عمان، الأردن (CNN) -- تجمع الآلاف من ممثلي المكون المعارض الأبرز في الأردن، جماعة الإخوان المسلمين، وأنصار مجموعات الحراك الشعبي، في قلب العاصمة عمّان ظهر الجمعة، مطالبين بتعديلات دستورية تفضي إلى تقليص صلاحيات الملك وتغيير قانون الانتخاب، في تظاهرة وصفها مراقبون بأنها "الأكبر منذ بدء الحراك."
وجاءت التظاهرة التي اتخذت مسارا عكسيا للمسيرات التي تنظمها القوى الإسلامية، بعد يوم على صدور مرسوم ملكي الخميس قضى بحل البرلمان الأردني السادس عشر والدعوة إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة نهاية العام الجاري.
وتوافد الآلاف من محافظات المملكة إلى ساحة المسجد الحسيني في منطقة وسط البلد، بالتتابع ضمن ثلاثة مسارات، وسط أجواء أمنية مشددة ونشر نحو 2500 من عناصر الأمن بحسب تصريحات مسؤولين رسميين في الميدان.
وشهدت التظاهرة التي أعلن عنها منذ نحو شهر، تعبئة إعلامية متبادلة بين الجهات الرسمية وجماعة الإخوان، وتخللها تحذيرات من وقوع صدامات دامية، مع إعلان مسيرات مناوئة عزمها التظاهر بالتزامن معها، إلا أنها تراجعت عن ذلك.
وتفاوتت تقديرات أعداد المشاركين بحسب الجهات المنظمة، حيث قدرت قيادات إخوانية مشاركة ما يزيد عن خمسين ألف، فيما أشارت وكالة الأنباء الرسمية إلى "عدة آلاف" من المشاركين.
في الأثناء، حملت كلمات ممثلي مجموعات الحراك العشائرية من شمال المملكة حتى جنوبها رسائل قاسية وجهت إلى رأس النظام، من بينها رسالة وجهها حراك شمال المملكة، طالب فيها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، بأن يختار "بين شهوة الحكم ومصلحة العائلة الهاشمية من جهة وبين "مصلحة الشعب من جهة."
وفيما أكدت الحركة الإسلامية تمسكها بشعار "إصلاح بنية النظام" واستمرار رفعها في كل الميادين، ووصفت ساحة النخيل بأنها "ساحة تحرير الأردن وبأن ثورتهم سلمية."
وقال المراقب العام لإخوان الأردن، همام سعيد، في كلمته: "ها أنتم اليوم تخرجون ألوفا مؤلفة، تحاربون الفساد، بعزائمكم الصادقة، وتقاومون الاستبداد بهممكم العالية.." وتوجه بالسؤال لجموع المشاركين بالقول: "هل تريدون المشاركة في الانتخابات؟" ليجيبوا بالنفي.
وشدد سعيد الذي وصف التظاهرة "بالثورة السلمية" على أن الحركة شعارها ما يزال "إصلاح النظام" وأن هذا الشعار سترفعه الحركة في كل الميادين.
وأضاف: "شعارنا إصلاح النظام، والإصلاح الذي نطالب به هو الإصلاح الحقيقي في بنية النظام السياسي، وركنه الأساس الإصلاحات الدستورية التي تحقق سلطة الشعب على جميع مؤسساته وعلى حكامه، دون تسويف أو تأجيل أو تشكيك بقدرة الشعب على ممارسة سلطته."
وطالب سعيد بإقرار قانون انتخاب "عادل" يتمثل فيه الشعب أصدق تمثيل، ومن ثم تشكيل حكومة تعبر عن إرادة الشعب وتملك كامل ولايتها العامة.
واتسمت بعض الهتافات بسقوف غير مسبوقة أطلقها منظمو المسيرة، فيما شكلت مجموعة مشاركة سلسلة بشرية "مقيدة بالسلاسل" في لوحة تعبيرية رمزية عن 19 معتقلا وموقوفا من ناشطي الحراك متهمين بـ"إطالة اللسان" و"تقويض نظام الحكم."
وهتف المشاركون بعبارات "لا ألف ولا ألفين سمعلي أبو حسين... مسيرتنا أردنية قبل الثورة العربية" و "يا عبدالله اطلع شوف إحنا جبنا بالألوف" و"بدنا عدل وحرية مش مكارم ملكية."
وفي الإطار، حملت كلمة تنسيقية حراك محافظة إربد شمال المملكة، سبعة رسائل قاسية موجهة إلى رأس النظام، طالبت بحكومة إنقاذ وطني محذرة من أن نظام الحكم "بين خيارين إما أن يكون هذا الإصلاح بلا كلفة فيكسب الجميع أو يكون بكلفة عالية فيخسر الجميع ...وفي هذه الحالة تكون خسارة الشعب الأردنية مؤقتة أمام خسارة النظام دائمة."
وقال محمد ذينات ممثلا عن الحراك مضيفا: "أعلم أن التفرد بالسلطة وتمركزها بيدك وغياب المساءلة تتويج واضح لحكم الفرد المطلق فقد آن الأوان لتغيير المعادلة التي تستحوذ فيها أنت على 100 في المائة من السلطة مقابل 6 مليون مواطن يمتلكون صفرا من السلطة."
وأشار ذينات إلى أن شرعية أي نظام الحكم يستمدها من صناديق الاقتراع وان الشعب الأردني "لا يستجدي الإصلاح"، وأضاف: "ننصحكم بالتقاط اللحظة التاريخية التي قد لا تتكرر للتقدم بخطوات جادة وسريعة نحو الإصلاح الحقيقي.. ولن تنفعكم أية محاولة للرهان على الزمن، ننصحكم أن أعيدوا السلطة للشعب عبر حكومة منتخبة."
إلى ذلك، أكد منظمو المسيرة استمرار الحراك في الأيام المقبلة، رغم حال البرلمان وتوقعات بإعلان موعد لإجراء الانتخابات النيابية، فيما أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، سميح المعايطة، في تصريحات إعلامية في الموقع أن السبت سيتحدد الموعد لتقديم الحكومة الحالية استقالتها.
وفرضت قوات الأمن طوقا أمنيا محيطا بالجامع الحسيني منذ ساعات الصباح الباكر، ووجهت مجموعات الحراك الشعبية والعشائرية التي توافدت تباعا من نقاط أربع رئيسية في قلب العاصمة، رسائل مباشرة إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، طالبوه فيها بالاختيار بين ما وصفوه بـ"شهوة الحكم ومصالح الشعب."
ولم تشهد التظاهرة التي وصفت بالأكبر، أي احتكاكات أو مناوشات وسط حالة انضباطية لافتة على مستوى قوات الأمن وعلى مستوى منظمي المسيرة بحسب مراقبين.
وكان الناطق الرسمي باسم الأمن العام، المقدم محمد الخطيب، أكد لـCNN بالعربية ولوسائل إعلامية مختلفة، أن السلطات الأمنية ألقت القبض على 8 أفراد يستقلون ثلاث سيارات يحملون أسلحة أوتوماتيكية في محيط وسط المدينة، قادمة من شرق البلاد.
وكشف الخطيب عن توزيع 54 كاميرا رصد متلفزة لموقع المسيرة، بالإضافة إلى كوادر الأمن التي بلغ عددها 2500 عنصر أمني.
ومن المتوقع أن تستقيل الحكومة الحالية قبل منتصف الأسبوع، إلى جانب تحديد الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات موعدا الاقتراع خلال أسابيع قليلة.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.