الخرطوم، السودان (CNN) -- في أول ظهور علني له إثر قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه، دعا الرئيس السوداني عمر البشير، إلى تشكيل جبهة لمقاومة الاستعمار الجديد، وذلك خلال كلمة حماسية ألقاها أمام عشرات آلاف من المتظاهرين السودانيين المنددين بقرار المحكمة في الخرطوم الخميس.
وقال إن الدول التي تدعي حماية حقوق الإنسان هي أول من انتهك هذه الحقوق، مذكراً بأنها مارست الاتجار بالرقيق وقتل السكان الأصليين في أستراليا والولايات المتحدة والعراق وقطاع غزة.
واستعرض الرئيس السوداني المعارك السياسية والاقتصادية العديدة التي خاضتها حكومته مع الغرب، وعبر عن رفض بلاده لكافة الضغوط السياسية والاقتصادية التي مارسها عليه مجلس الأمن وصندوق الدوليين.
واعتبر البشير تلك الضغوط، ومذكرة توقيفه، الشكل الجديد للاستعمار، مؤكداً أن السودان سيكون في طليعة المقاومين لهذا الاستعمار الجديد، وأنه سيواصل رفض كل أنواع الهيمنة والاستعمار.
وقال: "نحن جاهزون لمقاومة الاستعمار."
وأكد البشير طرد 10 منظمات إنسانية من بلاده.
وفي التظاهرة التي شهدتها الخرطوم الخميس، حمل المتظاهرون صور الرئيس البشير وعلم السودان وشعارات كتب عليها بالإنجليزية "كلنا معك يا بشير."
وهاجم البشير في كلمته الحماسية الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الحليفة وإسرائيل، وفي تلك اللحظة هاجت الجماهير وهتفت "تسقط أمريكا."
وشهدت مدن سودانية أخرى تظاهرات مماثلة بعيد صدور القرار الأربعاء، واتسمت بأنها سلمية، وفقاً للأمم المتحدة، فيما شهد إقليم دارفور "هدوءاً حذراً."
المؤتمر الإسلامي يدين نحرك الجنائية الدولية
من جهة ثانية، أعرب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، عن خيبة أمل شديدة لتوجيه الاتهام للرئيس السوداني، وأدان التحرك الذي وصفه بأنه "خالي من المنطق."
وجاء في بيان صادر عن أمانة المنظمة، تلقت CNN بالعربية نسخة منه، أن الأمين العام للمنظمة أبدى قلقه من أن تتأثر الجهود حل الأزمة في دارفور سلباً بالقرار، مشيراً إلى أنه قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على أمن واستقرار السودان والمنطقة بأسرها.
ورفض أوغلو، في البيان، المعايير المزدوجة للأسرة الدولية في التعاطي مع قضايا الإجرام ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وقال إنها "تؤثر بشكل مباشر في مصداقية النظام القضائي الدولي"، وناشد مجلس الأمن الدولي وقف تحرك المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير من أجل إنقاذ جهود السلام الجارية في السودان.
الرئاسة السودانية ترفض القرار
أكدت الرئاسة السودانية الأربعاء "رفضها القاطع" لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني، عمر البشير، معتبرة إياه "سابقة تفتح نافذة على الجحيم وتهدد أمن واستقرار الشعوب النامية"، وفي الوقت نفسه، عبرت الصين عن شعورها بالقلق والأسف حيال اعتقال البشير، فيما عبر الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه من قرار الحكومة السودانية بإنهاء عمل 10 منظمات إنسانية غير حكومية عاملة هناك ومصادرة بعض أصولها.
ففي مؤتمر صحفي إثر اجتماع للرئاسة السودانية، المؤلفة من عمر البشير ونائبه الأول سلفاكير ميارديت ونائبه علي عثمان طه، في أعقاب صدور القرار، أعلن طه، "رفض الرئاسة السودانية القاطع لقرار المحكمة الجنائية الدولية المتعلق بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير."
وأكد نائب الرئيس السوداني "اتفاق الرئاسة السودانية على الرفض القاطع للقرار الذي أصدرته ما تسمى بالمحكمة الجنائية الدولية"، مضيفا أنها تؤكد "رفضها بكل قوة وحزم ووضوح التعامل مع هذا القرار والاستجابة له مهما كانت الأحوال."
وانتقد طه قرار المحكمة الجنائية، موضحاً "أن هذه السابقة التي تم إقرارها اليوم (الأربعاء) تفتح طاقة جحيم تنسف أصول القانون الدولي وتهدد أمن واستقرار الشعوب النامية"، وأعرب عن ثقة الرئاسة السودانية "في صمود الشعب السوداني ووعيه وقدرته لتجاوز هذا الامتحان مثلما تجاوز الامتحانات السابقة."
وقال "نحن ملتزمون بكل تعهداتنا، وفي نفس الوقت فإننا سنمضي في مناهضة القرار بكل السبل والوسائل، كما سنعمل على ضمان استقرار الأوضاع على النحو الذي خططنا له."
