المحكمة لم تجد أدلة كافية لإدانة البشير بتهمة ''ارتكاب جريمة إبادة جماعية''
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تباينت ردود الأفعال الدولية والإقليمية بشأن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير الأربعاء، وإن كانت في غالبيتها قد تضمنت تحذيرات من عواقب تلك المذكرة، التي تُعد الأولى من نوعها بحق رئيس في السلطة.
ففي تعقيبه على قرار المحكمة الدولية، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أنه يعترف بـ"سلطة المحكمة كمؤسسة قضائية مستقلة"، معرباً في الوقت نفسه، عن ثقته في أن الحكومة السودانية ستتعامل مع قضايا السلام والعدل، بأسلوب يتفق مع ما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 لعام 2005.
وجاء في بيان صدر عن المنظمة الدولية الأربعاء، أن الأمين العام شدد على أن الأمم المتحدة ستواصل القيام بعملها الأساسي في حفظ السلام والعمل الإنساني، وعملها في مجالات حقوق الإنسان والتنمية وباقي نشاطاتها في البلاد، وفقاً لما نقل الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
ودعا كي مون حكومة السودان إلى مواصلة التعاون الكامل مع جميع أجهزة الأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين، وفي الوقت ذاته أن تنفذ جميع التزاماتها لضمان أمن وسلامة السكان المدنيين وموظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها، وكذلك موظفي شركاء المنظمة التنفيذيين وممتلكاتهم.
وعلى الصعيد العربي، شهد مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الأربعاء، مؤتمراً صحفياً لوزير الخارجية السوداني، علي أحمد كرتي، الذي أكد رفض الخرطوم لهذه المذكرة، مشدداً على أن الرئيس البشير سيمارس مهامه كرئيس للجمهورية السودانية كالمعتاد.
كما أكد كرتي أن الرئيس السوداني سيشارك في القمة العربية التي ستُعقد أواخر الشهر الجاري بالعاصمة القطرية الدوحة، رغم تحذير المدعي العام للمحكمة الدولية، لويس أوكامبو، من أنه سيتم اعتقال البشير أثناء سفره إلى أي دولة عن طريق الجو.
وكان وزراء الخارجية العرب قد حذروا خلال اجتماعم ضمن أعمال الدورة الـ131 لمجلس وزراء خارجية الدول العربية الأربعاء، من "الآثار الخطيرة" على السودان والمنطقة، إذا ما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق البشير.
ووصف بيان صدر بختام الاجتماع، القرار بأنه "محاولة تسييس مبادئ العدالة الدولية"، كما حذر من "التداعيات الخطيرة" التي تهدد عملية السلام الجارية في السودان، جراء أي قرار تصدره الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني.
كما أعربت مصر عن شعورها بـ"انزعاج شديد" بسبب قرار المحكمة توقيف الرئيس السوداني عمر البشير، وحذرت من التداعيات السلبية المحتملة لهذا القرار على مستقبل تنفيذ اتفاق السلام الشامل، وجهود تفعيل العملية السياسية في دارفور وعلى استقرار الأوضاع في السودان.
ودعا وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه حفظ السلم والاستقرار في السودان، كما دعا إلى اجتماع عاجل لإجراء "نقاش بناء يستهدف التعامل الشامل مع التحديات القائمة في السودان، واتخاذ قرار بطلب تفعيل المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة، لتأجيل تنفيذ قرار التوقيف."
وأضاف أبوالغيط، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن مصر سبق وأن حذرت، وبالتحديد عند صدور لائحة الإتهام من مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس البشير، من خطورة التعامل غير المسئول مع الأوضاع فى السودان.
كما جدد دعوة مصر إلى عقد مؤتمر دولى برعاية سكرتير عام الأمم المتحدة، للاتفاق على "رؤية شاملة ومتكاملة للتعامل مع التحديات المختلفة التى تواجه السودان، وعلى رأسها أزمة دارفور، ومستقبل تنفيذ إتفاق السلام الشامل، بهدف الحفاظ على استقرار السودان وسلامة شعبه ومساعدته على جنى استحقاقات السلام."
كما اعتبر الاتحاد الأفريقي القرار بأنه يشكل تهديداً للسلام في السودان، كما جدد الاتحاد، على لسان مبعوثه إلى الخرطوم، علي عبدالسلام التريكي، الوزير الليبي المكلف للشئون الأفريقية، تهديده بانسحاب 38 دولة أفريقية موقعة على "ميثاق روما"، من عضوية المحكمة الجنائية.
وفي وقت سابق، عبرت إريتريا عن رفضها لقرار المحكمة الجنائية، مؤكدة أن تحركات المحكمة لا تستهدف الرئيس السوداني والسودان فحسب، بل دول المنطقة بأكملها، وفقاً لما نقلته وزارة الإعلام الإريترية عن الرئيس أسياسي أفورقي.
وفي موسكو، عبرت الخارجية الروسية الأربعاء عن قلق روسيا من احتمال توتر الوضع في السودان نتيجة صدور قرار عن المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، وفقاً لما نقلت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، التي دعت السودانيين إلى "ضبط النفس"، فقد حذرت في الوقت نفسه من تعرض الأجانب أو المصالح الغربية لهجمات من قبل المتظاهرين الغاضبين بسبب قرار المحكمة الدولية.
من جانب آخر، قال الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، جون موريس ريبير، في تصريحات قبل قليل من صدور القرار، إنه لا يوجد مبرر لتفعيل المادة السادسة عشرة التي تسمح لمجلس الأمن الدولي بوقف عمل المحكمة الجنائية الدولية في قضية الرئيس السوداني لمدة عام قابل للتجديد.
وأضاف ريبير للصحفيين: "لم يكن هناك أي تعاون من جانب السلطات السودانية مع المحكمة الجنائية الدولية، وقد طلبنا مراراً من المسؤولين في الخرطوم التعاون مع المحكمة، والتصالح مع تشاد، ووقف عمليات القصف والقتل في دارفور، والتعاون مع عمليات نشر القوات المختلطة في الإقليم، والتحرك على مسار العملية السياسية، ولكن حتى الآن لم يتحقق نجاح كبير على تلك الأصعدة."
وقال ريبير، في تصريحات نقلتها إذاعة الأمم المتحدة، إن باريس تحاول إقناع عبد الواحد نور رئيس حركة تحرير السودان، المقيم في فرنسا، للانضمام إلى العملية السياسية، وخاصة بعد توقيع اتفاق بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة في قطر.