المليارات العشرة لا تكاد يكفي لحل مشاكل دبي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- منح قرار حكومة أبوظبي بتقديم 10 مليارات دولار لصالح صندوق دبي للدعم المالي، بعض الوقت لسداد ديون الإمارة المثقلة بالديون من أجل إعادة هيكلة مؤسسة دبي العالمية وشركاتها التابعة لها، غير أن المدينة التي شهدت ازدهاراً كبيراً مازالت تواجه اختباراً قاسياً.
وتشكل ديون "دبي العالمية" معظم ديون إمارة دبي، ورغم المليارات العشرة التي قدمتها أبوظبي إلى دبي الاثنين، فإن على مجموعة دبي العالمية أن تعيد هيكلة ديونها.
إن الخطوة التي قامت بها أبوظبي تدرأ بشكل مؤقت الأمر المطلوب من المجموعة المتعثرة مالياً، غير أنها لن تبعد شبح القلق الذي يساور المصارف والمؤسسات المقرضة بشأن باقي الشركات التي تملكها حكومة دبي، وبالتالي فإن عليها إعادة جدولة وهيكلة ديونها الخاصة.
وفي الأثناء، فإن الاستحقاقات المالية الأخرى تلوح في الأفق، لتلقي بظلالها القاتمة على اقتصاد الإمارة، ووضعها المالي.
محي الدين قرنفل، مدير مؤسسة "الجبرا كابيتال"، المملوكة لشركة فرانكلين تمبلتون التي تتخذ من دبي مقراً لها، قال: "لقد تجنبنا مصيراً مأساوياً وفوضى وإرباكاً."
ويقدر مصرف مورغان ستانلي حجم الدين العام لدبي وأعبائه بحدود 108.2 مليار دولار، أي ما نسبته 104 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، منها ما يصل إلى 46.7 مليار دولار يجب إعادة هيكلتها، وفقاً لما قاله المصرف الأسبوع الماضي.
وحسب مصرف "دويتشه بنك"، فإنه ينبغي على حكومة دبي والشركات المملوكة لها أن تسدد ما يعادل 12.5 مليار دولار سنوياً على مدى الأعوام الثلاثة القادمة.
وأكبر حصة من مبلغ السداد هذه ستكون لبورصة دبي، والبالغة نحو 2.5 مليار دولار.
وكانت حكومة دبي قد رفضت ضمان ديون "دبي العالمية"، غير أن المصارف مازالت متشككة حيال مستوى الدعم للشركات الحكومية الأخرى، والتي تشمل "دبي القابضة"، التي تعد وسيلة الاستثمار الخاصة لحاكم الإمارة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكذلك "مؤسسة دبي للاستثمار"، التي تملك حصصاً في شركات مثل "بورصة دبي" و"طيران الإمارات" والمصارف المحلية.
وقال سعود مسعود، مدير قسم الأبحاث والدراسات الإقليمي في مصرف "يو بي أس": "على الأرجح، أصبح لديهم الآن بعض الوقت لالتقاط الأنفاس، والقيام بإعادة الهيكلة بطريقة سليمة، غير أن دبي مازالت ملزمة بالكثير من حيث سداد الديون والأعباء المترتبة عليها."
ومع الإعلان الأخير بتقديم أبوظبي 10 مليارات دولار لدبي، يرتفع إجمالي المساعدات المالية المقدمة من العاصمة والبنوك والبنك المركزي الإماراتي إلى 25 مليار دولار، هو ما يدفع المحللين إلى عدم التأكد من مسألة "متى سيتوقف هذا الأمر."
وحسب تقرير نشرته الصحيفة البريطانية الإقتصادية، "الفاينانشال تايمز"، فقد منع قرار أبوظبي الاثنين تقصير شركة "نخيل" العقارية عن سداد استحقاق الصكوك، ومنح المستثمرين بعض الثقة، مما أدى إلى موجة صعود في أسواق رأس المال والبورصات في جميع أنحاء المنطقة.
غير أن المستثمرين مازالوا ينظرون بتشاؤم حيال قدرة الإمارة على الوفاء التام بالالتزامات المالية للشركات المملوكة للإمارة.
ويقول قرنفل، إن الشركات بدأت بتقييم إعادة الهيكلة في بعض شركات دبي، مضيفاً أنه "كلما قاموا بهيكلة المزيد من الشركات.. وكلما أسرعوا في فعل ذلك، كلما ساهم ذلك أفضل من حيث الثقة بالسوق."
كما أن حالة من الغموض حول مدى الدعم الذي يمكن تقدمه أبوظبي لدبي وشروط ذلك، وطريقة التعامل المختلفة مع حملة الأسهم والسندات، ومالكي الصكوك لشركة "نخيل" أضفت المزيد من الضبابية على الصورة العامة.
ويقول بعض المطلعين على إن دعم أبوظبي غير عادي، وهو يكفي لمنح دبي فرصة لالتقاط الأنفاس، لكنه لا يعني بالضرورة "تفويضاَ مطلقاً" أو "شيكاً على بياض" لإنقاذ شركة دبي.
ويرى مصرفيون أن الشكوك بشأن ديون الإمارة وعدم الرضا على طريقة معالجة دبي للمسألة، أبقت المستثمرين الدوليين قلقين حتى حيال الديون التي تحظى بدعم صريح من الإمارة.
وأوضح قرنفل أن المستثمرين الدوليين يريدون مزيداً من الأمان والشفافية قبل أن يستعيدوا الثقة بالكامل.
كذلك سيثير هذا الأمر شكوكاَ حول جدوى نموذج دبي الاقتصادي في عدم فرض ضرائب وتمويل مشاريع البنى التحتيى من خلال الديون.
فقد قال المدير الإقليمي لأحد المصارف الدولية الكبيرة: "لا أعتقد أن دبي تدرك عمق متاعبها.. وهي لم تنته بعد.. فالمليارات العشرة لا تكاد تكفي لحل مشاكلها."