القاهرة، مصر (CNN)-- أحالت محكمة القضاء الإداري بالجمهورية المصرية، الثلاثاء، الطعون الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور و التي تسيطر عليها أغلبية إسلامية، إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل بها، الأمر الذي أثار جدلا بين القوى المدنية و الإسلامية.
ورجح معنيون أن يتيح هذا الحكم للجنة الحالية بالاستمرار في عملها حتى الانتهاء من صياغة دستور دائم للبلاد، بينما اعتبره البعض الأخر بأنه سياسي يهدف للتلاعب بالأجل القضائي.
وتستغرق القضية لدي المحكمة الدستورية لوقت ربما يمتد من ثلاثة إلى تسعة أشهر، في حين تستغرق اللجنة الحالية وقتا اقل من المتاح إمام "الدستورية" ففي حالة الاستفتاء على الدستور و الموافقة عليه فانه يحصن من أي أحكام بالبطلان.
وتقوم التأسيسية الحالية بمناقشة المسودة النهائية للدستور مجتمعيا بعد القراءة الأولى لها، وبحث الاعتراضات الخاصة ببعض المواد بعد إدخال التعديلات اللازمة عليها بالحذف أو الإضافة، ثم إرسالها إلى رئيس الجمهورية للتصديق على طرحها للاستفتاء الشعبي، وفى حال الموافقة عليها تصبح هي الدستور الدائم للبلاد.
وعلق الفقيه الدستوري جابر نصار على قرار المحكمة قائلا: "إن القرار يؤكد أن الجمعية التأسيسية الحالية هي التي ستعد الدستور الجديد، لاسيما وان الدستورية العليا لن تستطيع الفصل بالقضية قبل تسعة أشهر، كما أن قرار الإحالة جاء دون وقف تنفيذ عمل الجمعية الحالية، إذ رأت المحكمة أن تعطي الفرصة للجنة الحالية للاستمرار في عملها."
وأوضح نصار في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، "إن الطريق القضائي نحو إبطال التأسيسية أصبح مغلقا، لاسيما أن انتهاء الجمعية الحالية من إعداد الدستور الجديد و الاستفتاء عليه قبل فصل المحكمة الدستورية ستصبح الدعوة بلا أي محل."
وتخشي القوى المدنية التي يقودها اليساريون و العلمانيون بالإضافة الى الليبراليون، من تمرير مواد دستورية تحول مصر مع الوقت من دولة مدنية إلي دولة دينية يحكمها رجال الدين، أو إضافة و تعديل مواد تحد من الحريات العامة والحقوق الشخصية طبقا لفهم الإسلاميين المسيطرين على التأسيسية الحالية.
ويأتي ذلك بينما يعارض كثير من السلفيون عدم إدخال نص بان أحكام الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، بينما تصر باقي القوى الوطنية و الإخوانية و الأزهر و الكنيسة الممثلين باللجنة، إلى الالتزام بوثيقة مؤسسة الأزهر الشريف، والتي ترى الاكتفاء بما ينص على مبادئ الشريعة بدلا من أحكام الشريعة.
ومن جهته قال عبد المنعم عبد المقصود محامى جماعة الإخوان المسلمين: "إن قرار المحكمة الإدارية قوبل بارتياح داخل جماعة الإخوان المسلمين، إذ يؤكد أن اللجنة التأسيسية مستمرة في عملها، ويفتح الباب واسعا أمامها لتنتهي من صياغة الدستور الجديد، موضحا أن المحكمة الدستورية العليا مقيدة بالمواعيد، حيث يلزمها إجراءات تستمر لعدة أشهر حتى تستطيع الفصل بالقضية."
و أشار عبد المقصود لـCNN بالعربية: "إن القضية ستحول من القضاء الإداري إلى الدستورية العليا والتي ستحولها لهيئة المفوضين التابعة لها، و التي ستقوم بدراستها وكتابة التقرير بها، ثم ترسله إلى رئاسة المحكمة التي ستناقشه لإصدار قرار به، وربما ترسله مرة أخرى إلي القضاء الإداري إذا لم تصدر حكما نهائيا."
و أضاف عبد المقصود أن الانتهاء من مسودة الدستور الجديد سيكون في غضون شهر ونصف من ألان كونه مقيد بالإعلان الدستوري الصادر بمارس 2011، حيث أشار بان يتم صياغة دستور جديد للبلاد في مدة أقصاها ستة أشهر من بدا عمل اللجنة، ما يشير بان اللجنة الحالية هي التي ستضع الدستور الحالي، وعند الاستفتاء عليه سيكون محصنا من أي أحكام قضائية.
وقال محمد أبو حامد عضو مجلس الشعب المنحل، انه رغم قرار الإدارية العليا فانه سيقوم، الأربعاء، بتقديم التماس إلي المستشار ماهر البحيري رئيس المحكمة الدستورية العليا، بتعجيل إجراءاتها لتسريع الفصل في تأسيسية الدستور، خاصة وأنها قضية مصيرية للأمة بأكملها على حد قوله.
وأشار أبو حامد إلى محاولات لحشد شعبي يؤيد التحركات القانونية الخاصة بتأسيسية الدستور، لاسيما وان التيار السلفي بقيادة حزب النور يحضر لمليونية طائفية في الثاني من نوفمبر لتطبيق أحكام الشريعة من منطلق أفكارهم المتشددة.
وقال أبو حامد أن القوى المدنية ستصعد الأمر بشكل قانوني في ظل ما يتاح لها، وفي حال عدم الوصول إلى حلول في هذا الاتجاه فانه هو نفسه سيذهب إلى منظمة حقوق الإنسان في جنيف لان الدستور الجديد يهدر حقوق المرأة و الأقباط والدولة الوطنية.
و أشار أبو حامد إلى وجود إشكالية في المادة الثانية من الدستور الجديد حيث يسعى تيار الإسلام السياسي المسيطر على اللجنة، إلى استبدال مبادئ الشريعة بأحكام الشريعة، وفى باب الحريات إضافة جملة بما لا يخالف شرع الله إلى جانب حقوق المرأة، من قبل التيار السلفي وذلك من واقع فهمهم للدين وهم من أكثر التيارات تشددا.
ولفت أبو حامد الذي قاد تظاهرات في 24 من أغسطس/ آب الماضي ضد ما يسمى بأخونة الدولة، إلي وجود ممارسات ذات طابع طائفي بتأسيسية الدستور، حيث لم يتم الأخذ بآراء خاصة في وضع نصوص واضحة، بعدم التمييز بين المواطنين، رغم وجود أغلبية إسلامية في البلاد، فضلا عن طرح أكثر من مسودة للدستور و السعي لعدم إجراء انتخابات رئاسية بعد طرح الدستور الجديد على حد قوله.