القاهرة، مصر (CNN) -- أحكم الرئيس المصري، محمد مرسي، قبضته بإدارة شؤون مصر، بعد انتزاعه لجميع صلاحياته كاملة، بإصداره عدة قرارات كان أهمها إحالة المشير حسين طنطاوي، قائد المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع، والفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش، للتقاعد، وإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي كان يشير إلى ازدواجية قيادة الدولة.
واعتبر مراقبون ومحللون تحدثوا لـCNN بالعربية، تلك القرارات بمثابة خطوة هامة، في طريق إسقاط "حكم العسكر" الممسك بالسلطة منذ 60 عاما، والتي كانت أيضا بين مطالب الثوار على مدار عام ونصف تولوا بها إدارة شؤون البلاد، بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، إذ يستطيع الشعب حاليا أن يحاسب الرئيس ولا يكون له حجج يحتج بها من أنه "ليس بيده الأمر كله."
واعتبر المحلل السياسي، عمار على حسن، حادث رفح بأنه الأمر الذي عجل بقرارات مرسي، الذي سعى ليؤكد أن الوقت قد حان لعودة الجيش إلي ثكناته، وأن انغماسه بالحياة السياسية يضر بالأمن الوطني، في الوقت الذي أراد فيه بعض أعضاء المجلس العسكري بان يحمله هو المسؤولية باعتبار حركة حماس مقربة من الإخوان المسلمين.
غير أن حسن رأى "أن قرارات الرئيس لم تكن منفردة وتمت بالتراضي بين أعضاء المجلس العسكري ومكتب الإرشاد (بجماعة الإخوان المسلمين،) الذي ربما قد استمال بعض أعضاء المجلس العسكري لصالحه مثل وزير الدفاع الجديد، اللواء عبد الفتاح السويسي لافتا أنه من الوارد جدا أن يحدث اتصال بينهم."
وأكد حسن "بأنه خروج آمن لأعضاء المجلس العسكري الذين طلبوا ذلك وحصلوا على طمأنة من جماعة الإخوان المسلمين وليس من القوى المدنية، وترتب على ذلك تفاهمات متكررة استفادت منها الجماعة للوصول إلى الرئاسة، ما دعا الرئيس المنتخب بخطابه بجامعة القاهرة ليعلن بأنه سيكرمهم، و بالفعل منح طنطاوي قلادة النيل."
وذكر الباحث السياسي بأن الإخوان المسلمين "لم ينشغلوا بالثورة أو مطالبها ولكنهم سعوا إلى وضع أيديهم على مقاليد السلطة وأجهزة الأمن، ولا يعنيهم محاكمة طنطاوي أو عنان،" كما أشار أن مرسي استبق تظاهرات 24 أغسطس/آب، بتعيين وزير دفاع موال له، لاسيما أن الداعين لتلك التظاهرات طالبوا الجيش بالانضمام إليها.
وتابع حسن: "الجيش دائما يقف مع الشعب، فمبارك نفسه لم يكن يتصور أن الجيش سيخالف أمره، وهو كان القائد الأعلى للقوات المسلحة، لذا كان من الأفضل بالنسبة للإخوان أن يأتي يوم 24 من أغسطس، ولا يجدوا فيه طنطاوي وعنان في الواجهة، إذ تؤدى تلك الخطوة لإحباط شديد لهم إلا إذا كانت هناك قوة تخشى على مدنية الدولة من سيطرة الإسلاميين."
وفيما يتعلق بإسقاط الإعلان الدستوري المكمل أوضح حسن أنه في حال حكم القضاء ببطلان الجمعية التأسيسية للدستور الحالية، فإن الذي سيشكل اللجنة الجديدة هو الرئيس مرسي، و بالتالي سيختار لجنة تنفذ الدستور الذي هو مؤمن به.
بالمقابل، وصف أحمد ماهر، منسق حركة "6 ابريل،" قرارات مرسي بأنها "خطوة مهمة بطريق إسقاط حكم العسكر واستعادة الرئيس لصلاحياته، حيث أصبح لديه سلطات واسعة تمكنه من اتخاذ قرارات ثورية أخرى."
وأضاف ماهر أن قرار مرسي "يأتي استكمالا لقرارات سابقة غير متوقعة من إقالة قيادات بالشرطة العسكرية ورئيس جهاز المخابرات ومدير أمن القاهرة،" لافتا إلى أنه يعتقد بأن هذه القرارات "جاءت استباقا لدعوات خاصة بالانقلاب عليه في 24 من أغسطس، حيث يحضر أبناء مبارك وأنصار توفيق عكاشة تظاهرات حاشدة لذلك."
ورفض ماهر ما أقدم عليه مرسي بخروج أفراد المجلس الأعلى للقوات المسلحة من السلطة بشكل آمن، بدلا من إقالتهم وتقديمهم للمحاكمة وأيضا تكريمهم ومنحهم ارفع الأوسمة في الدولة.
من جانبها، قالت الناشطة السياسية أسماء محفوظ، إن قرارات الرئيس "بداية قوية لإسقاط حكم العسكر،" ومفاجأة اعتبرتها بمثابة "فرحة العيد،" ولكنها أشارت إلى وجود "خطوات أخرى في طريق إسقاط باقي أعضاء المجلس العسكري، ومحاكمة طنطاوي ورجاله، عن ما قاموا به من مجازر" على حد تعبيرها.
وعبرت محفوظ عن رفضها للخروج الأمن لأعضاء المجلس العسكري، إذ تسبب في الكثير من المجازر بحق المتظاهرين بأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء و العباسية وماسبيرو وغيرها، سواء بقصد أو بدون قصد، فضلا عن إدارتهم السيئة للبلاد طوال الفترة التي تولوا بها السلطة.
وتساءلت محفوظ "أي تكريم لطنطاوي ومن قبله (رئيس الوزراء السابق كمال) الجنزوري؟ وهل معنى صعوبة خروج المشير من السلطة بعد ما اقترفه بحق الشعب و الثوار أن يتم تكريمه؟"
وأوضحت الناشطة السياسية، أن مرسي أصبح يمارس صلاحياته وأنها لا تخشيى من "دولة الإخوان" التي اعتبرت أنه ما من دليل على قيامها مضيفة: "الإخوان هم أحد الفصائل السياسية الموجودة حاليا، كما لن يكون هناك الصعوبة بإسقاط دولة الإخوان، إذا ما حاول البعض الانقلاب على الدولة المدنية، إذ أسقطنا دولة مبارك ونسقط دولة العسكر وليس من الصعب إسقاط الإخوان."
من جهته، قال الدكتور عبد الغفار شكر، المتحدث باسم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن قرارات مرسي تسير في الاتجاه الصحيح، وتؤكد حق الرئيس في ممارسة سلطاته على أجهزة الدولة بما فيها القوات المسلحة حتى يتسنى محاسبته، كما أكد أن إلغاء الإعلان الدستوري المكمل "ألغى الازدواجية في السلطة بالبلاد."
إلا أن القيادي اليساري رفض أن يصدر الرئيس أي إعلان دستوري مكمل من جهته، وقال "البلد يجب أن تحكم بالإعلان الدستوري الصادر بمارس/آذار 2011، حتى يتم إعداد دستور جديد للبلاد، على أن يكون ينتخب الأعضاء من الشعب، وليس وفق أهواء الرئيس،" حتى لا يهيمن تيار بعينه على الدستور الجديد.