وأكد طه على التزام الرئاسة السودانية بكل القوانين والاتفاقات التي وقعتها حكومة الخرطوم، بما فيها اتفاق السلام الشامل، واتفاق سلام دارفور واتفاق سلام الشرق وغيرها من الاتفاقات، وكذلك تمسكها بالحق الدستوري في تطبيق القانون بكل الحزم والوضوح لضمان استقرار الأوضاع واثبات الأمن ومحافظة أمن المنظمات الدولية ومؤسساتها.
البشير يشارك في القمة العربية
أكدت الخرطوم أن الرئيس السوداني سيشار شخصياً في القمة العربية المقبلة التي تستضيفها العاصمة القطرية، ما يؤكد على ما ذهب إليه نائب الرئيس السوداني في قوله "إن الرئاسة السودانية برئاسة الرئيس البشير ستواصل ممارسة مهمتها الدستورية."
وكان طه قد أكد أيضاً على أن مؤسسات الدولة السودانية ستمضي في أداء مهمتها، قائلاً "من يظن أن هذا القرار سيشل قدرات الرئيس أو يعطل أداءه لوظيفته الدستورية سيخيب فأله ، وسيكون الرئيس على رأس مؤسسات الدولة ولن يزيحه عن موقعه إلا الشعب الذي انتخبه."الصين تشعر بالأسف
وفي بكين، قالت الصين إنها تشعر بالأسف والقلق حيال قرار المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة باعتقال الرئيس السوداني بشأن تهم جرائم حرب، وفقاً لما أدلى به الناطق باسم وزارة الخارجية، تشين قانغ، الخميس رداً على قرار بهذه المسألة.
وقال تشين إن المهمة الأولى للمجتمع الدولي هي المحافظة على الاستقرار في دارفور ومواصلة دفع العملية السياسة قدماً ومهمة حفظ السلام للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الصينية "شينخوا."
ونقلت شينخوا عن تشين قوله إن بلاده تعارض أية تصرفات قد تؤدى إلى التدخل في الوضع العام السلمي لدارفور والسودان.
كي مون قلق من طرد منظمات إنسانية
من جهة ثانية، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن قلقه من قرار السودان بطرد عدد من المنظمات الإنسانية غير الحكومية من أراضيه.
وقال كي مون في بيان صادر عنه إن الإجراء السوداني "يمثل عقبة خطيرة في عمليات إنقاذ الأرواح في دارفور، وأحث الحكومة السودانية على العمل بصورة عاجلة على استعادة تلك المنظمات لوضعها الكامل."
وأوضح أن المنظمات المعنية "هي المزود الرئيسي لخدمات إنسانية تنقذ أرواح المدنيين مثل المياه والغذاء والصحة" مشيراً إلى أن مغادرتها السودان سيكون له تأثير فوري وخطير على الموقفين الإنساني والأمني في غرب السودان وخاصة في دارفور.
وكانت الخرطوم قد طردت 10 منظمات إنسانية غير حكومية وحل اثنتين سودانيتين لدعمها المحكمة الجنائية الدولية ومخالفتها لقوانين العمل الإنساني في أعقاب إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة التوقيف بحق البشير لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور.
وشمل القرار الطرد منظمة "العمل ضد الجوع" و"أوكسفام " البريطانية و"التضامن" الفرنسية و"كير" الأمريكية و"أطباء بلا حدود" الهولندية و"المجلس النرويجي للاجئين" و"لجنة الإنقاذ الدولية" و"مؤسسة التمويل التعاوني الأمريكي" و"مجموعة الرحمة" الأمريكية و"إنقاذ الطفولة" الأمريكية.
كما نص القرار على حل منظمتين سودانيتين هما "مركز الخرطوم لحقوق الإنسان" وتنمية البيئة و"مركز الأمل لتأهيل ضحايا العنف"، وفقاً لشينخوا.
وفد عربي أفريقي للمطالبة بإلغاء القرار
من جهة ثانية، قرر وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم الطارئ حول قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني، الاربعاء، تشكيل وفد وزاري عربي أفريقي للتوجه إلى مجلس الأمن للمطالبة بإلغاء القرار.
وقال مندوب سوريا بالجامعة العربية السفير يوسف أحمد الذي تتولى بلاده رئاسة القمة العربية حاليا في تصريحات للصحفيين عقب الاجتماع "إن وزراء الخارجية العرب قرروا التنسيق مع الاتحاد الأفريقي لتشكيل وفد وزاري مشترك للتوجه إلى مجلس الأمن لشرح الموقف العربي والمطالبة بإنهاء مفعول القرار."
وأعرب عن الغضب العربي إزاء هذا القرار، مشيراً إلى أنه قرار سياسي بامتياز، بحسب وكالة الأنباء الصينية.
واعتبر الأحمد القرار "رسالة ليس فقط للسودان أو البشير بل رسالة لكل العرب" ، مؤكداً أن عدم اتخاذ موقف حقيقي إزاء هذه الرسالة "سنقع في الفخ الذي نصب لنا."
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.