عمان، الأردن (CNN)-- استفاقت العاصمة الأردنية عمان السبت، على ردود فعل منددة بقوة الأحداث الدموية، التي انتهى إليها اعتصام شباب ما سمي بـ"24 آذار"، للمطالبة بإصلاح النظام عند ميدان "جمال عبد الناصر"، والتي أفضت إلى تسجيل وفاة مؤكدة، ووقوع مئات الجرحى، جراء فض قوات الأمن الأردنية الاعتصام السلمي بالقوة مساء الجمعة.
وفي أولى ردود مؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية، أطلق مجموعة من الناشطين والنقابيين الأردنيين ائتلافاً جديداً تحت مسمى "نقابيون من اجل 24 آذار"، نددوا فيه بما وصفوه "الجريمة النكراء"، وبالسياسية الحكومية الأردنية، في التعامل مع الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح.
وقال بيان "نقابيون من أجل 24 آذار" إن "السلطة السياسية في الأردن تتبع نفس النهج الذي اتبعته الأنظمة التي أسقطها الشعب في تونس ومصر، ولم تفهم الدرس حتى اللحظة"، محذرةً في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب، فإن "السقف لن يتوقف عند حد حماية للوطن والشعب."
وطالب بيان الائتلاف الجديد بوضع دستور جديد للبلاد، وإطلاق الحريات العامة، ومحاربة الفاسدين، كما ندد بتصريحات مسؤولين حكوميين بتحميل قوى المعارضة والحركة الإسلامية مسؤولية وقوع أحداث العنف عند ميدان جمال عبد الناصر، المعروف أيضاً باسم "دوار الداخلية."
وأصيب نحو 120 من نشطاء حركة 24 آذار الجمعة، خلال تنفيذهم لاعتصام سلمي مفتوح متخذين من الميدان مقراً لاعتصامهم، فيما توفي ناشطين نتيجة فض قوات الأمن العام الأردنية الاعتصام بالقوة، بعيد حدوث احتكاك مع مجموعات وصفت بـ"البلطجية"، رشقوا المعتصمين بالحجارة، واعتدوا عليهم بالهراوات، بحسب شهود عيان.
وأعلنت نقابة المحامين الأردنيين من جهتها صباح السبت، في لقاء مع وسائل الإعلام، توافقها على وقف المرافعات القانونية أمام المحاكم الأردنية صبيحة الأحد، احتجاجاً على الأحداث، وإلى حين التحقيق في مجريات أحداث العنف، والكشف عن المتسببين بها ومحاسبتهم.
وطالبت النقابات المهنية خلال اللقاء باستقالة نقيب المحامين الأسبق وزير العدل الأردني، حسين مجلي، نقيب الصيادلة السابق وزير البيئة الأردني طاهر الشخشير
من الحكومة.
إلى ذلك، طالبت الحركة الإسلامية، بجناحيها جماعة "الإخوان المسلمين"، وذراعها السياسية "حزب جبهة العمل الإسلامي"، الحكومة الأردنية بالاستقالة، أو إقالتها في حال تشبثها بالسلطة، وتشكيل حكومة "إنقاذ وطني"، منددةً بشدة بما ارتكبته الحكومة من "جريمة بحق الوطن"، بحسب تصريحات قياديين بالحركة.
وقال القيادي حمزة منصور، خلال مؤتمر صحفي، رداً على اتهامات حكومية بتوجيه الحركة الإسلامية لاعتصام ميدان جمال عبد الناصر، إن الحركة تطالب باستقالة الحكومة، ورئيس لجنة الحوار الوطني، طاهر المصري.
وأضاف منصور أن "حكومة البخيت ما هي إلا امتداد لحكومات المرحلة العرفية"، وأن "الحديث عن الإصلاح، هو مجرد التفاف على مطالب الإصلاح."
وطالبت الحركة أيضاً بحل جهاز قوات الدرك المختص بفض الاشتباكات، فيما طالبت كذلك بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، التي اتهمتها الحركة بالتنسيق مع "بلطجية"، بالاعتداء على الاعتصام السلمي.
وكان رئيس الوزراء الأردني، معروف البخيت، قد وجه أصابع الاتهام إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، خلال لقاء تلفزيوني الجمعة، بتلقي تعليمات من إخوان مصر وسوريا، لتأليب الشارع الأردني، وإثارة الفتنة في البلاد.
