CNN CNN

رأي: رجل ثلج يروي قصة أطفال اللاجئين السوريين

بقلم الزميل بيتر ويلكينسون
الأحد، 12 كانون الثاني/يناير 2014، آخر تحديث 17:00 (GMT+0400)

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- يجلس طفل صغير إلى جانب رجل ثلج صنعه ويبتسم، ليس لديه معطف أو قفازات أو قبعة تقيه من البرد القارس، لكن للحظة يترك الحزن الذي يعيشه على أرض واقع مخيم للاجئين السوريين في لبنان.

قد لا نعرف اسمه، لكنه واحد من 842 ألف لاجئ سوري يقضون شتائهم في لبنان بعد الهروب من الحرب الدامية التي تدور منذ ثلاثة أعوام في سوريا.

أرقام "صاعقة".. لاجئ سوري كل 15 ثانية

ظنوا بأنهم هربوا من الأسوأ، إلى أن أتت عاصفة "أليكسا" محملة بالثلوج والأمطار ودرجات التجمد في المنطقة، ورغم سوء الأحوال، إلا أن الثلوج حلت ضيفاً جديداً.

التقطت هذه الصورة من قبل مصور CNN كريستيان سترايب خلال تجوله في مخيم عرسال التابع للأمم المتحدة في وادي البقاع بلبنان، الذي يعد منزلاً لأكثر من 40 ألف لاجئ حالياً.

وقال سترايب: "لقد رأيت رجل الثلج أمام خيمة وظننت بأنه سيصلح لصورة جميلة"، وأضاف "لكن الصبي ظهر وابتسم خلال التقاطي لصورته، لكنه نظر بعيداً بعدها ناظراً إلى عدد من الأشخاص المتجمعين، كان الوقت متأخراً وأردنا الانتهاء من التصوير، لم يتسع لي الوقت للتحدث إليه."

وقال: "أنظر فقط إلى هذه الابتسامة البريئة، ورجل الثلج يرمز للكثير من المعاني، فالجميع مرتبط برجل الثلج، ولم تخلو طفولة أي منا من صنع أحدهم، ورجل الثلج هذا بالذات، بالرغم من ضآلته، تمكن من رسم الابتسامة على وجه طفل يملك القليل في حياته."

وأشار سترايب إلى أنه صدم بمدى الكبرياء الذي يحمله الأطفال رغم شعورهم بالجوع والبرد، ورغم عدم وجود ما يحمي أرجلهم إلا نعال بلاستيكية، حسب قوله.

وقال: "الأطفال متواجدون في كافة أنحاء المخيم، ومع توفر الكثير من الوقت يحومون ويجدون ما يمكنهم التسلي به."

 

خديجة وأمجد

 

خديجة وشقيقها أمجد أتوا من مدينة حلب، التي شهدت قصفاً شديداً خلال حمام الدم الذي تعيشه سوريا.

ويقول مراسل CNN محمد جمجوم، إنه يذكر لحس العالي لدى الأطفال للاستمتاع بوقتهم، ورغم البرد القارس، مشيراً إلى أنهم "يحاولون التشبث بأي شيء يذكرهم بطفولتهم، لذا قرروا بناء رجل ثلج."

يونيسيف: 40% من أطفال سوريا خارج المدارس

والتقطت هذه الصورة في الموقع ذاته الذي التقطت فيه صورة الفتى مع رجل الثلج، ويقول جمجوم : "ترغب بمساعدتهم لكن تشعر بقلة الحيلة، ستظل على الدوام الشخص الغريب مع الكاميرا الكبيرة، لكنهم يرغبون بالتحدث عن وضعهم بشدة." ويضيف "كل حوار ينتهي بجملة واحدة: 'أود العودة إلى منزلي'"

لكن يبدو وأن هذا لن يحصل في القريب العاجل، إذ يرجح بأن هؤلاء الأطفال السوريين في لبنان لن يعودوا إلى وطنهم قبل بلوغهم، وفي الوقت الذي استوعب فيه لبنان أكبر عدد من اللاجئين، إلا أن الأمم المتحدة تتوقع أن أكثر من 1.5 مليون لاجئ بنهاية عام 2013، في بلد يصل عدد سكانه إلى 4.2 مليون نسمة فقط.

