مخاوف من عودة الركود
واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- حذر اثنان من علماء الاقتصاد الحاصلين على جائزة نوبل من خطر عودة الركود إلى الاقتصاد العالمي، قائلين إن وقف خطط إنعاش الاقتصاد التي صرفت معظم أموالها حول العالم سيعيد النظم المالية إلى القاع مجدداً.
وقال بول كروغمان، لـCNN: "نحن نعيش ثالث أزمة مالية لها تداعيات عالمية بعد عامي 1873 و1929، وإذا استمرت الأمور كما هي على مستوى القرارات السياسية دون أن نشهد حصول انعطافة كاملة فسنكون قد وضعنا أسس التعرض لأزمة جديدة."
ورأى كروغمان أن هناك حاجة ماسة لإنفاق المزيد من الأموال الحكومية لإنعاش الاقتصادي، قائلاً إن استمرار الأمور على ما هي عليه سيؤدي إلى حالة من "الركود التضخمي" حيث تتراجع الأسعار ويزداد التضخم دون أن يقدم المستهلكون على شراء ما يحتاجونه من السلع والخدمات بانتظار حصول المزيد من التراجع في الأسعار.
ورأى كروغمان أنه كلما مر الوقت في ظل الوضع الراهن ازدادت مصاعب العلاج بسبب تكدس أعداد العاطلين عن العمل في كل عام من جهة، وعدم قدرة الذين تركوا وظائفهم لسنوات على المنافسة للعودة إلى أعمال من نفس المستوى من جهة أخرى.
وأضاف: "لقد قررنا تجاهل مشكلة البطالة والتركيز على معالجة العجز في الميزانية، وذلك في وقت لا يجب علينا اعتبار هذا الأمر على رأس سلم الأولويات."
من جهته، قال الحائز على نوبل للاقتصاد، جوزيف ستيغلتز لـCNN: "من المبكر جداً أن نقوم بوقف برامج الدعم الاقتصادي، أو حتى خطط دعم المصارف.. لم ننجح بعد في جعل الاقتصاد يقف على أسس صلبة، وإذا استمرت السياسات التي تهدد النظام المالي فإننا أمام خطر حقيقي للوقوع في هوة موجة ثانية من الركود."
وأعرب ستيغلتز عن قلقه حيال احتمال أن يكرر العالم الخطأ الذي ارتكبه الرئيس الأمريكي السابق، هيربرت هوفر، عندما أوقف الإنفاق الحكومي عام 1929، وتسبب في انتشار رقعة الركود إلى العالم كله قائلاً: "أفضل أن نطلق على السياسات السائدة في العالم حالياً تسمية السياسة الهوفرية."
ودعا ستيغلتز الحكومة الأمريكية إلى خفض الإنفاق على التسلح وتقديم المزيد من الأموال لخطط إنعاش الاقتصاد والحد من الضرائب، قائلاً إن النتائج البعيدة الأمد لخطوة من هذا النوع ستكون إيجابية على صعيد خفض الدين.
ولكن آراء ستيغلتز وكروغمان لم تلق موافقة جميع خبراء الاقتصاد، إذ قال نيل فيرغسون، أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفرد، إن على واشنطن العمل على خفض الدين العام لدفع سائر دول العالم النامية إلى القيام بخطوة مماثلة خشية وقوع حالات إفلاس دولية، على غرار ما جرى في اليونان.
وأضاف فرغسون، في حديث لـCNN: علينا خفض النفقات وزيادة الضرائب كما يحصل في أوروبا.. الأزمة المالية هي المرحلة الأصعب في الركود وإن لم تقم الولايات المتحدة بمواجهتها فسنكون خلال عامين أمام مأزق شبيه بما تعانيه أوروبا ومنطقة اليورو."
يشار إلى أن مجموعة من الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا وألمانيا، كانت قد أعلنت رغبتها في تقليص موازنتها والحد من الإنفاق، وباشرت دراسة مشاريع لرفع الضرائب، وذلك خشية الآثار الناجمة عن العجز في الموازنات وارتفاع الدين العام.