القاهرة، مصر (CNN)-- تفاقمت الأزمة بين الحكومة والبرلمان في مصر إلى حد اعتبرها البعض معركة "عض أصابع"، حيث يخوض كلا الجانبين صراعاً لتأكيد شرعيته، والطعن بشرعية الآخر، في الوقت الذي يكتفي فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد خلال الفترة الانتقالية، بدور الوسيط للتقريب بين الجانبين، واحتواء أزمة جديدة قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة.
وبلغت الأزمة ذروتها خلال الساعات القليلة الماضية، وبعد قليل من رفض البرلمان، الذي يسيطر عليه الإسلاميون، بيان الحكومة الانتقالية، برئاسة الدكتور الجنزوري، وهو الأمر الذي استند إليه رئيس مجلس الشعب، الدكتور محمد سعد الكتاتني، في مطالبته رئيس الحكومة بتقدم استقالة حكومته طوعاً "احتراماً لرغبة الشعب"، أو يقوم المجلس العسكري "الحاكم" بإقالتها.
وزاد من تفاقم معركة "عض الأصابع" بين الحكومة والبرلمان، ما كشف عنه الكتاتني مؤخراً، عن تهديد الجنزوري بحل مجلس الشعب، عندما لوح بأن "الطعن المقدم لحل البرلمان موجود في أدراج المحكمة الدستورية، ويمكن إخراجه في أي وقت"، وهو ما نفاه رئيس الحكومة تماماً الجمعة، بحسب ما أورد موقع "أخبار مصر"، نقلاً عن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.
وفي تصريحات له الجمعة، قال رئيس مجلس الشعب إن "ما نقلته بعض وسائل الإعلام منسوباً للدكتور كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء، عن نفيه بتهديده حل البرلمان، مردود عليه بالفريق سامي عنان، نائب رئيس المجلس العسكري، ورئيس الأركان، الذي كان موجوداً أثناء الحوار"، إلا أنه لم يصدر عن الأخير أي تعليق بشأن ما دار في ذلك الاجتماع.
وأشار الكتاتني، في تصريحاته التي أوردها موقع "حزب الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إلى أن لقاءً ثلاثياً جمعه بالفريق عنان ورئيس الحكومة، منذ أكثر من شهر، "عندما زادت انتقادات النواب بمختلف اتجاهاتهم لأداء الحكومة، ومطالبتهم بحجب الثقة عنها، بسبب فشلها في حل أزمة البوتاجاز والبنزين والسولار."
وأوضح أنه قال وقتها لرئيس الوزراء إن "الإعلان الدستوري، وإن كان خلا من حق البرلمان في سحب الثقة، إلا أن الأعراف البرلمانية، بل ودستور 71، منح البرلمان رفض بيان الحكومة، وعلي الحكومة التي يتم رفض بيانها أن تستقيل، احتراما لرغبة الشعب، وإن لم تفعل هي ذلك فعلي المجلس العسكري أن يقوم بإقالتها استجابة أيضا للشعب واحتراما لبرلمانه المنتخب."
ولفت إلى أن الجنزوري رد بشكل واضح قائلاً: "إن الطعن المقدم لحل البرلمان موجود في أدراج المحكمة الدستورية ويمكن إخراجه في أي وقت"، وهو ما رد عليه رئيس مجلس الشعب قائلاً أنه لا يستطيع أحد حل البرلمان إلا البرلمان نفسه، لأن الإعلان الدستوري عندما لم يمنح البرلمان حق سحب الثقة من الحكومة، لم يمنح المجلس العسكري حق حل البرلمان أيضاً."
إلا أن رئيس مجلس الشعب أشار إلى أنه "إذا صدر بالفعل حكم من المحكمة الدستورية العليا، فإن الجهة الوحيدة التي تستطيع حل البرلمان هو البرلمان نفسه، الذي يمكن أن يناقش الحكم، ويمكن أن ينفذه احتراماً لأحكام القضاء، وحتى لا يكون برلمان الثورة المنتخب، مثل برلمانات الحزب الوطني المزورة، والتي كانت تضرب بأحكام القضاء عرض الحائط."
من جانبه، نفى رئيس الحكومة، خلال لقائه بمجلس إدارة اتحاد عمال مصر، اتهامه من قبل رئيس مجلس الشعب، بتهديده بوجود قرار لدى المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، وأضاف الجنزوري أن ما أورده الكتاتني بهذا الشأن "كلام لا يقبله أي منطق أو عقل"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن النائب مصطفى بكري، والذي كان حاضراً في لقاء رئيس الوزراء مع القيادات العمالية.