الجنود الإسرائيليون اعترفوا بقتل ''أبرياء'' في غزة
القدس (CNN)-- يعتزم الجيش الإسرائيلي فتح تحقيق مع عدد من الجنود الذين شاركوا في عملية "الرصاص المصبوب" على قطاع غزة، التي خلفت أكثر من 1300 قتيل، بعدما أدلى هؤلاء الجنود بشهاداتهم، تحدثوا فيها عن قتل مدنيين فلسطينيين، وتدمير منشآت فلسطينية عمداً، خلال الهجوم الذي استمر 22 يوماً.
جاءت هذه الشهادات، والتي قد تقود إلى ملاحقة قادة عسكريين بالجيش الإسرائيلي قضائياً، بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" ضد المدنيين في غزة، على لسان جنود تخرجوا حديثاً من أحد المعاهد العسكرية، لتتناقض مع مزاعم سابقة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، بأن قواتها كانت حريصة على تفادي قتل المدنيين.
وقد أثارت اعترافات هؤلاء الجنود "صدمة" لدى بعض الإسرائيليين، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها الخميس، التي تعد أول صحيفة تكشف عن تلك الاعترافات، التي تناولتها نشرة صحفية تصدر عن المعهد العسكري، الذي يحمل اسم رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، كما أحدثت ما يمكن وصفه بـ"زلزال" داخل الجيش الإسرائيلي.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن المعهد استضاف جلسة استماع في 13 فبراير/ شباط الماضي، حضره عشرات من الخريجين، الذين شاركوا في عملية "الرصاص المصبوب"، حيث أظهرت شهاداتهم أنه كان هناك "تعليمات سخية"، بفتح النار من قبل قادتهم، مما أدى إلى "قتل متعمد" لمدنيين فلسطينيين.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن رئيس المعهد، داني زامير، أنه لم يكن يعرف مسبقاً بشأن روايات هؤلاء الجنود، قائلاً إنها "أصابتنا بالصدمة"، مشيراً إلى أنه قام بإبلاغ رئيس أركان الجيش، الجنرال غابي أشكينازي، بما جاء في إفادات هؤلاء الجنود، محذراً مما أسماه "فشل خطير في القيم الأخلاقية داخل الجيش."
وفي اتصال أجرته CNN مع رئيس المعهد، قال زامير إنه لن يتحدث إلى وسائل الإعلام الأجنبية بشأن الموضوع، في الوقت الذي نقلت عنه "هآرتس" قوله إن لديه انطباع بأن "الجيش يعتزم معالجة الأمور بجدية"، قائلاً: "إنهم لا يعتزمون التهرب من ذلك."
وقد رد الناطق العسكري باسم الجيش الإسرائيلي على شهادات هؤلاء الجنود، التي أوردتها أيضاً الإذاعة الإسرائيلية، بقوله: "ليس لدى الجيش أية تقارير داعمة أو مسبقة لتلك الأحداث"، ولكنه أضاف أن الجيش سيقوم بـ"فحص مصداقية ما جاء على لسان الجنود، وسيبدأ تحقيقاً عند الضرورة."
كما أدلى وزير الدفاع إيهود باراك، بتصريحات لراديو الجيش الإسرائيلي، قال فيها إن "إسرائيل لديها أكثر الجيوش أخلاقية في العالم"، مشيراً إلى أن ما جاء في شهادات هؤلاء الجنود سيتم التحقق منه بكل دقة.
ومن بين الشهادات التي تناولتها الصحيفة الخميس، وتعتزم استكمالها في أعداد لاحقة، أن قناصاً إسرائيلياً قتل أم فلسطينية وطفليها، بعدما ضلوا طريقهم، ومقتل عجوز فلسطينية كانت تسير بالقرب من منزلها، بالإضافة إلى وقائع أخرى، وصفها الجنود الإسرائيليون بأنها "كانت عمليات قتل بدم بارد."
وقال أحد الجنود: "كان هناك بيت فيه عائلة، احتجزناهم في غرفة ما، وبعد بضعة أيام صدر أمر بإطلاق سراح العائلات، وبعد إطلاق سراح العائلة، قال لهم قائد الوحدة اتجهوا يميناً، أم واحدة وطفليها لم يفهموا واتجهوا يساراً، ولم يتم إبلاغ قناص كان على السطح، بأن كل شيء على ما يرام، وإذ بالجندي يطلق النار بعد أن رأى امرأة وطفلين يقتربان إليه، بعد الخطوط التي قالوا له إنه لا يجب لأحد أن يقترب منها، وتم قتلهم جميعاً."
وقال قائد تلك الوحدة، الذي جاءت تلك الرواية على لسانه، إن الأم وطفليها "تقدموا وفجأة رآهم القناص، أناس يتجولون في منطقة محظور عليهم التجول فيها، ولا أظن أنه شعر بأي سوء أكثر مما ينبغي، ولكنه بالإجمال قام بقتلهم بحسب الأوامر الصادرة له."
وتابع قائلاً: "لا أدري كيف أصف هذا.. حياة الفلسطينيين أقل أهمية بكثير جداً من حياة جنودنا، إذن من ناحيتهم فإنهم يبررون ذلك هكذا"، حسبما ذكرت الصحيفة الإسرائيلية.
كما نقلت "هآرتس" عن قائد آخر قوله إن "أحد الضباط قائد سرية مسؤول عن 100 جندي، رأى امرأة تمر على أحد الطرق، لا أدري إذا كانت مشبوهة، أو غير مشبوهة، ما فعله في النهاية أن أصدر أوامره إلى القناصة على السطح بقتلها، وشعرت من هذا الوصف: ببساطة قتل بدم بارد."
ورداً على سؤال لرئيس المعهد، عن أسباب قتل تلك المرأة العجوز، أجاب الجندي قائلاً: "هذا ما هو جميل في غزة، أنت ترى شخصاً يمر على أحد الطرقات، لا يجب أن يكون معه سلاح، ولكنك يمكنك بكل بساطة أن تطلق النار عليه."