دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- تواصلت الخميس ردود الأفعال على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، بحق الرئيس السوداني عمر البشير، جاءت في غالبيتها معارضة للقرار، الذي يُعد الأول من نوعه يستهدف رئيس دولة ما زال على رأس السلطة.
وإلى جانب المواقف الرسمية في بعض الدول الغربية، التي أعربت عن تأييدها لقرار المحكمة الجنائية الدولية، ودعت السلطات السودانية إلى التجاوب معه، جاء النجم السينمائي المعروف، جورج كلوني، ليقود المواقف "غير الرسمية" التي رحبت بالقرار.
وقال كلوني، الذي دعا مراراً لإحلال السلام في إقليم دارفور، في مقابلة خاصة بشبكة CNN، وهو ذات ما كتبه في مقال نشرته صحيفة "ديلي بيست" على موقعها الالكتروني، قائلاً: "وسط كل هذا نجد بارقة أمل ضئيلة"، فهي "المرة الأولى التي توجه فيها تهمة من محكمة لاهاي إلى رئيس ما زال في السلطة."
وفي وقت سابق من فبراير/ شباط الماضي، التقى كلوني بالرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ونائبه جو بايدن، حيث بحث معهما آخر التطورات في إقليم دارفور، حيث قال في مقابلة مع CNN آنذاك: "الأمر لا يرتبط بالحاجة لدولارات أو قوات أمريكية، بل تقديم أفضل ما بوسعنا القيام به، بالطرق الدبلوماسية النشطة."
وجاء موقف النجم الأمريكي في الوقت الذي دعت فيه العديد من الأطراف العربية والأفريقية، إلى جانب عدد من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، إلى إلغاء مذكرة المحكمة الجنائية الدولية، أو تأجيل تنفيذها للسماح بمزيد من الجهود الدبلوماسية لإقرار السلام في دارفور.
الجامعة العربية تؤكد حصانة الرؤساء
فعلى الصعيد العربي، دعا وزراء الخارجية العرب إلى إرسال وفد عربي أفريقي رفيع المستوى إلى مجلس الأمن، في خطوة تهدف إلى تأجيل تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة عن الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية، بحق الرئيس السوداني عمر البشير.
كما أعرب مجلس الجامعة العربية، الذي أبقى دورته مفتوحة لمتابعة الوضع والإعداد لعرض الموضوع على القمة العربية المقبلة في الدوحة، عن الأسف لعدم تمكن مجلس الأمن من استخدام المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة، مؤكداً على حصانة رؤساء الدول، وفقاً لاتفاقية فيينا للحصانات والامتيازات الدبلوماسية لعام 1961.
أوغلو: القرار خالي من المنطق
إلى ذلك، أدان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير، واصفاً إياه بأنه "تحرك خالي من المنطق"، وفق بيان صدر عن المنظمة، تلقت CNN بالعربية نسخة منه الخميس.
وأعرب أوغلو، بحسب البيان، عن "خيبة أمل شديدة" لإعلان المحكمة الجنائية الدولية قرارها بتوجيه الاتهام ضد الرئيس السوداني.
وحذر من أن قرار المحكمة الدولية قد يؤدي إلى "حدوث تداعيات خطيرة ويهدد الأمن والاستقرار في السودان والمنطقة بأسرها."
كما أعرب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي عن رفضه لما أسماه "المعايير المزدوجة التي تلجأ إليها الأسرة الدولية في التعاطي مع قضايا الإجرام ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، التي تؤثر على نحو مباشر في مصداقية النظام القضائي الدولي."
دمشق: تعدي سافر على سيادة السودان
من جانبها، قالت سوريا إنها تلقت بقلق بالغ وانزعاج شديد إصدار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، واصفة المذكرة بأنها "تطور خطير يخالف منظومة العلاقات الدولية"، وفقاً لما نقلت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا"، عن مسؤول بوزارة الخارجية.
