أحيت حماس ''حفلا يفوق التصور'' بمناسبة انطلاقتها
غزة، قطاع غزة (CNN) -- بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لانطلاق حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وفي ظل تراجع في شعبيتها بعد سنوات من الحكم تحت الحصار والمعارك مع حركة فتح وبعض العائلات الفلسطينية المسلحة وجماعات إسلامية متشددة، أحيت الحركة الأثنين حفلاً وصفه رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، وعضو حركة حماس، إسماعيل هنية، بأنه "ما كان لعقل بشري أن يتصوره."
وتطرق هنية في كلمته في المهرجان، الذي أقيم في غزة تحت شعار "انتصار الفرقان"، إلى المحطات البارزة في مسيرة حركة حماس، مشيراً إلى أنها كانت موجودة منذ عقود من الزمن، غير أن انطلاقتها الفعلية تمت عام 1987.
وشدد على أن حماس ساهمت في إخراج انتخابات حرة وشفافة، وانتصرت فيها، "وشكلت الحكومة وقدمت نموذجا رائعا في الحكم، كما قدمت في المقاومة والسياسة حكما يقوم على التمسك بالثوابت والشفافية."
ثم تطرق هنية إلى ما سماه الخطط التآمرية على الحركة منذ فوزها بانتخابات العام 2006، مؤكدًا أن الأولى كانت خطة الترويض والاحتواء، وتلتها "خطة تجفيف المنابع"؛ وأخيراً محاولة الاستئصال عبر الحرب التي شنها الاحتلال أواخر عام 2008، واستمرت 22 يوما، مشددا على أن هذه الحرب لم تكن نزيهة.
وحول ملف المصالحة، أوضح أن الحركة تقدمت "برؤى واضحة من أجل تحقيق المصالحة، وقدمنا مرونة عالية وتنازلات في الكثير من الملفات من أجل استعادة الوحدة"، غير أن "اليد الممدودة قوبلت بالكثير من التشدد والتمسك بالمواقف اللامبالية، ولا يزال البعض يخضع للفيتو الأمريكي ولا يريد الذهاب إلى مصالحة حقيقية."
وشدد على أن رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، عزيز دويك، "سيظل رئيسا شرعيا للمجلس حتى إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل توافق ومصالحة وطنية.. لا نعترف بغير ذلك."
هنية: استراتيجية إنقاذ وطني
وفي كلمته بهذه المناسبة، حدد هنية ما اعتبر 6 ملامح إستراتيجية لبرنامج إنقاذ وطنيٍ؛ وذلك "لإخراج الحالة الفلسطينية من انسداد الأفق الداخلي والخارجي"، مشدداً على أن تشكيل حكومة وحدة هو أفضل الخيارات في هذه المرحلة، وفقاً لما نقله المركز الفلسطيني للإعلام.
وأوضح هنية هذه الملامح الإستراتيجية بأنها تتمثل في "استعادة الوحدة وإنهاء الحالة الراهنة التي يعيشها شعبنا لحَرْف حركة التحرُّر الوطني عن مسارها الطبيعي؛ وذلك عبر تشكيل حكومة وطنية موحدة على قاعدة التوافق الوطني."
أما الملمح الثاني فهو بناء المرجعية القيادية للشعب الفلسطيني المتمثلة في "منظمة التحرير"، وتأمين مشاركة الجميع على أسس سياسية.
كما لخص الثالث بأنه يدعو للتوافق على برنامج وطني "يستند إلى العمل على إنهاء الاحتلال وإزالة المغتصبات، وإقامة الدولة في حدود الأراضي المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس، والتمسُك بحق العودة، والإفراج عن الأسرى؛ وذلك استنادا إلى وثيقة الأسرى واتفاق مكة واتفاق القاهرة."
وأشار إلى أن الملمح الرابع هو تأكيد التمسك بالمقاومة الراشدة على أساس حق الشعب في مقاومة الاحتلال، فيما طالب في الملمح الخامس بترتيب أجهزة السلطة ودوائرها، وحثَّ في الملمح الأخير على استعادة البعدين العربي والإسلامي.
