عمان، الأردن (CNN)-- فجرت استقالة محافظ البنك المركزي الأردني، الشريف فارس عبدالحميد شرف الأحد، بوادر أزمة سياسية في البلاد، رافقها تراشق إعلامي سياسي بين الحكومة الأردنية ونخب سياسية واقتصادية، واستقالة الوزيرة السابقة، وواحدة من أبرز الشخصيات السياسة الأردنية، العين ليلى شرف صباح الثلاثاء، احتجاجا على تعرض نجلها لضغوطات الاستقالة.
وتشهد الأوساط السياسية والاقتصادية الأردنية عاصفة من الجدل منذ الأحد، حول الأسباب التي أدت إلى تقديم الشريف شرف الاستقالة من منصبه، وسط تأكيدات لمراقبين ومحللين بوجود خلافات وضغوطات تعرض لها (شرف) تتعلق بالمنحة المالية السعودية (مليار دينار)، والتي قدمت للأردن مؤخرا.
وتوالت التصريحات الرسمية والنيابية والمطالبات من النخب السياسية منذ إعلان الاستقالة، بإعلام الرأي العام عن أسبابها، والتي جاءت بعد عشرة أشهر فقط من توليه موقعه في إدارة البنك المركزي، بخلاف العقد المحدد لخمس سنوات، حيث قبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني استقالته.
مصادر مطلعة أشارت لموقع CNN بالعربية، إلى طلب رئيس الوزراء معروف البخيت من الشريف شرف الاستقالة.
إلا أن البخيت قال في تصريحات لإعلاميين على هامش جلسة لمجلس النواب عقدت صباح اليوم الثلاثاء، إن استقالة شرف جاءت لخلافه مع السياسة الاقتصادية للحكومة الأردنية، وانه "ليست لها علاقة بأي أسباب أخرى."
في الأثناء، رفضت العين المستقيلة ووالدة المحافظ المستقيل، ليلى شرف، التعليق على تصريحات رئيس الحكومة، مشيرة إلى أن بيانا مسببا بأسباب الاستقالة سيصار إلى الإعلان عنه في وقت لاحق من مساء الثلاثاء.
وحول إصرارها على الاستقالة صباح الثلاثاء، من مجلس الأعيان، وهو المجلس الذي يعينه الملك، قالت شرف لموقع CNN بالعربية:" كيف لي أن أعمل في موقع عام في دولة لا تحارب الفساد؟"
وعلقت حول احتجاجها على الضغط على نجلها بالاستقالة: "لقد حاول خلال عمله ضبط الأمور المالية وقضايا فساد."
وأوضحت أن استقالتها تقدمت بها شفويا إلى رئيس مجلس الأعيان، وأنها ستقدم استقالتها خطيا لاحقا.
وذكرت تقارير أن محاولات رئيس مجلس الأعيان الأردني طاهر المصري، لثني العين شرف عن استقالتها باءت بالفشل.
واعتبر مراقبون ومحللون سياسيون، أن استقالة المحافظ شرف، فتحت الباب على مصراعيه لخلق أزمة سياسية جديدة في البلاد، في الوقت الذي يتحدث فيه صانعو قرار عن جدية الدولة في تحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد.
من جهتها ، قالت نائب رئيس تحرير يومية الغد الأردنية، ومديرة الدائرة الاقتصادية فيها جمانة غنيمات، إن استقالة المحافظ شرف تحمل إشارات سلبية كبيرة، من بينها عدم جدية الدولة في مكافحة الفساد، في الوقت الذي جاءت على خلفية كشفه الأرقام المتعلقة بالمنحة السعودية للرأي العام، بخلاف التوجهات الحكومية.
وأضافت غنيمات لموقع CNN بالعربية: "عدا عن التأثيرات السلبية الاقتصادية، فإن أزمة سياسية كبيرة تفجرت في البلاد من شأنها أن تحيي الحراك الشعبي مجددا في الوقت الذي تشرف فيه على مشروع تعديلات دستورية وانتخابات مجالس بلدية نهاية العام الجاري."
وتشهد البلاد منذ بداية العام، موجة احتجاجات واسعة مطالبة بالإصلاح وتعديلات دستورية وإحالة ملفات الفساد الكبرى إلى القضاء، فيما أشرف مجلس النواب الأردني على الانتهاء من مشروع التعديلات الدستورية.
وكان المحافظ المستقيل شرف، قد اختلف مع رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي خلال عمله في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي حول شراء قطع أراضي تابعة للقوات المسلحة، فيما أشاد مراقبون بدفاعه عن أموال مؤسسة الضمان التي ينتسب إليها شرائح واسعة من الأردنيين.
أما والدته، العين ليلى شرف، زوجة رئيس الوزراء الأردني الراحل عبد الحميد شرف(1979 ـ 1980) الذي ينتمي بصلة قرابة إلى العائلة المالكة، فتعتبر من الشخصيات السياسية المرموقة في الأردن، حيث كانت أول سيدة شغلت منصب وزير إعلام المملكة في مطلع الثمانينيات بحكومة رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات، واستقالت من منصبها آنذاك بسبب التدخلات الحكومية في عمل الإعلام.