وقال المسؤول السوري إن صدور هذا القرار يشكل سابقة خطيرة تتجاهل حصانة رؤساء الدول، التي ضمنتها اتفاقية فيينا لعام 1961، ومن شأنه خلق تداعيات سلبية كبيرة على استقرار الأوضاع في السودان، وعلى مسيرة التسوية السياسية لأزمة دارفور.
كما أضاف المصدر أن "هذا السلوك غير المسؤول في التعامل مع مشكلة دارفور، يشكل تعدياً سافراً على سيادة السودان وتدخلاً فاضحاً في شؤونه الداخلية يستحق الشجب"، كما طالبت سوريا مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته تجاه حفظ السلم الأهلي والاستقرار في السودان والعمل من أجل التراجع عن هذا السلوك.
ليبيا: لماذا لا يُحاكم بوش؟
وفي العاصمة الليبية طرابلس، أعلن الوزير المكلف بالشؤون الأفريقية، علي تريكي، أن بلاده ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية، وتعلن عدم التزامها به، واصفاً القرار بأنه "غير شرعي، ونرفضه، وغير معترف به، لأنه يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في السودان وأفريقيا."
وأكد الوزير الليبي، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، أن ما حدث في دارفور لا يوازي الجرائم التي وقعت في كل من فلسطين والعراق وأفغانستان، وتساءل قائلاً: "لماذا لا يحاكم جورج بوش على جرائمه؟"
طهران: "بدعة قبيحة" بدوافع سياسية
من جانبها، نددت طهران بمذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس السوداني، واصفة إياها بأنها "ذات دوافع سياسية"، وفقاً لما نقلت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، حسن قشقاوي.
وقال المتحدث الإيراني: "في الوقت الذي ترتكب فيه الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في لبنان وفلسطين وأفغانستان ودول أخرى، فإن المحكمة لا تبدي أي رد فعل بهذا الشأن."
وأضاف قشقاوي أن مذكرة التوقيف، التي صدرت من المحكمة بحق البشير، "تمثل خرقاً فاضحاً للمبادىء الدولية، وتمييزاً واضحاً في مجال تطبيق العدالة."
كما تابع قائلاً: "إن خرق سيادة وحصانة قادة الدول، تتناقض مع معاهدة فيينا عام 1961، وتمثل بدعة قبيحة ومرفوضة من قبل المجتمع الدولي."
واعتبر قشقاوي مشكلة دارفور "قضية سودانية داخلية"، معرباً عن اعتقاده بأن تدابير قيادة البلاد، بمشاركة دول أخرى، قادرة على حل هذه المشكلة بالطرق السلمية.
بكين وموسكو: سابقة خطيرة
وكذلك، فقد حثت الصين، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، المجلس على تعطيل القرار الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس البشير، حسبما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية في بكين، كين جانغ، في بيان نشره الموقع الرسمي للوزارة.
وجاء في البيان أن بكين "تأمل في أن يلبي مجلس الأمن الدولي دعوات من بلدان أفريقية وعربية إلى تعطيل الإجراءات بحق البشير"، كما أعرب المتحدث عن الأمل في أن يطلب مجلس الأمن من المحكمة الجنائية الدولية أن توقف الإجراءات في هذه القضية.
وقال جانغ إن "الصين تأسف وتعبر عن قلقها لإصدار المحكمة الجنائية الدولية القرار"، مؤكداً رفض بكين لأي أفعال قد تضر بالسلام في دارفور.
من جانبها، اعتبرت موسكو أن قرار المحكمة الجنائية الدولية سيؤدي إلى تقويض الأوضاع في السودان، حيث قال الناطق باسم الخارجية الروسية إن هذا القرار "لن يسهم في التوصل إلى تسوية لقضية دارفور."
كما قال رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، ميخائيل مارغيلوف، مبعوث الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف، إلى السودان، إن إصدار مذكرة التوقيف تشكل "سابقة خطيرة في نظام العلاقات الدولية."
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.