أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- في العقد التاسع من القرن الماضي جال مفتشو الأمم المتحدة في أنحاء العراق، بحثا عن مخزونالأسلحة الكيماويةلنظام الرئيس الراحل، صدام حسين، في مهمة أشبه بلعبة "القط الفأر" بين تصريحات النظام والتقارير الاستخباراتية الغربية المتضاربة بشأنها.
وانتهت المهمة هناك بإشراف لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة بتدمير أكثر من 40 ألف ذخيرة كيماوية، وقرابة نحو نصف مليون ليتر من العناصر الكيماوية، و1.8 مليون ليتر من العناصر الداخلة في تركيبها، بالإضافة إلى قواذف، من بينها رؤوس حربية لصواريخ باليستية.
قد تعطي تلك المهمة، لمحة سريعة عن العوائق والعقبات الماثلة أمام تأمين ونقل أو تدمير الترسانة السورية الهائلة من المواد الداخلة في صناعة الأسلحة الكيماوية، فبحسب أحدث تقرير أصدره المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب" في إسرائيل، فقد بلغ المخزون السوري من الأسلحة الكيماوية قرابة ألف طن منذ فترة الثمانينيات، موزعة على 50 موقعاً مختلفا.
والثلاثاء، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنه يعمل مع الجانب السوري، على خطة "محددة" لنقل الأسلحة الكيماوية، التي قدرت وزارة الدفاع الأمريكية، العام الماضي، أنها بحاجة إلى 70 ألف جندي لتأمينها، وهو سيناريو تم وضعه فقط لتوضيح ضخامة هذه المهمة، إذ استبعدت إدارة أوباما نشر قوات برية في سوريا، لدى طرحها، في وقت سابق، خطط عمل عسكري محتمل ضد نظام دمشق.
وتتضح "ضخامة" مهمة تأمين الكيماوي في سوريا، لجهة نشرها في عشرات المنشآت بأنحاء متفرقة في البلاد، وقال جميس كلابر، مدير الاستخبارات القومية في مارس/آذار الماضي: "البرنامج السوري للأسلحة الكيماوية عموما واسع ومعقد ومشتت جغرافيا في مواقع للتخزين والإنتاج والإعداد."
وفي الوقت نفسه، لفتت دراسة إسرائيلية إلى وجود خمسة مراكز أبحاث وإنتاج رئيسية، معظمها في الشمال، بجانب مركز أبحاث رئيسي في دمشق.
ومن عدد من التساؤلات المطروحة حيال شأن الترسانة السوري، يبرز السؤال التالي: هل سيجري التخلص من الترسانة الكيماوية؟ وهي سيعمل المفتشون تحت مظلة الأمم المتحدة؟ وعدد الطواقم اللازمة لإنجاز المهمة؟
تبدو المظلة الأممية هي الخيار المقبول من كافة الأطراف، فروسيا وسوريا لن تقبلان بمفتشين غربيين دون تفويض من الأمم المتحدة، كما أن أمريكا لن تقبل مطلقاً سيطرة روسية على المهمة.
ويقول خبراء إن نقل ترسانة سوريا الكيماوية يتطلب خطة طموحة ومستفيضة بمشاركة مئات المفتشين والتقنيين (شارك أكثر من ألف فرد من 40 دولة مختلفة في عمليات يونسكوم بالعراق."
وتبقى العديد من الأسئلة عالقة بشأن مهمة الكيماوي في سوريا، منها، كم من هذه المنشآت ستفتح دون عوائق أمام المفتشين:
تعرف الأسلحة الكيماوية بأنها "نووي الفقراء" نظراً لرخص تكلفة إنتاجها، وقد حددت دراسات أكاديمية العديد من المصانع المختلفة كمنشآت مرتبطة ببرنامج الأسد الكيماوي، منها مصانع لإنتاج السماد ومصافي لإنتاج النفط.
كيفية تأمين تحركات المفتشين وسط المعارك
واجه فريق التفتيش بالعراق عقبات لا حصر لها من قبل نظام صدام لإعاقة وتعطيل مهام تفتيش نحو 120 منشاة مختلفة، والأمر يختلف في سوريا إذ سيعمل الفريق في مناطق خاضعة لسيطرة النظام وأخرى للمعارضة وهناك صعوبة في التنقل بين تلك المناطق، بجانب تسجيل زيارات تفتيشية "مفاجئة" لضمان عدم إخفاء أو نقل الأسلحة الكيماوية.
لقد استغرق النظام أشهرا للتوصل إلى شروط عمل لجنة التفتيش الأممية الأخيرة في سوريا، وسمح لها زيارة ثلاثة مواقع فقط (قبل هجوم 21 اغسطس/آب، حيث سمح للمفتشين بزيارة الموقع.)
كيفية تأمين نقل المخزون الكيماوي الضخم
ويعتبر نقل مئات الاطنان من المواد الكيماوية في بلد تطحنها حرب أهلية دموية تحديا لوجيستيا هائلاً، كما أن هناك مخاوف من سقوطها بأيدي الجماعات المتشددة عند تحريكها، إلا أن هناك حقيقة مطمئنة، وهي أن تلك الترسانة سلاح ثنائي، ما يعني أنها عناصر كيماوية منفصلة لا تصبح سلاحا كيماويا فتاكا، إلا عند مزجها.
وتبقي عدة أسئلة مطروحة دون إجابة منها الإطار الزمني لإنجاز المهمة، ومن الذي سيحدد إذا ما كان النظام السوري يتعاون بالكامل مع فريق التفتيش، ومن الذي سيوقف نظام الأسد من بدء برنامج كيماوي جديد؟
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.