نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- أقر مجلس الأمن الدولي بالإجماع السبت، قراراً يحمل الرقم 2042، وينص على إرسال بعثة مراقبة دولية مكونة من 30 عضواً إلى سوريا لرصد الوضع على الأرض، مشدداً على وجوب حصولهم على حرية الحركة، محذراً من إمكانية النظر في "خطوات أخرى" في حال عدم تنفيذ القرار.
وأشارت مقدمة القرار إلى خطة المبعوث الدولي والعربي، كوفي عنان ونقاطها الست التي وافقت عليها الحكومة السورية، كما أكدت على "الالتزام القوي بسيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا.
ودعت المادة الأولى إلى عملية سياسية سورية تقود إلى تحول ديمقراطي ونظام سياسي متعدد، ولفتت إلى عملية "تفاوض بين الحكومة السورية وكافة أطياف المعارضة، بينما شددت المادة الثانية على وجب التزام الحكومة السورية بسحب الآليات العسكرية من المناطق السكنية ووقف استخدام الأسلحة الثقيلة وبدء سحب القوات من حول المناطق السكانية ومن داخلها.
أما المادة الرابعة، فشددت على وجوب أن تتوقف كل الأطراف في سوريا، بما فيها المعارضة، عن وقف العنف المسلح بكل أشكاله، بينما أشارت المادة الخامسة إلى قرار تشكيل بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار ومتابعة تطبيق خطة عنان، وحضت المادة السادسة دمشق على توفير حرية الحركة للفريق المتقدم من البعثة والسماح لأفراده بحرية التواصل مع الأشخاص في سوريا دون تعريض أحد للانتقام بسبب اتصاله بهم.
وبموجب المادة السابعة، فإن البعثة الأولية ستتكون من 30 مراقباً عسكريا دون أسلحة، سيتولون تقديم تقارير عن مدى الالتزام بوقف إطلاق النار، على أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بإبلاغ مجلس الأمن عن أي عراقيل تعترض البعثة.
وكرر القرار دعوة الحكومة السورية إلى الوفاء بالتزاماتها لجهة السماح بإدخال مواد إنسانية والتعاون مع المنظمات الإغاثية، وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقرير حول مدى التقدم في تطبيق القرار في 19 أبريل/نيسان الجاري، محذراً من أن مجلس الأمن يعتزم تقييم خطوات مناسبة أخرى في حال عدم تطبيق القرار.
وقد تحدث المندوب البريطاني بعد التصويت قائلاً إن مبادرة عنان تقدم "فرصة أخيرة،" معرباً عن أسفه لمرور القرار بعد عام من سفك الدماء، مشيراً إلى سقوط عشرات المدنيين منذ إعلان دمشق التزامها بوقف إطلاق النار في 12 أبريل/نيسان الجاري، بينما تستمر الآليات بالانتشار في المناطق السكنية.
وأوضح المندوب البريطاني أنه في حال نجاح البعثة الحالية فسيمهد ذلك لبعثة أكبر، مشدداً على أن القرار "واضح بما يخص التزامات الحكومة السورية التي عليها وقف إدخال الآليات للمناطق السكنية والتزام وقف إطلاق النار وتنفيذ مقترحات النقاط الست وتضمن حرية التحرك والاتصال للمراقبين،" داعياً المعارضة بدورها إلى وقف العنف.
أما المندوب الروسي في المجلس فقال إن الوضع في سوريا لا يؤثر عليها فحسب، بل على أمن المنطقة أيضاً، محذراً من الخيارات العسكرية بالتعامل مع الوضع السوري، وأشار إلى أن بنود القرار لا تتعلق بنظام دمشق فحسب، بل بـ"مجموعات المعارضة أيضاً،" كاشفاً عن أن مشروع القرار "مر بتعديلات كثيرة لجعله أكثر توازنا."
أما المندوب الألماني، فقد انتقد النظام السوري، قائلاً إن التقارير حول عمليات عسكرية وخروقات تقوم بها قوات الجيش السوري مستمرة، ودعا دمشق لوقف التحركات العسكرية وإعادة قواتها إلى ثكناتها، معتبراً أنه عند تحقق ذلك "سيكون هناك فرصة للتفاوض."
