دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلن وزير الداخلية في الحكومة التونسية "المؤقتة"، علي العريض، رفضه تقديم استقالته على خلفية أحداث العنف التي وقعت في محيط السفارة الأمريكية الجمعة الماضية، والتي جاءت ضمن سلسلة احتجاجات شهدتها العديد من الدول العربية الإسلامية، ضد الفيلم "المسيء" للنبي محمد.
وخلال استجوابه من قبل المجلس الوطني التأسيسي، قال العريض إنه "فكر في الموضوع"، إلا أنه "لم ير الاستقالة شهامة وبطولة، في مثل هذا الوضع الذي تمر به البلاد"، حيث نقلت وكالة تونس أفريقيا للأنباء عنه قوله: "التخلي عن مسؤولياتي ليست في صالح التونسيين والبلاد، وفضلاً عن ذلك فإنه لم ينصحني بالأمر أحد."
وأضاف وزير الداخلية التونسي قائلاً: "لو كانت لي قناعة بأن الاستقالة ستفيد التونسيين، والمؤسسة الأمنية، ولن تضرها في شيء، فلن أتردد في ذلك، لكن في مثل هذا الوضع لا أرى ذلك"، مشيراً إلى أن من طلبوا منه الاستقالة "لم يكونوا يريدونه أن يكون يوماً في منصب وزير"، كما جاء على لسانه.
ونفى الوزير تقدم أي طرف بمطلب لتنظيم مسيرة يوم الجمعة 14 سبتمبر/ أيلول الجاري، مؤكداً أن الوزارة لم تمنح ترخيصاً لأي طرف في ذلك، معتبراً أن الموقع الاجتماعي "الفيسبوك" هو من أسند الترخيص للحركة الاحتجاجية بمحيط السفارة الأمريكية في ذلك اليوم.
ورداً على الانتقادات الموجهة لقوات الأمن بعدم تصديها للمجموعات المتوجهة لمقر السفارة الأمريكية بمنطقة "البحيرة"، برأ الوزير أعوان الأمن من "أي تخاذل أو تقصير أو تواطؤ مع المخربين"، مشدداً على أن دور الأمن "ليس التضييق على حرية التعبير والاجتماع، بل التصدي لكل ما من شأنه أن يخرج عن القانون"، بحسب تعبيره.
وخلال الجلسة التي عقدها المجلس الوطني، مساء الأربعاء، لـ"مساءلة" وزير الداخلية بشأن أحداث السفارة الأمريكية، كشف العريض أن من قام بإخلاء المحتجين من مقر ومحيط السفارة، هي "وحدات مكافحة الإرهاب"، مشيراً إلى أن قوات الأمن الرئاسي عززت جهود قوات الأمن والحرس الوطنيين "بعد انتهاء العملية داخل مقر السفارة."
وتوقف العريض عند موضوع "الغلو الديني"، قائلاُ إن "التعاطي مع هذا الملف لا يكون أمنياً فقط، بل يجب أن يكون تعاطياً ثقافياً وتربوياً ومجتمعياً، لأن الكل مسؤول عن التصدي له"، بحسب ما نقلت الوكالة الرسمية "وات."
كما نفى وزير الداخلية وجود تعذيب في مقرات الإيقاف، أو في غيرها من المقرات الأمنية، قائلاً بخصوص الانتقادات الموجهة لعناصر من الأمن الوطني بالتجائها للتعذيب: "لم يعد هذا الأمر ظاهرة في تونس، وأبوابنا مفتوحة للمنظمات الحقوقية للتثبت من الأمر، ولزيارة الأماكن التي يخشى ممارسة التعذيب فيها."
وشدد على قوله إن "التعذيب الممنهج لم يعد موجوداً، وما حصل ليس سوى حالات معزولة، والجهود متضافرة لمحاصرة هذه الحالات"، معتبراً أن "التعذيب لن ينتهي بالسرعة التي يتصورها البعض"، مشيراً إلى أن الأمر يقتضي تدريب "أعوان الأمن على ضبط النفس."
كما وصف العريض عدد الضحايا بأنه "كان قليلاً مقارنة بما حدث من تجاوزات"، مؤكداً أن إطلاق الرصاص كان في الهواء، وأن إطلاق الرصاص على الأرجل كان في حالات قصوى، مبيناً أن اثنين من الضحايا توفوا بسبب الرصاص، بينما توفي الآخران جراء اصطدام في ساحة المواجهات مع قوات الأمن والجيش.
ونفى وزير الداخلية علمه بأن يكون الأمن الأمريكي بالسفارة قد أطلق الرصاص، مبيناً أن الوحدات التونسية هي التي قامت بكل العمل، ومشيراً إلى أن مسألة التنسيق مع السفارة الأمريكية أو مختلف السفارات، موجود من قبل.
وعن نوعية المتظاهرين، قال إن "جزءاً كبيراً منهم خرجوا بتلقائية، وهم يعبرون عن الشعب، وجزء منهم ممن يسمون أنفسهم أنصار الشريعة، وكذلك أفراد من ذوي السوابق العدلية"، مبيناً أن "من مارسوا العنف، وحاولوا اقتحام السفارة، هم غالباً من المتشددين دينياً، ومن المنحرفين"، بحسب قوله.
يُذكر أن عشرات المحتجين، الذين قالت وكالة الأنباء الرسمية إن غالبيتهم من المحسوبين على "التيار السلفي"، قاموا باقتحام مبان ملحقة بمقر السفارة الأمريكية في العاصمة التونسية الجمعة الماضية، مما أدى إلى وقوع مصادمات مع قوات الأمن، أسفرت عن سقوط أربعة قتلى، وعشرات الجرحى من بين المحتجين، وعناصر الشرطة.