عمرو موسى متحدثاً من دمشق
دمشق، سوريا (CNN)-- أعرب خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" عن رفضه التهدئة مع إسرائيل إلا مقابل رفع الحصار وفتح جميع المعابر، معتبراً أنه "لا يجوز خلط موضوع التهدئة بملف الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط" الذي قال إن الإفراج عنه مرهون بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في صفقة تبادل.
وأشار مشعل، خلال لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الثلاثاء، إلى أن إسرائيل تتحمل مسؤولية تعطيل الجهود المبذولة للتوصل إلى تهدئة من خلال "إضافة شروط جديدة في آخر لحظة،" داعيا كل الأطراف الدولية إلى "إدانة الموقف الإسرائيلي والضغط على إسرائيل لتستجيب للجهود المبذولة بهذا الاتجاه."
وقال مشعل إن إسرائيل "تُخضع موضوع التهدئة للمزايدات الداخلية، سواء ما قبل الانتخابات الإسرائيلية، أو في مرحلة التنافس على تشكيل الحكومة بين كاديما والليكود،" رافضاً هذا التوجه بشكل مطلق.
وأكد مشعل حرصه على المصالحة الفلسطينية واستعداده لكل استحقاقاتها وبحث كل ملفاتها، ابتداء من حكومة الوفاق الوطني والاتفاق على الانتخابات الرئاسية والتشريعية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وبناء الأجهزة الأمنية.
ودعا إلى "توفير المناخ الايجابي لهذه المصالحة عبر الإفراج عن كل المعتقلين في الضفة الغربية في سجون السلطة الفلسطينية،" على ما أوردته وكالة الأنباء السورية.
ورأى مشعل أن التقارب العربي الأخير قد يسهل الحوار الفلسطيني، في إشارة إلى الهدف الأساسي لزيارة موسى إلى دمشق، وهو متابعة موضوع المصالحة بين الدول العربية، وخاصة سوريا والسعودية
وكان موسى قد التقى في هذا الإطار بالرئيس السوري، بشار الأسد، وخرج بعد ذلك ليقول إن "الموقف في العالم العربي خطير جداً،" وأن المصلحة العربية "في موقف دفاعي"، داعياً إلى العمل لحل هذه الخلافات ووقف التراجع، في خطوة تأتي إثر الزيارات المتبادلة التي جرت مؤخراً لمسؤولين سعوديين وسوريين.
وفي حين قال بيان الجامعة العربية إن البحث خلال لقاء موسى والأسد تطرق إلى "تنقية الأجواء العربية والمصالحة العربية والفلسطينية" والعقبات التي تعترض ذلك، اكتفت وكالة الأنباء السورية بالإشارة إلى أن البحث تناول "الوضع العربي الراهن"، مركزة على ما تخلله من مباحثات تتعلق بالملف الفلسطيني.
وقالت الوكالة، إن الأسد: "استعرض" مع موسى "دور جامعة الدول العربية في تعزيز العمل العربي المشترك، كما جرى بحث الأوضاع الخطيرة والمأساوية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، جراء استمرار الحصار الجائر المفروض عليه، ووجوب رفع الحصار فورا، وفتح جميع المعابر."
وأضافت الوكالة أن الأسد: "أكد أن توحيد كلمة الفلسطينيين من خلال المصالحة الفلسطينية هي الأساس في تحقيق أي تقدم لصالح الشعب الفلسطيني،" معتبرا أن المستفيد الوحيد من الانقسام هو إسرائيل، ومشددا في هذا الإطار على أن سوريا "لن تدخر جهدا للم الشمل الفلسطيني."
وكان موسى قد وصل دمشق الاثنين في إطار جولة تسعى لحل الخلافات العربية التي تفجرت خلال معارك غزة الأخيرة، وذلك قبل انعقاد القمة العربية في قطر نهاية شهر مارس/ آذار المقبل.
وقد تحدث موسى عقب وصوله إلى دمشق للصحفيين، مبدياً تفاؤله بعودة اللحمة إلى الموقف العربي.
وتأتي زيارة موسى عقب اختراق تحقق مؤخراً على خط الخلاف المستحكم منذ 2006 بين الرياض ودمشق، بعد المصالحة التي تمت بالكويت الشهر المنصرم بين الأسد والعاهل السعودي، ومبارك والرئيس القطري.
كما تمثلت الجهود الرامية لرأب الصدع في العلاقة بين دمشق والرياض، في الزيارة التي قام بها الأمير مقرن بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات السعودية، لسوريا الأحد، ناقلا رسالة من العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الأسد.
ووفقاً لوكالة الأنباء السورية، فإن رسالة العاهل السعودي أشارت إلى "أهمية التنسيق والتشاور بين الجانبين لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين والشعوب العربية."
وأضافت أن الرئيس السوري "حمّل الأمير مقرن رسالة إلى الملك عبدالله تتعلق بمستجدات الأوضاع في المنطقة، لا سيما بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأهمية تحقيق التضامن العربي لمواجهة التحديات التي تتعرض لها الأمة العربية، وبخاصة على الساحة الفلسطينية،" بحسب الوكالة السورية.
وسبق وصول الأمير السعودي إلى دمشق تسرب أنباء عن وسائل إعلام مقربة من الرياض، تشير إلى زيارة وفد أمني سوري رفيع المستوى إلى الرياض، دون أن تتضح طبيعة الزيارة وأهدافها.
ويشار إلى أن السعودية كانت ترتبط بعلاقات جيدة مع سوريا في حقبة الرئيس الراحل حافظ الأسد، غير أن الأمور بدأت بالتبدل مع وصول نجله بشار للسلطة، خاصة بعد أن أخذ الأخير مواقف متشددة حيال قوى تدعمها الرياض في لبنان، خلال الفترة التي كانت قواته في ذلك البلد، إلى جانب تشديد علاقاته مع طهران.
وتصاعد الخلاف بين الطرفين بعد الرابع عشر من فبراير/ شباط 2005، عندما تعرض حليف أساسي للرياض في لبنان، رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، للاغتيال في بيروت، في عملية وجهت خلالها بعض القوى اللبنانية أصابع الاتهام فيها لدمشق، التي نفت ذلك بشدة.
وظلت الأمور على توترها بين الطرفين، إلى أن بلغ الخلاف ذروته خلال معارك يوليو/ تموز بين حزب الله وإسرائيل، حيث وجهّت الرياض لوماً شديداً للحزب لتسببه بالمواجهات، مما دفع الأسد بعد انتهاء المعارك إلى إلقاء خطاب وصف فيه الذين عارضوا ما جرى بأنهم "أشباه رجال"، الأمر الذي مثل ذروة النزاع بين الطرفين.
وبحسب خبراء فأن الرياض ترغب في أن ترى تبدلاً بالموقف السوري حيال التحالف الاستراتيجي مع إيران، والوضع في لبنان والعراق والساحة الفلسطينية.