دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "لا مرجعية لي بسوريا الحلم، إلا أن تعود سوريا لنفسها. وسوريا كما عشناها هي سوريا التي قوتها بغناها وتعددها واختلافاتها، وليس في صراع هذه الاختلافات"، هذا ما عبر عنه المخرج السوري محمد ملص بنظرته إلى وطنه الأم، وكل ما يعانيه من عنف وقتل وتهجير، وذلك على هامش عرض فيلمه "سلم إلى دمشق"، خلال فعاليات الدورة العاشرة لـ"مهرجان دبي السينمائي الدولي."
اقرأ أيضا.."سلم إلى دمشق"..هواجس الموت والتوق إلى الحرية
وقال ملص في مقابلة مع شبكة CNN بالعربية، إن "الأمر خرج من أيدينا نهائياً. سواء كان النظام أو المعارضة، فالأمر بات خارج أيديهما، وبالتالي، أنا ايماني الكامل والحقيقي أنه حتى يحقق شعب ما يريد، ليس أمامه إلا أن يلتحم ويناضل."
ورد ملص على سؤال حول رمزية "الحراك المدني" الذي أظهره في فيلمه، والشباب الحر، الذين هم الأضعف أمنياً بسبب عدم انحيازهم لجهة دون أخرى، قائلا إنه "إذا كنت صادقاً في تعبيرك عن نفسك، فأنت تطالب بما تريده بكل قوتك وإرادتك ووعيك. وربما كان الوعي أكثر الأشياء المطلوبة فيما يحدث. ولكن السقوط في الإيديولوجيات المغلقة سواء كانت دينية أو وطنية أو قومية، يمثل المأزق الراهن لما يتعرض له الجيل الجديد."
اقرأ أيضا..بن معاطي: وسائل التواصل الاجتماعي انتهت بتونس
وأوضح ملص أن "جيل اليوم الذي نشأ على هذه الفرصة الكبيرة المتاحة أمامه للانفتاح على العالم، لا يمكن لك أن تعيده إلى القن الذي أردت أن تحبسه بداخله، فهو جيل منفتح وواعي، ولكن وعيه السياسي هو الوعي القاصر. وبالتالي بدلا من أن أتوجه بالنصح إليه، أنا أطالب من نفسي بأن أجد طريقة للتعبير عنه بصدق وبعمق أكثر مما يمكن."
وأضاف المخرج السوري أن "لا أحد يحمي الإنسان الحر. ودائماً من يحميه يريد أن يقتنصه ويضعه تحت إبطه. حينما يكون الإنسان حراً لا يجد من يحميه إلا نفسه."
اقرأ أيضا..فيلم "أولاد عمار" ينقل ثورة تونس من الافتراضي للواقع
أما عن رأيه بمستقبل السينما السورية في ظل الأوضاع الراهنة، فقال ملص إن "السينما في سوريا تتمتع بخصوصية، والسينما السورية إنتاجها قليل، والإنتاج ممسوك بقبضة المؤسسة العامة للسينما والتي هي جهة حكومية عمرها أكثر من 40 عاما، ولا تتيح الفرصة لأي نظرة نقدية"، مؤكداً أن "السينما عاشت واستمرت على هذه القواعد حتى تكون موالية لما هو موجود."
اقرأ أيضا..المخرج اللبناني محمود قعبور: الجالية العمالية مهمشة بالإمارات
واعتبر المخرج السوري أن "السلطة دائماً ضد التغيير، وهي تقبض عليك وتريدك أن تبقى بيدها."
وقال ملص إن "السينما الحرة أو المستقلة في سوريا هي سينما قليلة ونادراً ما تمكنت من أن تحقق الكثير من الأفلام. وسعيت منذ أن توقفت عن العمل في المؤسسة العامة للسينما في العام 1992، أن أحقق سينما مستقلة عن القطاع العام، حتى تمتلك الحرية بالتعبير."
اقرأ أيضا.."بطل المخيم": فقراء آسيا يبنون مدن أحلام بالخليج
وأوضح أن "هذا السعي لتحقيق سينما مستقلة، لم يقتصر علي وحدي، بل كنا عدداً من السينمائيين السوريين الذين استمروا بعملهم من أجل ذلك، وبالتالي يجب أن لا نحمل حال السينما في سوريا الكثير من الإمكانيات، إذ ما زالت سينما حرة في بداية طريقها."
ويذكر أن ملص عاد ليصور العاصمة السورية في "سلم إلى دمشق" الذي يتناول رمزية الحركة الاحتجاجية السورية، مستندا إلى حكايات عدد من الشباب من كل الطوائف، لرصد يوميات القلق والخوف من المجهول المقبل.
اقرأ أيضا..فيلم "فتاة المصنع": مصريات يحتفين بالجسد والروح
ويصور الفيلم ملامح من الثورة السورية، وتأثيرها على حياة الشباب، الذين أتوا من مختلف المناطق والانتماءات السورية، ليسكنوا في البيت الدمشقي القديم.
وولد ملص في العام 1945. وهو رائد من روٌاد السينما المستقلٌة في سوريا. ونشأ في ظلّ حروب ونزاعات عدة، في المنطقة، لعبت دوراً محورياً في أعماله لاحقاً. واشتُهرت أفلامه الروائية الطّويلة والوثائقيّة دوليًا، إذ فاز بعددٍ من الجوائز في مهرجانات سينمائيّة حول العالم. ومن أهمّ أفلامه: "أحلام المدينة" 1983، "اللّيل" 1992، و"باب المقام" 2005. ووصف العديد من النّقاد والفنّانين أفلام محمّد ملص بأنّها "شعر بصريّ". وتمثّل مواضيع الحريّات الشّخصيّة والظّلم والطّغيان محاور رئيسية في أعماله.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.