ورداً على تصريحات البخيت، قال منصور إن "الشعب الأردني هو الشعب الوحيد بين الشعوب العربية الذي ما زال ينادي بإصلاح النظام، بخلاف الشعوب الأخرى التي تدعو إلى إسقاط الأنظمة"، وأكد لوسائل الإعلام أن الحركة "لن تدعو إلى عصيان مدني، لكنها ستواصل حراكها الاحتجاجي حتى إصلاح النظام."
وتطالب الحركة الإسلامية، وقوى المعارضة، بقانون انتخاب جديد، وتشكيل حكومة برلمانية منتخبة، وحل البرلمان، إضافة إلى إجراء إصلاحات دستورية.
ورفض المراقب العام لإخوان الأردن، همام سعيد، اتهامات الحكومة الأردنية بتأليب الشارع الأردني، قائلاً إن "الحركة لا تتلقى أوامر من جهات خارجية، وإنها اتخذت قرارات سياسية سابقة عديدة باستقلالية تامة"، معتبراً أن الحركة "اعتادت على توجيه الافتراءات من الحكومة إليها."
وفي الغضون، تجمع العشرات من أهالي المتوفي خيري جميل السعد، 56 عاماً، الذي قضى خلال أحداث الداخلية الجمعة، عند مستشفى "الأمير حمزة" الحكومي عصر السبت، رافضين تسلم جثمانه.
وقال شقيق المتوفي، ويُدعى خميس، خلال التجمع إن "خيري قُتل على أيدي الأمن العام"، في إشارة إلى الاشتباكات التي دارت عند دوار الداخلية مساء الجمعة، لفض اعتصام حركة "شباب 24 آذار بالقوة، وأضاف في تصريحات صحفية: "لقد قتلوا شقيقي.. ونحن سنبقى هنا حتى تنجلي الحقيقة كاملة عن مقتله."
كما رفضت أسرة المتوفي تقرير الطب الشرعي، الذي صدر قبل ساعات، وتضمن أنه توفي نتيجة إصابته بـ"نوبة قلبية"، فيما أكد شقيق خيري الأصغر، عاطف، رؤيته بأم عينه آثار الضرب والكدمات على جسد شقيقه.
كما ندد بيان آخر صدر عن "تجمع الأسرى الأردنيين المحررين من سجون الاحتلال الصهيوني"، المنبثق عن النقابات المهنية، ما جرى "من جريمة بشعة"، بحسب البيان، بحق الأسير المحرر سلطان العجلوني، الذي تعرض للاعتداء خلال الاعتصام.
وأعلن شباب 24 آذار (مارس) عن استمرار حراكهم في القريب العاجل، والنزول إلى الشارع مرة أخرى، خلال مؤتمر صحفي عقدته الحركة السبت.
ومن جهته، قال زياد الخوالدة، أحد الناشطين في الحركة لـCNN بالعربية، بينما يرقد على سرير في مستشفى الأمير حمزة، إن الحراك سيتواصل، مؤكداً على أنه "حراك سلمي يسعى للمطالبة بالإصلاح."
وأضاف الخوالدة أنه تعرض للضرب المبرح على أيدي رجال الأمن العام الجمعة، خلال محاولتهم فض الاعتصام، مؤكداً أنهم انهالوا عليه بالضرب بالهراوات، رغم مناشدته لهم بالتوقف عن ذلك، بحسب قوله.
وحول الاتهامات المتعلقة بتحريض الحركة الإسلامية لشباب 24 آذار، نفى الخوالدة ذلك، وشدد على قوله: "نحن حركة شبابية مستقلة، تجمعنا أهداف واحدة هي الإصلاح.. وسنبقى نطالب بالإصلاح حتى تحقيقه."
وتبنت حركة شباب 24 آذار مطالب إصلاحية من بينها "الملكية الدستورية"، وكف يد الأجهزة الأمنية عن الحياة السياسية والعامة، وتشكل حكومة منتخبة، إضافة إلى مجلس أعيان منتخب.
إلى ذلك، ندد عشرات الصحفيين الأردنيين، في بين مشترك، بأحداث "الداخلية"، كما نددوا بتعرض نحو 20 صحفياً ومراسلاً ومصوراً للاعتداء والضرب والركل بالأقدام، وحمَّلوا الحكومة الأردنية وأجهزتها الأمنية مسؤولية الاعتداء وحالة الانفلات.
واتهم بيان الصحفيين الحكومة بـ"التواطؤ مع أشخاص مدنيين، حرضوا وضللوا واستخدموا للاعتداء على المعتصمين والصحفيين"، كما ناشدوا العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، بالتصدي إلى من وصفوهم بـ"مخالفي" القوانين والدستور في البلاد.