وأشاد المندوب الألماني بالتزام المعارضة وقف القتال رغم تعرضها للقصف من قبل القوات الحكومية "حتى اللحظات الأخيرة،" مضيفاً أن على الحكومة السورية أن تضمن للفريق الأولي والبعثات اللاحقة إمكانية القيام بمهامهم بشكل كامل، داعياً لإرسال "إشارة واضحة بأن أي إعاقة سيكون لها تداعيات."
أما المندوب الصيني، فقال إن بلاده تؤكد على "وحدة وسلامة الأراضي السورية واحترام خيارات الشعب السوري وحل القضية بالسبل الدبلوماسية،" وأعرب عن أمله من الفريق الدولي بأن "يحترم سيادة سوريا وتفويض مجلس الأمن" كما تمنى على الحكومة السورية والأطراف الأخرى أن التعاون معه.
من جانبها، اتهمت ممثلة أمريكا في مجلس الأمن، سوزان رايس، القوات السورية بأنها "أطلقت النار بشكل وحشي على المشيعين بحلب وقصفت حمص بعنف،" وأشادت بالمقابل بالتزام المعارضة السورية بالتهدئة رغم ما تتعرض له.
وقالت رايس إن الدبابات تخنق الناس بالمناطق السكنية وهي مستعدة لشن هجمات بأي وقت، بينما ينشط القناصة في العديد من المناطق وتبقى القرى مقطعة الأوصال."
ورأت رايس أن معاناة الشعب السوري "طالت أكثر مما يجب" مشيرة إلى أن السوريين تظاهروا لأشهر بسلمية كاملة، ولكنهم اضطروا للرد بعد تعرضهم للقمع، وشككت في التزام النظام السوري بالتهدئة قائلة: "العنف المستمر في سوريا يجعلنا نشك في نية النظام السوري وقفه، يصعب تصديق أن دمشق ستفي ."
أما مندوب سوريا، بشار الجفري، فطلب المداخلة قائلاً إنه مسرور لاعتراف المجلس بوجود ما وصفها بـ"العصابات المسلحة،" معتبراً أن بلاده تعاون مع عنان وهي "ترحب ببعثة المراقبة تحت السيادة السورية التي يعتبرها الشعب السوري خطاً أحمر،" مشيراً إلى أن التفاوض حولها مستمر الوفد الفني.
واعتبر الجعفري أن "الأعمال الإرهابية" تصاعدت منذ قبول دمشق بخطة عنان عبر "الهجمات على القوات الأمنية وتهجير السكان إلى مخيمات معدة مسبقاً في دول مجاورة لخلق أزمة تبرر إنشاء مناطق عازلة واستدعاء التدخل الخارجي."
وتحدث الجعفري عن "هناك سوء نية لبعض دول المجلس عبر عدم مساءلة الجماعات المسلحة عن اعتداءاتها،" وقال إن خطة عنان "لا يمكن أن تنجح دون التزام الدول التي تدعم الجماعات المسلحة بوقف دعمها وتوفير الملاذ الآمن لها."
وانتقد الجعفري مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي انعقد في تركيا قائلاً إنه "وفر آلية تمكن دول الخليج من تمويل الجماعات المسلحة عبر رواتب في مؤتمر اسطنبول،" وانتقد تصريحات المسؤولين السعوديين والقطريين حول بلاده، معتبراً أن سعر صرف الليرة السورية يخضع لـ"تلاعب خارجي."
وأضاف الجعفري: "ما يجري بسوريا تصفية حسابات إقليمية تقوم على ضرب العروبة بالإسلام السياسي المتطرف، عبر نشر التطرف بالمنطقة من خلال صدامات لتفتيت المنطقة لإنهاء آخر موقع من مواقع التعايش والتفاهم،" وأشار بشكل غير مباشر إلى الولايات المتحدة قائلاً إنه يتمنى من الدول الداعمة للقرار "التزام القرار وعدم إرسال مساعدات قاتلة أو غير قاتلة للمسلحين" على حد وصفه.