 

 

انطلق الصبي السوري خلال قتال بالثلج في مخيم عرسال الاثنين، ويقول جمجوم : "وقفنا لنشاهد منظر ستة صبيان يلعبون مستمتعين خلال توزيع المساعدات"، وأشار إلى أن السوريين يمكنهم أن يفعلوا المستحيل للوصول إلى لبنان بصرف النظر عن الأوضاع السيئة التي يعيشونها عند وصولهم."

وشارك جمجوم قصته مع المصور سترايب عندما رافقوا الفرق الطبية خلال حقن أطفال بعمر الخمسة أعوام بمطاعيم ضد الأمراض خلال زيارة سابقة لمخيم عرسال، في مشهد وصفه "بكسر الفؤاد"، وقال :" هؤلاء الأشخاص يعيشون في مياه الصرف الصحي ويسيرون بين الأوساخ والنفايات البشرية."

 

يعقوب

 

ويعيش يعقوب في موقع للخيم التابعة لمفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والتقطت هذه الصورة الاثنين، عندما وزع موظفو الأمم المتحدة البطانيات والملابس وقسائم لتعبئة الوقود والأفران للاجئين، وقال حينها لجمجوم إنهم سعيدون بوصول مثل هذه المساعدات، لكنها لن تكون كافية.

أما الأطفال الأصغر من ثمانية أعوام هم أكثر قدرة على تحمل الظروف الصعبة وفقاً لجمجوم الذي يقول إن : "يسير هؤلاء الأطفال بنعالهم دون أن يلبسوا جوارب رغم البرد، لكنهم يأتون إلي طالبين التقاط صورهم، يمكنهم التمسك بشظايا طفولتهم بسبب قوتهم."

لكن المشاعر تختلط لدى الأطفال الذين يكبرونهم بعامين أو ثلاثة، ويضيف جموجوم: "لا زالوا يافعين لكن إدراكهم لوضعهم يشعرهم بالغضب... كل ما من حولهم يجبرهم على أن يكبروا قبل أوانهم."

بشار الأسد.. رئيس سوريا بمحض صدفة

والوضع ليس بالأسهل بالنسبة للآباء والأمهات الذين يحاولون العثور على طريقة لتنظيم حياتهم وسط الفوضى، وعند سوء الأحوال الجوية تتسرب المياه إلى أرض خيمهم، ويحتاجون إلى أرضيات اسمنتية، وتقول الأمهات: "نتمكن لو كان بإمكاننا كسب القليل من المال، ونتمنى أن يتلقى أطفالنا التعليم اللازم."

 

غازي

 

يعيش غازي في عرسال أيضاً ويقول جمجوم: "طلب مني أن ألتقط صورته وكان فضولياً حول ما نعمل على تصويره... إنه يفتقد وطنه لكن لديه أصدقاء هنا، وقال إنه يشعر بالبرد لكنه رأى بأن الوضع سيتحسن لتوزيع المساعدات الشتوية."

 يتوجب على هؤلاء الأطفال أن يكونوا في المدرسة، لكنهم يحاولون مساعدة أهاليهم في معركة البقاء على قيد الحياة مع آلاف غيرهم في المخيم.

ويقول جمجوم: "التقيت صبياً بعمر 12 عاماً في مخيم عرسال وكان بحوزته لدى وصوله شيء واحد، حزمة من شهاداته المدرسية، والآن يعمل في جمع البيض في أحد المزارع أو في مواقع البناء."

وفي المدن يساعد الأطفال أهاليهم ببيع المناديل الورقية أو بتلميع الأحذية، وقال جمجوم: "لمحت في بيروت عشرة أطفال جميعهم تحت سن السابعة، يقومون بالشحادة مع أمهاتهم، تحذر الأمم المتحدة من الجيل الضائع لسوريا، لكن أراه على أرض الواقع أمامي، يرغبون بالعودة إلى سوريا لكن الحرب تحولهم دون ذلك."

وأضاف: "إن الأمم المتحدة طالبت ب، 6.5 مليار للمساعدات البشرية، لكن من الصعب العثور على التبرعات الكافية، في الوقت الذي ينجلي فيه حجم المعانة التي يعيشها اللاجئون.. إنها أزمة إنسانية مأساوية، وتسوء أكثر ساعة بعد الأخرى."



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.