعمل على تعويم الاقتصاد مجدداً.

وإلى جانب الأزمة الاقتصادية، تبقى القضية البيئية والاحتباس الحراري في صدر الاهتمامات، وعلى الرغم من التعهدات التي جرى قطعها في هذا الإطار فإن الدول النامية ما تزال تقدم النمو الاقتصادي على قضايا البيئة، ومقابل عجز مجموعة الثماني عن تقديم حلول لهذه المشكلة، فإن مجموعة الدول العشرين قدمت المقابل أطر معالجة أكثر واقعية.

ومن المتوقع أن تكون مجموعة العشرين أمام فرصة أفضل لإثبات نفسها عندما يلتقي قادتها في سبتمبر/أيلول المقبل بمدينة بيتسبورغ الأمريكية، حيث أظن أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، سيشدد على إمكانية تطور كل الدول بالشكل الذي تطورت عليه الولايات المتحدة كما تشهد هذه المدينة الصناعية.

وبالعودة إلى قمة مجموعة الثماني، فرغم خلوها من النتائج الحقيقية، إلا أنها شهدت تركيزاً على أسعار النفط التي كانت تشهد بعض الصعود في ذلك الوقت، وقد أعرب البعض عن قبوله لأسعار نفط تتراوح بين 70 إلى 80 دولاراً للبرميل، ما يرجح العودة إلى سيناريو توافقي للأسعار بين المستهلكين والمنتجين.

الشرق الأوسط في إيطاليا

وكانت قمة مجموعة الثماني التي استضافها الرئيس الإيطالي سيلفيو برلسكوني، الذي يعاني الأمرّين في بلاده جراء فضيحة صور الحفلات الصاخبة قد شهدت محاولة الزعيم الإيطالي زيادة نسبة التأييد التي يحظى بها في صفوف الشعب عبر السعي لضمان إمدادات الطاقة لإيطاليا على الأمد الطويل.

وتمثلت فرصته بوجود قادة ليبيا ومصر والجزائر، وهي دول تلعب دوراً كبيراً على صعيد تصدير الغاز، إلى جانب وجود القيادة التركية، التي من المقرر أن تلعب دوراً في تمرير النفط والغاز عبر أراضيها لأوروبا.

ويجب في هذا الإطار إدراك أن الجزائر هي الدولة الرابعة في العالم لجهة تصدير الغاز، وتذهب كمية كبيرة من إنتاجها إلى السوق الإيطالية، وهو ما يشرح الدور الكبير لشركات المقاولات الإيطالية في بناء خطوط الأنابيب التي ستربط بين البلدين.

وكذلك تدور أحداث مماثلة بين ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط في أفريقيا مع قرابة 41 مليار برميل، وبين أوروبا، حيث تسعى طرابلس لزيادة كميات النفط التي تنتجها من 1.8 مليون برميل يومياً إلى ثلاثة ملايين برميل خلال خمس سنوات، على أن يتبع ذلك البدء بإنتاج الغاز الطبيعي أيضاً.

وكان برلسكوني قد استخدم استراتيجية ثنائية الخطوط عندما زار ليبيا الصيف الماضي، حيث اعتذر من طرابلس عن حقبة الاستعمار التي استمرت لثلاث عقود، كما تعهد بتقديم حزمة تعويضات من خمسة مليارات دولار تدفع على مدار عقدين بهدف تنمية البينية التحتية الليبية، وهو إجراء سيكون له بالتأكيد نتائج إيجابية على العلاقات بين ليبيا وجيرانها.

ولم يبد برلسكوني الكثير من التحفظات خلال زيارة الزعيم الليبي، معمر القذافي، الأخيرة إلى روما الشهر الماضي، بل رحب به على أمل أن تنال الشركات الإيطالية نصيباً وافراً من العقود التي تعتزم طرابلس توقيعها مع الشركات العالمية في مختلف المجالات.

وخلاصة الأمر، فإن مجموعة الثماني قد تكون عاجزة عن إيجاد حلول جذرية للاقتصاد العالمي، لكنها قد تنعكس إيجاباً على موقع إيطاليا الدولي، وعلى قدرة خطط الاتحاد الأوروبي لضمان مستقبل الطاقة.