دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- دان المجلس الوطني السوري، أكبر تجمع للمعارضة في البلاد، عملية اختطاف مجموعة من اللبنانيين الشيعة خلال عودتهم من رحلة زيارة دينية إلى إيران، داعياً عناصر "الجيش الحر" المنشق عن النظام إلى بذل قصارى جهدهم لتحريرهم، دون استبعاد تورط عناصر حكومية في العملية، بينما توقع وزير الخارجية اللبنانية الإفراج عن المجموعة خلال الساعات المقبلة.
وجاء في بيان المجلس الوطني إنه تلقى "بقلق بالغ" نبأ خطف مجموعة من الأخوة اللبنانيين لدى دخولهم إلى الأراضي السورية من تركيا، إثر زيارة لبعض الأماكن الدينية في إيران،" وطالب بـ"الإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط."
ودعا المجلس العناصر المنشقة عن النظام، والتي اتهمتها أسر المختطفين بتنفيذ العملية لأجل مبادلتهم بسجناء لدى النظام، إلى "بذل كل ما في وسعهم للعمل على تحرير الأخوة اللبنانيين المخطوفين بأسرع وقت،" مضيفاً أنه "لا يستبعد تورط النظام السوري المخابراتي في هذه العملية لإثارة الاضطرابات في لبنان الشقيق الحاضن للنازحين والجرحى والمضطهدين من أبناء الشعب السوري."
من جانبها، نقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية عن وزير الخارجية، عدنان منصور، قوله في حديث إذاعي إنه "تبين مكان وجود اللبنانيين الذين اختطفوا في محافظة حلب،" مشيرا إلى أنه "سيتم الإفراج عنهم في خلال الساعات المقبلة."
وأوضح أنه أجرى سلسلة اتصالات مع عدد من الوزراء العرب، ومع وزير الخارجية التركي، داوود أوغلو، والأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، كاشفا أن مسؤولا عربيا كبيرا "أبلغه بمكان وجود اللبنانيين،" معتبرا أن "ما حصل هو عملية ابتزاز لتصفية حسابات،" دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وكانت مصادر رسمية سورية ولبنانية قد أكدت الثلاثاء، اختطاف 11 لبنانياً، بالإضافة إلى سائق سوري، قرب مدينة حلب شمالي سوريا، أثناء عودتهم من إيران، في هجوم لقي استنكاراً واسعاً من قبل مختلف القوى اللبنانية، وفي مقدمتها "حزب الله" الشيعي.
وذكرت وكالة الأنباء السورية أن "مجموعة إرهابية مسلحة"، في إشارة إلى مسلحي "الجيش السوري الحر"، الذي يقود المعارضة المسلحة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، أقدمت على اختطاف 11 لبنانياً، ومواطن سوري، هو سائق الحافلة، خلال عودتهم من إيران إلى لبنان، عن طريق حلب.
ونقلت الوكالة الرسمية عن محافظ حلب، موفق خلوف، قوله إن "المجموعة الإرهابية اختطفت اللبنانيين والسوري من بين 52 شخصاً، كانوا في حافلتين عائدتين من إيران عبر تركيا، في بلدة السلامة بمنطقة إعزاز بريف حلب"، مشيراً إلى أن "عناصر المجموعة الإرهابية أطلقوا سراح النساء"، وتعمل الجهات المعنية لنقلهم إلى لبنان.
وفي بيروت، عبرت العديد من الشخصيات والقوى السياسية عن إدانتهم لعملية اختطاف اللبنانيين، الذين يُعتقد أن جميعهم من الشيعة، كانوا في زيارة إلى الأماكن المقدسة في إيران، مما أثار مخاوف من تجدد الاضطرابات واندلاع مواجهات طائفية بين السُنة والشيعة في لبنان.
ففي مداخلة مع تلفزيون "المنار"، التابع لحزب الله، سعى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى طمأنة أهالي "الزوار المختطفين"، بقوله: "إنني أتعاطى والرئيس (نبيه) بري (رئيس مجلس النواب، وهو شيعي أيضاً) مع الموضوع بمسؤولية كبيرة جداً، وبدأنا بالعمل على الملف قبل أن يصدر بالإعلام.. هذا الموضوع هو مسؤوليتنا كما لو أن أولادنا هم المخطوفون."
إلا أن نصر الله تابع بقوله: "على الدولة أن تتحمل مسؤولية العمل بالدرجة الأولى، للعمل على تحريرهم، الرئيس (نجيب) ميقاتي (رئيس الحكومة) والرئيس بري باشرا باتصالات في هذا الإطار، ونحن أيضاً بدأنا باتصالات جانبية، المسؤولية أولاً مسؤولية الدولة، ونحن أيضاً نساعد بهذا الإطار."
وأضاف زعيم حزب الله: "حديثي موجه للعائلات، سواء كانوا في بيوتهم أو على الطرقات، ولكل المواطنين الذي يشعرون بتعاطف خاص مع هذه الحادثة.. كلامي باسم الرئيس نبيه بري، وباسمي، وقيادتي حزب الله وأمل.. ما أقدمت عليه مجموعات مسلحة من عملية اختطاف، أمر مدان.. الأولوية لكيفية معالجة هذا الأمر."
وأشار الزعيم الشيعي إلى حالة الاحتقان في الداخل اللبناني، بقوله: "البلد محتقن، ونريد تعاوناً من قبل الجميع، وتحديداً من قبل الأهالي الذين إن أرادوا الاعتصام، فهذا حقهم الطبيعي.. ولكن يجب ألا يلجأوا إلى قطع الطرقات، لأننا نخشى أن يدخل أحد على الخط، ويفتعل مشكلاً مع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية."
وأضاف: "أتمنى على كل أهالي الضاحية (في إشارة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، التي يعيش فيها غالبية من الشيعة)، وكل المناطق، ألا يقطعوا الطرقات، فهذا لا يفيد بشيء"، وحذر من الرد بالمثل بقوله: "ممنوع وحرام خطف رعايا سوريين في لبنان، في مقابل اختطاف الزوار في حلب."
من جانبها، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، زعيم تيار "المستقبل"، أحد أبرز القوى السياسية السُنية في لبنان، أجرى اتصالاً هاتفياً، مساء الثلاثاء، مع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، تم خلاله تبادل الآراء في شأن ظروف خطف "الحجاج" اللبنانيين في سوريا.
وخلال الاتصال، كرر "الرئيس" الحريري استنكاره الشديد لعملية الخطف "أياً كانت الجهة التي تقف وراءها"، وعبر عن "تضامنه الكامل مع عائلات وذوي المخطوفين"، مؤكداً "ضرورة بذل كل الجهود الممكنة، والعمل يداً واحدة من أجل الإفراج عنهم، وعودتهم سالمين إلى عائلاتهم ووطنهم"، بحسب الوكالة الرسمية.