القاهرة، مصر (CNN) -- حتى الآن لم تتعافى السياحة المصرية عما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير، فمازال الوضع السياسي و الأمني يضفيان نوعا من الغموض على المشهد المصري في ظل صراعات سياسية حول سلطة التشريع وإعداد دستور للبلاد وغيرها، وفقا لعدد من المعنيين.
ويقول مستثمرون وعاملون بالقطاع السياحي لـCNN بالعربية، إن حجم الإنفاق على القطاع انخفض من 14 مليارات دولار قبل الثورة إلى نحو 6 مليارات حاليا، لأسباب خاصة بالظروف السياسية والأمنية، فضلا عن بروز تيار الإسلام السياسي وتصريحات بعض المتشددين منهم بتحريم السياحة أو التصرفات الشخصية لمعظم السائحين مثل الملبس والمشروبات الروحية وغيرها.
ورغم أن مصر تمر حاليا بموسم الأجواء الحارة التي تتركز السياحة بها في المناطق الشاطئية، التي لا تمثل عصب السياحة المصرية التي تكون أكثرها بالمناطق الأثرية، مثل القاهرة والجيزة والأقصر وأسوان والتي دائما ما تكون أكثر في فصل الشتاء.
واشتكى مستثمرون من تراجع الوعود الخاصة بمنظمي الرحلات من بعض الدول الأوربية للموسم الشتوي القادم، وطالبو السلطة السياسية وعلى رأسها رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، بالتدخل لتوجيه رسالة طمأنة للسائحين، بدلا مما أسموه التسول والاقتراض من الخارج.
وقال توفيق كمال رئيس مجلس إدارة غرفة المنشئات الفندقية، إن القطاع السياحي متأثر للغاية منذ بداية الثورة، ولم يوجد أي طمأنة لمنظمي الرحلات في الخارج سواء من ناحية الوضع الأمني و السياسي، أو من ناحية بروز التيارات الدينية الإسلامية في المشهد السياسي، وما يتم نقله بوسائل الإعلام عن بعض المتشددين منهم بتحريم أو تحليل السياحة بمصر.
وذكر كمال أن بعض السياح يوجهون عدة أسئلة لمنظمي الرحلات بالخارج، حول ما إذا كان سيتم فرض بعض الملابس عليهم أو منعهم من شرب الخمور، مطالبا رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بتوجيه رسالة طمئنه للسياح من احد المناطق الأثرية بالأقصر، بدلا من ما اسماه "بالتسول" من بعض الدول، إذ تساهم السياحة بشكل كبير بالدخل القومي المصري.
ووصف كمال الأرقام المعلنة من وزير السياحة منير فخري عبد النور، حول زيادة عدد السائحين بأنها واهية وغير دقيقة، إذ تنحصر زيارة السائحين على مدينتي شرم الشيخ والغردقة، وهي سياحة رخيصة تدعمها الدولة من ناحية الطيران والإقامة، فضلا عن وجود حرب أسعار هناك، فقط ينقص السائح إعطائه نقود قبل مغادرته للبلاد.
وقال إن "حجم الإنفاق على السياحة حاليا يصل إلي نحو 6 مليارات حيث انخفض عدد السائحين إلي 8 ملايين، بعد أن كان 14 مليون قبل الثورة يحققون دخل يصل إلى 14 مليار دولار سنويا."
من جانبه قال الخبير الاقتصادي ورئيس ائتلاف دعم السياحة إيهاب موسى، انه لا يتوقع إصلاح حال السياحة خلال الأيام المقبلة في ظل تردي الوضع الأمني وصراع على السلطة ومعركة قادمة حول الدستور، قائلا: "ليس لدينا سياحة سوى الغردقة والبحر الأحمر مع التأكيد للسياح بالا يغادروا الفنادق، كما لا يستطيع السائح الذهاب إلى الأقصر وأسوان أو الهرم أو المتحف المصري."
