طرابلس، لبنان (CNN) -- وسط إحدى الغرف بمستشفى في طرابلس بلبنان، يقف بيتر كاسيغ، الجندي السابق في الجيش الأمريكي والبالغ من العمر 24 عاما، للمساعدة في مداواة جراح لاجئين سوريين هاربين من جحيم العنف في بلادهم.
فهذا الشاب يقول إن هناك قناعة بعدم وجود أي أمل، ولهذا دوره هو وغيره من الشباب هو محاولة تغيير ذلك وإحداث الفرق.
رحلة البحث عن الذات أوصلت كاسيغ إلى هنا، فهذا الشاب التحق بالجيش الأمريكي في 2006، وأرسل إلى العراق لفترة قصيرة، وأعيد إلى موطنه لاحقا لأسباب طبية، ومن ثم التحق بالجامعة ليدرس العلوم السياسية.
يقول كاسيغ: "جميعنا نحظى بالحياة مرة واحدة، ولا نحصل على فرص لإصلاح أخطائنا، وبالنسبة لي لم يكن لدي أي خيار آخر، فأنا أرى في نفسي شخصية رومانسية حالمة تبحث عن الكمال وتؤمن بالحالات الميؤوس منها."
من أجل ذلك، قرر كاسيغ حزم أمتعته والقدوم إلى لبنان، إذ يقول: "أنا لست طبيبا أو ممرضا، ولكنني أستطيع المساعدة في تغيير الضمادات، وتقديم الدواء للمرضى، وتحسين حياتهم حتى لو كان ذلك بصورة بسيطة."
ورغم الاختلاف الثقافي وصعوبة التواصل اللغوي، تربط كاسيغ علاقة قوية بجميع من يعمل معهم، ومعظمهم من اللاجئين السوريين الأطباء والممرضين الذين فروا من بلادهم للمساعدة في علاج مواطنيهم في لبنان.
ويقول بيتر إن المآسي التي شاهدها في العراق أثناء الحرب، تعود لتتكرر هنا. فبعض المصابين هم من المقاتلين، والبعض الآخر ضحايا أبرياء لأزمة تتعقد يوما بعد يوم، فلوليا تقول إن سيارة عسكرية دهستها وأولادها الثلاثة أثناء فرارهم من قريتهم، لتصاب بكسر في عمودها الفقري.
ويبدو أنه من الصعب على لوليا الحديث لسوء وضعها الصحي، فهي تبكي طوال الوقت وتقول إنها تتمنى لو تحمل أطفالها بين ذراعيها وتسير معهم عائدة إلى الوطن.
وفي الغرفة المجاورة، تضحك الطفلة ياسمين وهي تخبرنا أن عمرها سبع سنوات، بينما عمرها الحقيقي هو خمس، فياسمين وعائلتها كانوا يحاولون الهرب من قريتهم عندما استُهدفت السيارة التي كانت تقلهم، ما أدى إلى إصابة ياسمين بجروح في رجليها.
وبعد قضائه بعض الوقت هنا في لبنان، بدأ كاسيغ يفهم طبيعة الصراع الذي كان في الماضي غريبا عليه، ويقول: "علينا التفكير في الأسباب التي تدفعنا كدولة إلى مساعدة شعوب دون الأخرى، كما أن علينا ألا نرسخ فكرة جهلنا بمنطقة الشرق الأوسط كون الناس هنا مختلفون عنا، ففي النهاية هم بشر مثلنا."
من جهته يقول مروان، وهو ممرض من حمص، إن على الأمريكيين في النهاية أن يفهموا ذلك، ويضيف بالقول: "نحن لسنا كما يصفنا النظام، إرهابيون ننتمي للقاعدة، فبيتر يعلم أننا أشخاص عاديون نمزح ونضحك ونسعى من أجل أن نعيش."
وفي غرفة مجاورة، يجلس العاملون للحصول على قسط من الراحة، ويؤكد بيتر أن على بلاده إعادة اكتشاف الجانب الإنساني لديهم، فيقول: "عليهم الاختيار، فكل ما حولنا واقع تحصل فيه أمور محزنة ومخيفة، ولكن في بعض الأحيان علينا اتخاذ موقف محدد."