عمان، الأردن (CNN) -- عاود الحراك الاحتجاجي نشاطه في محافظات المملكة الجمعة، بعيد فترة زمنية قصيرة من التهدئة المرحلية التي منحتها قوى المعارضة للحكومة، في انتظار بلورة مبادرات إصلاحية رسمية سياسية قد تعهدت منذ تشكيلها في شباط المنصرم .
وفيما حظيت محافظات جنوب الأردن بالحراك الشعبي على مدار الأسابيع الماضية ، عادت قوى المعارضة والحركة الإسلامية للحراك مجددا في العاصمة عمان ، بتنفيذ اعتصام جماهيري قرب دار رئاسة الوزراء ظهر الجمعة .
وأطلقت قوى المعارضة تحذيراتها من تأخر عملية الإصلاح السياسي في البلاد، فيما أسهمت استقالات وزراء من الحكومة مؤخرا في رفع سقف المطالبات والإشادة بالشهادات التي أدلى بها بعض الوزراء بعيد استقالاتهم حول نفوذ قوى شد عكسي وعرقلتها للإصلاح .
في الأثناء، وجه المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات رسائل الى رأس الدولة ، مشيرا بالقول إلى أن الحركة والمطالبين بالإصلاح لايخاطبون الحكومة :" إنما كل ضمير حي ما يزال في أماكن صنع القرار وفي الحكومة ."
وشدد الفلاحات بالقول :" إن الشعب يريد الإصلاح والحكومة التي تعتقد غير ذلك ذلك هي واهمة ... والمطلوب هو إصلاح النظام إصلاحا كاملا ."
وأضاف الفلاحات بالقول :" اليوم تتوافق الأحزاب السياسية والعشائر الأردنية والنقابات جميعها على الإصلاح و "ترمي جميعها عن قوس واحدة".
من جهته ، حذر سعود العجارمة أحد شيوخ العشائر الأردنية وعضو تيار ما يعرف بمجموعة 36 المعارضة والمطالبة بالملكية الدستورية من تأخر الإصلاح ، مطالبا بحكومة منتخبة بصلاحيات موسعة وحل لمجلس الأمة الاردني بغرفتيه الأعيان والنواب .
وقال العجارمة لـCNN بالعربية حول عدم التجاوب مع مطالب الاصلاح بالقول :" إننا نتمسك بمطالب الإصلاح وبالملكية الدستورية ... ونخشى من عدم التجاوب مع مطالب الاصلاح بحدوث ثورة على غرار ما يجري في سوريا واليمن وليبيا وغيرها ."
وشهدت الأسابيع الماضية استقالات ثلاثة وزراء من الحكومة الأردنية على خلفية قضايا فساد ، كان آخرها استقالة الناطق الرسمي باسمها طاهر العدوان احتجاجا على تدخل قوى متنفذة في البلاد ، في مضامين مشروعات قوانين تتعلق بالحريات الإعلامية أحيلت إلى أعمال دورة البرلمان الأردني الاستثنائية التي بدأت الأربعاء الماضي .
وتطالب القوى السياسية بقانون انتخاب ديمقراطي وحكومة برلمانية منتخبة من الشعب ، إضافة إلى إصلاحات دستورية جوهرية .
ووسط حضور امني مكثف وإغلاق منطقة دوار مقر رئاسة الوزراء ، هتف المشاركون ضد الحكومة الأردنية بالقول :" يا معروف اعمل معروف وارحل ارحل بالمعروف" و" يامعروف وين الإصلاح ... بدنا هالا ردن يرتاح."
ووجه أحد شبان الحركة الإسلامية كلمة الى العاهل الأردني قال فيها ، إننا معك على طريق الإصلاح ، وأضاف :" إن أردت الإصلاح فنحن معك ... لكن اخلع عنك بطانة السوء ."
إلى ذلك ، شهدت محافظات معان والكرك والطفيلة جنوب الأردن ، سلسلة من الاعتصامات للمطالبة بالإصلاح ورحيل الحكومة ، فيما طالب التيار السلفي الجهادي في محافظة معان ( 200 كلم جنوب العاصمة ) ، بالإفراج عن المعتقلين في السجون الأردنية الموقوفين على خلفية أحداث مدينة الزرقاء في شهر آذار الماضي عقب اشتباكات مع قوات الأمن الأردنية .
وهتف معتصمون محافظة الطفيلة ( 180كم جنوب الأردن ) ، برحيل الحكومة والإشادة باستقالة الناطق الرسمي باسم الحكومة بالقول :" يا عدوان ارتاح ارتاح احنا نكمل الإصلاح","يا بخيت يا جبان ارحل ارحل لا تنهان"."
كما شهدت محافظة إربد شمال الأردن ، حراكا احتجاجيا تضامنا مع حراك محافظات الجنوب الذي أطلق عليه " جمعة الحزم" ، تركزت مطالبه برحيل الحكومة وحسم ملفات فساد كبرى اعتبرها الرأي العام العائق الأكبر أمام الإصلاح .
وفي الإطار ، يرى المحلل السياسي والوزير الأسبق الدكتور بسام العموش ، أن أولوية الإصلاح السياسي في البلاد باتت تكمن في التعديلات الدستورية التي ينتظرها الرأي العام الأردني ، بما في ذلك تغيير آليات تشكيل الحكومات .
ورأى العموش في تصريحات لـCNN بالعربية ، إن الوقت لم يعد يسعف أصحاب القرار لمضي قدما في الإصلاح السياسي ، مشيرا إلى أن الأنظار تتجه إلى لجنة مراجعة نصوص الدستور الملكية وما ستقره من تعديلات دستورية من شأنها أن تحتوي مطالب الإصلاح في الشارع .
وذهب العموش بالقول:" إن حالة الاحتقان في الشارع تختلف عن حالة الاحتقان في دول عربية أخرى تعاني من ديكتاتوريات وتنتهج سياسة القتل والتنكيل ... ولابد من تعديل الدستور واعتماد آليات تشكيل حكومات وإجراء انتخابات نزيهة بغض النظر عن النظام الانتخابي وتعزيز مبدأ فصل السلطات في البلاد ."
واعتبر العموش أن أمن الأردن أكثر استقرارا من غيره من البلدان الأخرى ، بيد انه أشار إلى أن "الخطر ليس بعيدا عن الأردن إذا ما أجريت إصلاحات سريعة ."
وقال :" لا يمكن أن يبقى تعيين رئيس حكومة يحمل مواصفات سلبية كأن يكون رئيس حكومة سكير او تاجر أو بمواصفات أخلاقية سيئة ... لقد مر على البلاد خلال 90 سنة ما يقارب 100 حكومة بمعدل 9 شهور لعمر كل حكومة وهذا لا يخدم أبدا أية مساع للإصلاح ."
وتشهد المملكة موجة احتجاجات منذ نهاية العام الماضي أفضت الى رحيل الحكومة السابقة ، فيما لم تلق حزمة الإصلاحات السياسية في البلاد التي أقرت مؤخرا بتوجيهات ملكية للان رضا الرأي العام الأردني ، فيما تتصدر مطالب الإصلاح محاربة الفساد جذريا .
وتتهيأ حركة شباب ما يعرف بائتلاف 24 آذار ، لتنفيذ اعتصام مفتوح منتصف الشهر المقبل للمطالب بالإصلاح الفوري ، رغم ما شهدته من قمع خلال أول اعتصام لها في الرابع والعشرين من آذار الماضي عند ميدان جمال عبد الناصر فيما عرف بأحداث دوار الداخلية.