وأوضح موسى أن "الأرقام الرسمية المعلنة لمعدل الإنفاق على قطاع السياحة قبل الثورة كان يصل إلى نحو 14 مليار دولار، بعدد سياح يصل إلى نحو 14 مليون، غير انه أكد أن الأرقام الحقيقية لحجم الإنفاق يصل إلى 50 مليار دولار، إذ ينفق السائح أربع أضعاف الثمن المحدد بالرحلة.
وقال إن عددا من أعضاء الائتلاف ومسؤولي السياحة، التقوا بالرئيس محمد مرسي أثناء حملته الانتخابية في الجولتين الأولى والثانية، وأبدى تفهما كبيرا ولكنه قال "إن منصب الرئيس تنفيذي وانه سيقوم بتنفيذ ما يشرعه مجلس الشعب في هذا الإطار،" ما يفسر أن مشكلته في المجموعة التي يمكن أن تملى عليه أسلوبه في إدارة الدولة.
وتابع الخبير السياحى: "لا نحتاج للتسويق لمصر سياحيا، إذ أن بها كل أنواع السياحة من إسلامية وثقافي وفرعونية وتاريخية وشاطئية، فقط نحتاج لاستقبال الأجانب واحترام عادتهم وحريتهم وثقافتهم، وعودة الأمن و الاستقرار السياسي."
ولفت موسى إلى أن السائح "لا يستطيع زيارة مصر في ظل تصريحات من بعض المتشددين بحزبي النور و الحرية و العدالة من تحريم السياحة ومحاولات لفرض العادات و التقاليد المصرية عليه طوال الأيام التي يقضيها بالبلاد."
من جانبه قال الهامى الزيات رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، إن شركات السياحة العالمية قامت بعمل الدعاية الإعلانية للموسم الشتوى القادم، ولكن لم يحدث إقبال على الحجوزات من السائحين بالدول الأوروبية.
وأوضح الزيات أن المناطق السياحية المتأثرة هي القاهرة والأقصر وأسوان لأسباب خاصة بالوضع السياسي وارتفاع درجة الحرارة، إلا أن حركة السياحة تختلف بمدينتي الغردقة وشرم الشيخ التي تسير بها الأمور بشكل أفضل.
وقال الزيات أن عودة السياحة تستلزم عودة الأمن ووضع حلول للمرور وإصلاح الطرق وتغيير صورة مصر بوسائل الإعلام لدى العالم، موضحا أن البلاد تحتاج إلى حكومة تعمل على استقرار الأوضاع السياسية والأمنية.
واستبعد الزيات أن يكون قرار رئيس الجمهورية بعودة البرلمان المنحل، سببا في إمكانية تراجع بعض الوعود السياحية، إذ أن السائح في الخارج لا يتابع التفاصيل الدقيقة التي تنقل عن البلاد ولكنه ينظر إلي وجود صراعات احتجاجات ينقلها له منظم الرحلات.
وكشف الزيات عن لقاء جمعه برئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، والذي أكد له انه سيدعم السياحة وسيقوم بعدة زيارات لاماكن أثرية وسياحية ويلتقط صورا مع السياح، متوقعا أن يتم عقد هذه الزيارات بأكتوبر المقبل مع بدا الموسم السياحي.
وأشار احمد بلبع مدير عام شركة سان جوفانى للسياحة، إلى وجود وعود خاصة من الوكلاء ومنظمي الرحلات بعودة التشغيل وحركة السياحة قد تراجعت بسبب الوضع السياسي والأمني الراهن، فالأخبار الخاصة بالنزاع على سلطة التشريع والدستور القادم، تزيد من مخاوف السائحين بالخارج.
وتابع رئيس لجنة الطيران بغرفة وكالات السفر والسياحة السابق: "ليس هناك أسباب جادة تحث السائحين على زيارة مصر، فمثل تلك الأخبار التي ينتج عنها اضطرابات تكون سلبية على حركة السياحة."
وأكد أن صعود رئيس إسلامي إلي السلطة لا يشكل فزاعه على مستقبل السياحة، أو حتى نجاح برلمان ينتمي لتيار إسلامي ولكن فقط يريد طمأنة، حيث ينشغل السائح أكثر بالاستمتاع بالمناطق السياحية والشاطئية أو الأثرية و التاريخية والمتاحف بحرية تامة.