تقلبات الدولار تلحق الضرر بالاقتصاد الخليجي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قال خبير اقتصادي سويسري، إن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية أدت إلى انهيار قيمة الدولار، ولا تبدو مؤشرات في الأفق على أن العملة الأمريكية ستستعيد عافيتها قريباً، مع إحتمال أن تواجه المصير نفسه الذي عرفه الجنيه الإسترليني قبل 60 عاماً، فتأخذ مكانه عملة أخرى.
وكشف الخبير الاقتصادي السويسري، سيرجيو روسّي، أستاذ الاقتصاد والسياسة النقدية بجامعة فريبورغ السويسرية، أن المبادلات التجارية لدول الخليج مع أوروبا أوسع وأهم من معاملاتها مع الولايات المتحدة، مضيفا:ً "ومادامت موارد صادراتها في أغلبها بالدولار، فإنها ستتضرر من تقلبات سعر صرف هذه العملة، لذلك فإن تنويع العملات التي يتم بها استخلاص هذه الموارد، حل لهذه المشكلة."
وأشار الخبير الاقتصادي ، إلى أن من بين الحلول الأخرى لدول الخليج إيجاد عملة موحدة لتلك المنطقة، ولكنه حذر من أن المسألة في نهاية الأمر سياسية، مذكراً بأنه عندما كشف صدّام حسين عن رغبته تسجيل سعر برميل النفط باليورو، إلى جانب الدولار، غزت الولايات المتحدة الأمريكية العراق، بحسب مقابلة أجرتها معه الإذاعة السويسرية.
ووفقاً لروسّي، فإن الدولار بلغ حالياً أدنى مستوياته، حيث تراجعت قيمته إلى 1.3 فرنك سويسري، و1.49 يورو، وهو ما اعتبره مؤشراً على بداية انحدار العملة الأمريكية.
وقال روسّي، إن هناك ثلاثة أسباب وراء تراجع الدولار وخسارته 10 في المائة من قيمته مؤخراً، فوزارة الخزانة الأمريكية أجرت تخفيضاً كبيراً في أسعار الفائدة ليصبح هدف الاحتياطي الفيدرالي الوصول بسعر الفائدة إلى ما بين 0-0.25 في المائة، ما يعني أن الودائع بالدولار لم تعد تدر أرباحا ذات قيمة.
أما السبب الثاني، فهو أن الزيادة المعلن عنها في الضرائب لمواجهة العجز الكبير في ميزانية القطاع العام تدفع أصحاب رؤوس الأموال الأمريكيين على نقل ودائعهم إلى الخارج؛ ثم أخيراً، خطر التضخّم الذي يخيّم على البلاد، والذي ينال من جاذبية الدولار على الساحة العالمية.
وأوضح سيرجيو روسّي أن الحكومة الأمريكية، وبهدف تخفيف وطأة الأزمة، ضخّت مليارات الدولارات في حسابات المصارف، لكن عندما تنقشع حالة الانكماش الاقتصادي، سوف تتحوّل هذه الأموال إلى سيولة في الأسواق، وسينشأ عنها تضخّم، الأمر الذي أدى لتعالى أصوات من داخل إدارة الخزانة (الأمريكية)، تطالب برفع أسعار الفائدة لقطع الطريق على ظاهرة التضخّم.
ويرى الخبير السويسري أن تراجع جاذبية الدولار قد يدفع المصارف المركزية إلى التخلّص من الدولار لصالح عملات أخرى، مشيراً إلى أن هذه المصرف ترغب بذلك، غير أنه لن تسمح لنفسها باتخاذ هذا الإجراء، موضحاً أن القيام بمثل هذه الخطوة الآن يعني انهياراً أكبر في سعر صرف الدولار، وبالتالي تراجع قيمة مدخراتها.
وأشار روسّي إلى أن سندات الدين الأمريكية التي كانت مربحة سابقاً لم تعد كذلك الآن، مستدلاً بذلك بالعرض الذي قدمته الخزانة الأمريكية قبل شهر لبيع سندات دين على المدى الطويل، ولم تجد بعضها من يشتريها، وهو الأمر الذي يعد سابقة.
وعبر الخبير السويسري عن خشيته من أنه، وبعد مرور الأزمة، قد يتحوّل المستثمرون للمراهنة على عملات أخرى، أو على بلدان أخرى، مما يعني بوضوح هبوط أكبر لسعر صرف الدولار، وبالتالي فإن العملة الخضراء ستبدأ بفقدان هيمنتها، لتتسلم مهمة الهيمنة عملة أخرى.
وحول العملة المرشحة لتكون بديلاً للدولار، قال روسّي إن البنك المركزي الأوروبي لا يرغب في أن يصبح اليورو العملة الرئيسية الجديدة في العالم، وكذلك لا تريد الصين أن يحتل الين الياباني مكان الدولار.
وأوضح أن استخدام عملة وطنية، كعملة مرجعية على الساحة الدولية ليس حلاً مستداماً، فهو قد ينقلب في نهاية المطاف ضد مصلحة الدولة صاحبة تلك العملة، مشيراً إلى أن ذلك ما حدث مع الجنيه الإسترليني، الذي تمت الاستعاضة عنه رسميا بالدولار عام 1944.
ودعا روسّي إلى إنشاء عملة دولية لتحل محل الدولار، وقال "يجب أن تكون هناك الجرأة والشجاعة لإنشاء عملة دولية، يصدرها صندوق النقد الدولي، كما سبق أن أوصى بذلك ماينارد كاينز، في الأربعينات من القرن الماضي."
وأشار إلى أن فكرة "سلة العملات المتنوعة" كمرجع على الساحة المالية الدولية تلقى المزيد من القبول، غير أن الفترة الانتقالية لها ستستغرق من 10 إلى 15 سنة.