فتح: خطاب مخيب للآمال
من جانبه، قال المتحدث باسم حركة فتح، أحمد عساف، إن "خطاب الانقلابي إسماعيل هنية الذي ألقاه بمناسبة انطلاقة حماس، أمس، ( الأثنين) جاء مخيبا للآمال وعكس توقعات أبناء شعبنا الذين أرادوا سماع موقفا واحدا من حماس يقضي بإنهاء الانقلاب والعودة إلى حضن الشعب من خلال التوقيع على ورقة المصالحة المصرية"، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا."
وسخر عساف حكم حماس الذي تحدث عنه هنية في كلمته، وقال أي نموذج للحكم "في ظل وجود غزة تحت الحصار، وما يزيد على 80 في المائة من سكان غزة تحت خط الفقر والمرض والمعاناة وتجارة الأنفاق والسوق السوداء وقمع الحريات العامة وسياسة عدم الممانعة للراغبين بالسفر والفساد المالي والمحسوبيات والواسطات، 'وإللي من حماس يرث وإلي مش حماس يصبر.'"
تراجع شعبية حماس
من جانب آخر، أظهر استطلاع حديث للرأي مؤشرات عن تراجع قوة الحركة وشعبيتها.
فقد كشف استطلاع للرأي أجري في الأراضي الفلسطينية برعاية مؤسسة كونراد أديناور الألمانية، أنه لو نظمت انتخابات في الوقت الراهن فإن حماس لن تفوز بها، بحسب موقع "دويتشه فيله" الألماني.
ونقل الموقع عن خبيرين في مؤسستين ألمانيتين يتابعان الشأن الفلسطيني، أن خطاب هنية لم يحمل جديدا لكنه تضمن إشارات دالة على إستراتيجية الحركة بصدد ملفي المفاوضات السلمية مع إسرائيل، والحوار الفلسطيني الداخلي.
وأوضح أن مفاد هذه الإشارات هو أن حماس "لن تكون في القريب طرفاً فاعلاً في أي تسوية سياسية مع إسرائيل"، كما يقول الخبير فيليكس دانه، ممثل مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في الأراضي الفلسطينية.
كما ان "وضع الحركة وتراجع شعبيتها تجعلها تتصلب في ملف الحوار مع حركة فتح، ومسألة تنظيم انتخابات جديدة في الأراضي الفلسطينية"، حسب ما يرى سليمان أبو دية، مدير دائرة فلسطين في فرع مؤسسة فريدريتش ناومان الألمانية في القدس.
ويتفق الخبيران أبو ديه وفيليكس دامه على وجود مؤشرات تفيد بتراجع قوة الحركة في الآونة الأخيرة، وفقاً لاستطلاع المؤسسة الألمانية.
فقد أظهر الاستطلاع أن 57 في المائة من الفلسطينيين يرفضون أن يرشح رئيس السلطة محمود عباس نفسه لفترة رئاسية جديدة، على أنه في حال تنظيم انتخابات رئاسية الآن في الأراضي الفلسطينية فإنه (عباس) سيحصل على 54 في المائة من الأصوات، بينما لن تتجاوز نسبة الذين سيصوتون لإسماعيل هنية 38 في المائة.
وحسب الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث المسحية، ونشرت نتائجه في رام الله الاثنين، فإنه في حال تنظيم انتخابات تشريعية، فإن 43 في المائة من الفلسطينيين سيصوتون لحركة فتح، بينما قال 27 في المائة فقط إنهم سيصوتون لحركة حماس.
ويفسر فيليكس دانه نتائج هذا الاستطلاع بقوله: "إن حركة حماس أخفقت في تحقيق تطلعات الفلسطينيين عندما انتخبوها قبل أربعة أعوام بأنها ستحقق لهم الأمن وتقضي على الفساد وتقدم تجربة حكم رشيد."
من جهته، اعتبر أبوديه أن رفض حركة حماس لإجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية في الظرف الراهن مرده إلى إدراكها بأنها لن تفوز بالانتخابات، سواء في الضفة الغربية أو في غزة.
كما يعتبر أبو دبة، أن هنالك عاملين أساسيين قد ساهما في إضعاف حركة حماس: الهجوم الإسرائيلي على غزة نهاية العام الماضي، وعملية الانقلاب التي نفذتها حركة حماس ضد السلطة الفلسطينية في يونيو/ حزيران 2007.