بيروت، لبنان (CNN)--أكدت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أن ما قاضي الإجراءات التمهيدية ، أصدر قرار اتهام في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري وآخرين. وأحاله مرفقًا مذكرات توقيف إلى السلطات اللبنانية الاثنين، بينما قالت مصادر لـCNN أن المطلوبين هم أربعة من عناصر حزب الله، متوقعة صدور مذكرات أخرى قريباً.
ولفت بيان المحكمة إلى أن قرار الاتهام يعني أن القاضي دانيال فرانسين "مقتنعٌ بوجود أدلّةٍ أوليّةٍ كافية للانتقال إلى المحاكمة في هذه القضية. إلا أن ذلك ليس حكمًا بالإدانة، ويُعتبر أي متهم بريئًا حتى تثبت إدانته في المحاكمة."
ورفض البيان بشكل مطلق التعليق على "هوية الشخص أو الأشخاص المذكورين في قرار الاتهام." وأشار إلى أن فرانسين طلب الإبقاء على سرّية قرار الاتهام لمساعدة السلطات اللبنانية على الوفاء بالتزامها توقيف المتهمين.
ووفقًا لقواعد الإجراءات والإثبات في المحكمة، ينبغي للسلطات اللبنانية أن تحيط المحكمة علمًا بالتدابير التي اتخذتها لتوقيف المتهمين، وذلك في مهلة لا تتجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ استلامها قرار الاتهام.
وعلى المستوى السياسي الداخلي، تكثفت التعليقات من قبل القوى المتحالفة مع حزب الله والقوى المناهضة له، وفي هذا السياق، دعا الرئيس السابق أمين الجميل، الذي يقود حزب الكتائب المتحالف مع تيار المستقبل ورئيسه سعد الدين الحريري، السلطة السياسية إلى تنفيذ القرار الدولي، واعتبر أن "الفرصة تاريخية ويد العدالة يجب أن تطال أيا كان في أي موقع."
وأضاف الجميل: "لا نقبل بأي تقاعس، وعلى السلطة السياسية أن تنفذ القرار الدولي، وسنكون بالمرصاد ولن نتهاون وسنلجأ إلى كل الوسائل المشروعة والمتاحة ليتحقق القرار الدولي. هناك مسؤوليات ومسؤولون، ونحن في انتظار تنفيذ القرار حسب أصول القضاء الدولي، خصوصا أن القرار الذي صدر استعمل كلمات ملزمة قاطعة لا تقبل بالتهاون والشك وأعطى مهلا."
أما القوى المتحالفة مع حزب الله، فقد برز منها رد "جبهة العمل الإسلامي" التي قالت إن القرار الاتهامي يأتي "ضد صوابية الخط الوطني المقاوم، نظرا لاستهدافه محليا وإقليميا ودوليا."
ورأت أن "المخابرات الأميركية والبريطانية والألمانية والفرنسية والموساد ومخابرات ما يسمى بعض دول الاعتدال في المنطقة، تسعى من وراء هذا القرار الجائر الباطل إلى زرع وإيقاع الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة على مستوى لبنان والمنطقة، واستهداف المقاومة وتشويه صورتها وسمعتها تمهيدا لنزع سلاحها."
أما حزب "التوحيد العربي" فرأى أن القرار الاتهامي "محاولة خارجية بائسة للاقتصاص من المقاومة التي نجحت في دحرجة الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لعدوانه عن جميع اللبنانيين."
وكان رئيس مجلس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، قد أكد في كلمة ألقاها في بيروت أن الحكومة "ستتابع المراحل التي ستلي صدور القرار الاتهامي وهي ملتزمة العمل على كل ما من شأنه تجسيد الإرادة الوطنية الجامعة التي تضمن منعة لبنان وقوته."
وشدد على "أن الوفاء لذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري يكون من خلال التمسك بمعرفة الحقيقة بهدف احقاق الحق وتطبيق العدالة والمحافظة على الثوابت الوطنية التي التزمها الرئيس الشهيد في حياته ، وفي مقدمها وحدة اللبنانيين وتضامنهم، واستقلال الوطن وسلامة صيغة العيش المشترك التي كانت وستبقى جوهر وجود لبنان وديمومته،" وفق وكالة الأنباء اللبنانية.
وبالعودة إلى المعلومات التي توفرت لـCNN حول هوية المطلوبين فقد قالت مصادر أمنية لبنانية إنهم أربعة أشخاص من عناصر حزب الله، يعتقد أنهم لعبوا دوراً ميدانياً في عملية الاغتيال، وعلى رأسهم مصطفى بدالدين، صهر القائد العسكري السابق للحزب، عماد مغنية، الذي اغتيل في دمشق عام 2008.
وتضم المذكرات أيضاً أسماء حسن عنيسة وسليم عياش وأسد صبرا، وأشارت مصادر في الأمم المتحدة لـCNN إلى أن مذكرات أخرى ستصدر خلال الصيف وستضم أسماء من يشتبه بأنهم لعبوا أدواراً في التخطيط والتنظيم لعملية الاغتيال.
وذكرت مصادر مطلعة أن وفد المحكمة الدولية سلم المدعي العام اللبناني، سعيد ميرزا القرار المكون من 136 صفحة، مرفقا بأربع مذكرات توقيف بحق أربعة متهمين لبنانيين.
وقُتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نتيجة انفجار استهدف سيارته، في 14 فبراير/ شباط 2005، أسفر عن مقتل 22 آخرين نتيجة الانفجار الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت، ونجمت عنه أزمة سياسية طاحنة، مازالت تداعياتها تخيم على الوضع السياسي والأمني في الداخل اللبناني.
وكان حزب الله قد أعلن، على لسان أمينه العام حسن نصرالله، عن رفضه للمحكمة الدولية، ووصفها بأنها جزء من "مؤامرة أمريكية وإسرائيلية لزعزعة الوضع اللبناني"، بعد تسّرب معلومات عن إمكانية أن يتجه التقرير إلى اتهام عناصر من حزب الله بالضلوع في اغتيال الحريري.
في المقابل، جدد رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، تمسكه بالمحكمة الدولية، وقال في خطاب بمناسبة ذكرى مقتل والده، إن "اللبنانيين ونحن منهم ما زالوا متمسكين بالحقيقة والعدالة والمحكمة الدولية"، وتابع أن "المحكمة ليست أمريكية ولا فرنسية ولا إسرائيلية، وهي لا تستهدف فريقاً أو طائفة، إنما تمثل في نظرنا أعلى درجات العدالة الإنسانية، وستنزل القصاص بإذن الله فقط بالقتلة الإرهابيين."
وفي وقت سابق من العام الجاري، أسقطت المعارضة اللبنانية، التي يقودها حزب الله، حكومة الحريري الابن، بعدما قرر الحزب سحب وزارئه من الحكومة ليفقدها شرعيتها الدستورية، بعد قليل من إعلان الحزب نفسه "وفاة" مبادرة سورية سعودية، لتسوية الخلافات بين فريق الأغلبية المعروف بـ"قوى 14 آذار"، وفريق "8 آذار" المعارض، حول المحكمة الدولية.