عباس قرر تشكيل لجنة للتحقيق في تأجيل التصويت على تقرير غولدستون
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- شن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، هجوماً حاداً على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، متهماً إياها بأنها استغلت تأجيل تقرير "غولدستون" في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لـ"التنصل من المصالحة الوطنية"، ولمواصلة "ممارساتها الظلامية" في قطاع غزة.
وقال عباس، في خطاب وجهه من مقر رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية مساء الأحد، إن تأجيل التصويت على تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، بشأن الحرب على غزة، برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون، جاء بهدف "تجنب إفراغ التقرير من مضمونه."
وكشف رئيس السلطة الفلسطينية أن التقرير قوبل بمعارضة شديدة من جانب بعض الدول الكبرى، قبيل طرحه للتصويت في مجلس حقوق الإنسان، حيث قال في هذا الصدد: "رفضنا ضغوطاً أرادت سحب تقرير غولدستون"، وأن قرار تأجيل التصويت عليه جاء بتوافق مختلف المجموعات في مجلس حقوق الإنسان.
وأثار طلب السلطة الفلسطينية تأجيل التصويت على التقرير، الذي يوثق ما يمكن أن يمثل "جرائم حرب" ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة مطلع العام الجاري، موجة غضب عارمة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، التي اتهمت عباس بـ"التواطؤ في غسل أيدي إسرائيل من دماء شهداء غزة."
وفي محاولة لامتصاص حالة الغضب، التي امتدت إلى الشارع الفلسطيني، قرر عباس، في وقت سابق، تأجيل لجنة للتحقيق في ملابسات تأجيل التصويت على تقرير غولدستون، إلا أنه أقر في خطابه الأحد بأن التأجيل جاء بناءً على طلب من السلطة الفلسطينية بالتوافق مع أطراف أخرى.
وفي سعيه لتبرير الموقف الذي اتخذته السلطة الفلسطينية، قال عباس: "أردنا تجنب الوصول إلى دفن القرار في المحافل الدولية، أو أن يصبح مجرد رقم يُضاف إلى العديد من الأرقام الأخرى"، في إشارة إلى قرارات دولية سابقة أدانت الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وفيما أشار عباس إلى أن التقرير تم تأجيله إلى بداية الدورة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان، فقد ذكر أنه أصدر توجيهات إلى سفير السلطة الفلسطينية في جنيف، لطلب "عقد اجتماع استثنائي لبحث التقرير والتصويت عليه"، مشيراً إلى أن جهوداً أخرى تجري بالتوازي في الأمم المتحدة بنيويورك.
كما أكد رئيس السلطة الفلسطينية التزامه بما ستتوصل إليه لجنة التحقيق التي تبحث في الأمر، وقال: "لدينا الشجاعة لتحمل المسؤولية إذا تبين أننا أخطأنا"، مضيفاً قوله: "ندرك مسؤولياتنا، ولا نسعى لمكاسب فئوية ضيقة."
وفيما ذكر عباس أنه يتفهم وجهات النظر التي عبرت عنها مختلف فصائل منظمة التحرير وهيئات المجتمع المدني، على خلفية تأجيل التقرير، فقد شدد على قوله: "لم أكترث للمهاترات التي انحدرت إلى مستوى غير مسبوق من قبل حماس وبعض القوى ونرفض الانزلاق إلى هذا المستنقع المسمم."
إلا أن عباس أكد، في خضم انتقاداته شديدة اللهجة لحركة المقاومة الإسلامية، استعداد حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، التي يتزعمها، للحوار مع حماس "رغم الممارسات الظلامية في غزة"، قائلاً: "نؤمن بحل الأزمة مع حماس عبر العودة إلى صناديق الاقتراع."
مشعل: تقرير غولدستون "قشة قصمت ظهر البعير"
وقد جاء رد حركة حماس سريعاً على لسان رئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل، الذي وجه خطاباً من العاصمة السورية دمشق، اتهم فيه "فريق السلطة" بالكذب، داعياً إلى محاسبتهم على أخطائهم بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وقال مشعل، في ختام أعمال ملتقى الجولان الدولي، إن "فريق سلطة رام الله يُمعن في الكذب، وأنه لم يعد غير أمين على مصالح الشعب الفلسطيني"، مطالباً بـ"محاسبة المسؤولين عن فضيحة تأجيل تقرير غولدستون."
وأشار مشعل إلى أن تقرير غولدستون يُعد "أول تقرير دولي يدين الكيان الصهيوني بعد عدوانه على قطاع غزة، إلا أنه ظهر فريق فلسطيني يوفر الحماية للاحتلال وينقذه من إدانة المجتمع الدولي."
كما شن رئيس المكتب السياسي لحماس هجوماً على الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وقال: "إنه يعطينا كلاماً، ويعطى عدونا أفعالاً"، مؤكداً أنه "بارك العدوان على غزة قبل تسلمه الرئاسة."
وشدد مشعل على أن "حركة فتح تستحق قيادة أفضل من تلك التي تأتمر بإمرة الجنرال الأمريكي كيث دايتون، وتعمل على كبح المقاومة، وتحرِض الاحتلال الصهيوني على أبناء الشعب الفلسطيني، بعد التصريحات التي أدلى بها أفيغدور ليبرمان (وزير الخارجية الإسرائيلي)، حول مطالبة السلطة للاحتلال الصهيوني باجتياح غزة، وإسقاط حماس، والتي لم يقم أي أحد في سلطة رام الله بنفيها."
وحول المصالحة الفلسطيني، أكد مشعل أنه "لا مصالحة على حساب الثوابت الفلسطينية"، مؤكداً تمسك حماس بطريق المقاومة، وأنها لن تفرط في حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته، ولن تفرط في القدس، ولن تقبل حجر استيطان واحداً على الأراضي الفلسطينية."
ومن قطاع غزة، أكد المتحدث باسم "حماس"، سامي أبو زهري، أن "خطاب رئيس سلطة رام الله المنتهية ولايته محمود عباس، متناقض، ويتضمن معلومات غير صحيحة، ومليء بالمهاترات، ومحاولة للتهرب من فضيحة تأجيل تقرير غولدستون."
وقال أبو زهري في تصريحات لفضائية "الجزيرة" القطرية: "إن خطاب عباس يمثل تهرب من المسؤولية عن الخطيئة التي ارتبكتها سلطة رام الله في جنيف، ويتضمن معلومات غير صحيحة، حيث أنه يتحدث عن عدم توفر النصاب، مع العلم بأن هناك 33 دولة من بين 47 دولة كانت ستصوت مع التقرير."
وأضاف قائلاً إن "الخطاب لا يخدم أجواء المصالحة، وكنا نتوقع أن يحمل اعترافًا بالخطأ وتصحيحه، كما أن الحديث عن تشكيل لجنة تحقيق فيما حدث أمر غريب ومتناقض، فإذا كان عباس يرى أنه لا يوجد خطأ في القرار، فلماذا يشكل لجنة تحقيق؟."