عمان، اﻷردن(CNN)-- دفعت حوادث اعتداء متكررة بين برلمانيين أردنيين، بإطلاق موجة انتقاد لاذعة وساخرة في الوقت ذاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت يعتبر البعض منهم أن تلك التصرفات "فردية وتمثل أصحابها فقط."
وكانت الحادثة الأبرز التي شغلت الرأي العام اﻷردني وناشطين، إشهار النائب محمد الشوابكة، سلاحا ناريا على محاور، وهو نائب سابق في البرلمان، خلال حلقة نقاشيه مباشرة، بثتها قناة "جوسات" الأردنية الخاصة، بعدما وقعت مشادة كلامية ساخنة تبادلا خلالها الشتائم "والتحقير"، وتخللها رمي الشوابكة محاوره بحذائه، ومن ثم رفع عليه مسدسه الشحصي، الذي كان بحوزته.
واستحضر ناشطون وسياسيون حوادث اعتداء وعنف سابقة لبرلمانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها مشاجرة وقعت بين النائب اليساري جميل النمري، والنائب الذي تصفه وسائل إعلام بالمثير للجدل يحيي السعود، حيث قام اﻷخير أيضا بضرب زميله خلال جلسة برلمانية ، وتحت القبة، "بحذائه"، عدا عن توجيه ألفاظ وشتائم.
وانهالت تعليقات الناشطين الساخرة عبر صفحات التواصل، بين من وصف المجلس "بمجلس اﻷحذية"، وبين من أعاد دوبلاج صورة لمقاعد البرلمان تجلس عليها "اﻷحذية"، فيما وزع ناشطون صورا رسومية أخرى تشرح: " إنجازات مجلس النواب 111"، محملة بعنوان " لغة المسدسات والكنادر"، كما أهدى ناشطون آخرون صورة مدبلجة للنواب تتضمن صورة " حلبة ملاكمة" داخل القبة.
في اﻷثناء، اعتبر برلمانيون أردنيون أن التصرفات التي صدرت من بعض النواب، سواء داخل الجلسات أم خارجها، هي تصرفات تمثل أصحابها، وأنها لا تعبر عن نواب المجلس.
فيما حمل البعض رئاسة المجلس، مسؤولية التغاضي عن اتخاذ إجراءات بحق النواب"المعتدين"، وما اعتبروه بـ"الفهم الخاطئ لصلاحيات النائب."
ورفض النائب الشوابكة التعليق على حادثة إشهاره للسلاح أثناء الحوار على الهواء، لدى سوال وجهه موقع CNN بالعربية.
من جانبه، قال رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، المحامي محمود الخرابشة، إن الحادثة وقعت في غير فترة انعقاد دورات المجلس النيابي، بما لا يرتب أية إجراءات بحق النائب على مستوى المجلس."
كما أوضح الخرابشة في تصريحات لموقع CNN بالعربية، أن الحادثة لم تقع في حرم المجلس وفي غير فترة انعقاد دورات المجلس النيابي، سواء بدورة العادية أو الأستثنائية، مشيرا إلى أن الشخص المتضرر هو المعني بتحريك دعوى قضائية ضد المعتدي أمام القضاء، ﻷنها تصرفات صدرت عن مواطن في ظل رفع الحصانة عن النائب بموجب الدستور."
واستند النائب الخرابشة، إلى المادة 87 من الدستور اﻷردني التي تحدد "مفهوم الحصانة للنائب"، وتمنحه حرية الكلام داخل الجلسات، وفقا لحدود النظام الداخلي للمجلس، مشيرا إلى أن أي خروج عن اللياقة في ظل انعقاد الجلسات تعتبر من تقديرات رئيس المجلس الذي يملك صلاحيات منعه من الكلام أو إخراجه من الجلسة، أو طرح النواب قضيته خلال جلسة والتصويت على إجراء بموافقة ثلثي اﻷعضاء.
إلا أن الخرابشة، أكد أن حوادث الاعتداء لم يتخذ فيها المجلس أية إجراءات، وأنها غالبا ما يتم احتواؤها داخليا.
وقال:" لم يسبق لمجلس النواب اتخاذ إجراء تأديبي بحق النواب، بما في ذلك النواب المتغيبين عن الجلسات، وذلك يعد تقصيرا تتحمل مسؤوليته رئاسة المجلس."
وعزا الخرابشة تغاضي النواب عن اتخاذ إجراء بحق زملائهم، إلى اعتبارات اجتماعية، ولتفادي" خدش صورة النائب" أمام المجتمع الذي يعتبر صوت وإرادة قواعده الشعبية التي انتخبته للوصول إلى البرلمان.
ويتطلب رفع الحصانة عن النواب بحسب قانونيين لمحاسبتهم على أفعالهم وأقوالهم خلال انعقاد الدورات البرلمانية إلى موافقة المجلس، وبناء على المادة 86، مشددين على أن ثمة فهم خاطئ لحرية الكلام الممنوحة دستوريا، وأنها لا تنسحب على "الأفعال أو الأقوال المشينة."
من جانبه، يرى الخبير القانوني الدكتور ليث نصراوين، بأن ما يبدر من البرلماني اﻷردني" من فعل مشين خلال الجلسات "غير متعلق بأي شكل من الإشكال بمهامه النيابية وعضويته في المجلس."
وقال، إن المقصود من الحصانة البرلمانية بالتأكيد ليس توجيهها" ﻷغراض شخصية" ولغايات "تشجيع النواب على ضرب بعضهم البعض بالأحذية،" على حد قوله.
وفيما حمل نصرواين في تصريحه لموقع CNN بالعربية، مسؤولية تكرار حوادث الاعتداء إلى سوء إدارة الجلسات، اعتبر أن صورة المجلس النيابي السلبية قد وصلت إلى "مستويات قياسية " لدى الرأي العام، بسبب مواقفه السياسية، وعدم استخدام مجلس اﻷمة، من أعيان ونواب، لصلاحياته الدستورية بموجب المادة 90 التي تمنح حق الفصل للأعضاء.
وتتفق النائب في البرلمان، وفاء بني مصطفى، مع تحميل مسؤولية تكرار الاعتداءات إلى طريقة إدارة الجلسات، مشددة على أن التصرفات الصادرة عن بعض النواب هي تصرفات "فردية".
وقالت بني مصطفى، التي تعرضت لتهجم لفظي من النائب السعود ايضا، خلال إحدى الجلسات بحسب تقارير إعلامية :"نحن ضد استخدام الأساليب المخالفة للقانون، ومن واجب مجلس النواب اتخاذ إجراءات صارمة، ووضع النواب أمام الخيار القانوني."
ورأت بني مصطفى أن اﻷصل في التعامل مع قضايا الاعتداء، هو بمحاسبة كل اﻷطراف من خلال القضاء أو من خلال صلاحيات المجلس في حال انعقاد الجلسات، مؤكدة أن ما يحدث " لا يعبر عن مزاج عام داخل المجلس."
وفيما اعتبرت أن هناك بعض التقصير في الإجراءات التأديبية أضافت بالقول:" لا يجب بأي حال من الأحوال ممارسة أي إرهاب فكري بين النواب."