القاهرة، مصر (CNN)-- خلصت لجنة تقصي الحقائق بأحداث العنف التي شهدتها العاصمة المصرية القاهرة، مساء التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والمعروفة بـ"أحداث ماسبيرو"، والتي أسفرت عن سقوط نحو 28 قتيلاً وأكثر من ألف جريح، إلى أن المتهم الحقيقي في تلك الأحداث "ما زال مجهولاً."
وقالت اللجنة، المشكلة من المجلس القومي لحقوق الإنسان، في تقريرها، إن أفراد الشرطة العسكرية، الذين كانوا متواجدين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون، في منطقة "ماسبيرو" وسط القاهرة، لم يستخدموا الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين، سواء من الأقباط والمسلمين، بل أطلقوا رصاص "فشنك" في الهواء.
ولفت التقرير، الذي أعلنته رئيسة اللجنة، الدكتورة منى ذو الفقار، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، خلال مؤتمر صحفي الأربعاء، إلى أن بداية إطلاق النار كانت لـ"مدنيين مجهولين" و"مصادر لم يمكن تحديدها بدقة"، بحسب ما نقل موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي.
ونقل التقرير عن شهود عيان تأكيدهم أن بداية إطلاق النار كانت من خلال "مدنيين اندسوا بين المتظاهرين، واختلطوا بالمظاهرة بدراجات بخارية (موتوسيكلات) في الاتجاه المعاكس لمبنى ماسبيرو، وقاموا بإطلاق النار على المتظاهرين وقوات الشرطة العسكرية."
وذكر التقرير أن هذه الرواية يؤكدها أيضاً رؤية "قناص مسلح" على مطلع "كوبري أكتوبر"، المواجه للمبنى المجاور لفندق "رمسيس هيلتون"، وهو يطلق الرصاص على الشرطة والمتظاهرين، وكذا تعرض المظاهرة لإطلاق النار مرتين، أثناء مسيرتها من شبرا إلى ماسبيرو، عند "نفق شبرا"، وعند "كوبري 26 يوليو."
من جانبه، ذكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد فايق، أنه سيتم إرسال التقرير إلى الجهات المختصة، كما سيتم عرضه دولياً، استنادا إلى أن المجلس معتمد دولياً في المجلس الدولي لحقوق الإنسان، مؤكداً أنه هذا الإجراء لا يعني "تدويل القضية."
وأشار التقرير إلى وجود العديد من الشهادات، التي تفيد بقيام أحد المدنيين قام على بندقية آلية بها طلقات فشنك، وهروبه من موقع الأحداث، بخلاف مدني آخر، الأمر الذي يؤكد أن جميع طلقات الشرطة العسكرية "فشنك."
وأوضح التقرير أن بعض المتظاهرين رشقوا أفراد الشرطة العسكرية بـ"الحجارة والعصي"، كما ذكرت شهادات أخرى أن عدداً من المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة بيضاء، مثل "السيوف"، و"المطاوي"، و"السكاكين"، تم استخدامها ضد أفراد الشرطة العسكرية، وأشارت تلك الشهادات إلى أن المظاهرة كانت في بدايتها "سلمية."
وذكر التقرير أن المركبات المدرعة الثلاث، بدأت في التحرك بعد دقائق قليلة من "بداية استخدام الشرطة العسكرية للعنف لتفريق المتظاهرين، بشكل متلاحق وسريع"، في شارع كورنيش النيل.
وقال: "بدأت حركة المدرعتين الأولى والثانية بين المتظاهرين، بالغة السرعة ودائرية، فغيرت خط سيرها من الاتجاه صوب كوبري أكتوبر إلى الاتجاه المعاكس صوب ماسبيرو، وتركت وراءها 12 قتيلاً و5 جرحى بإصابات بالغة، نتيجة سرعتها الشديدة."
وفى هذا السياق، رصد التقرير قيام بعض المتظاهرين بالقفز على إحدى المركبات المدرعة، كما قام آخر بإضرام النار في مركبة مدرعة علقت "نتيجة اصطدامها بحائط خرساني"، وقد حاول سائقها الهرب منها إلا أن المتظاهرين أمسكوا به، وتم ضربه بعنف، فتدخل أحد القساوسة لحمايته، فضلاً عن قيام أحد المدنيين بالصعود إلى أحدى ناقلات الجنود التي شاركت في "الدهس"، وقذف الجندي الموجود بها بحجر ضخم.
كما رصد التقرير تأخر وصول سيارات الإسعاف لإخلاء الجثامين والمصابين، الذين سقطوا نتيجة "الدهس"، من مكان الأحداث، حيث اضطر المتظاهرون لنقل الجثامين التي تم دهسها، إلى مداخل البنايات المقابلة للكورنيش، في ظل "حالة من الذهول الشديد، إثر بشاعة المشهد."
وطالبت رئيسة اللجنة بضرورة معاملة "ضحايا ماسبيرو" مثل "شهداء 25 يناير"، من حيث تقديم المعاشات والتعويضات، وقالت إن عدد الضحايا بلغ 28 ضحية، بزيادة ثلاث ضحايا، وأضافت أن عدد ضحايا القوات المسلحة بلغ ثلاث ضحايا، كما ذكرت أن 12 متظاهراً قتلوا بـ"الدهس"، وطالبت القوات المسلحة بالكشف عن الاعداد الحقيقية للضحايا في صفوفها.
إلى ذلك، أوصى تقرير مجلس حقوق الإنسان بتشكيل "لجنة تحقيق قضائية مستقلة"، بأحداث ماسبيرو، كما طالب بإحالة ما وصفه بـ"تحريض" التلفزيون المصري ضد الأقباط، للتحقيق.